14 اكتشافا جديدا للنفط والغاز في السعودية    «حساب المواطن» يودع 3 مليارات ريال دعماً لمستفيدي أبريل    الرياض وجدة تحتضنان بطولات الهوكي للناشئين    التقنيات الحديثة على طاولة رؤساء ديوان المظالم في العُلا    العالمي يزيد الراجحي يواصل مشواره البطولي في باها الأردن    ارتفاع عدد ضحايا انهيار مبنى بالدومينيكان إلى 184 شخصًا    د. محمود الجرف يفوز بجائزة وينبرغر العالمية    أمطار رعدية ورياح نشطة تؤثر على عدة مناطق في المملكة    شركة بترومين وإلكترومين تتعاون مع فريق نيسان فورمولا إي استعدادًا لسباق ميامي إي بري    مدرسة الملك عبد العزيز في صبيا تعقد لقاء استعراض بطاقة أداء المعلم    90 دولة تشارك بمهرجان الثقافات والشعوب    الإحصاء تنشر نتائج مؤشر الرقم القياسي للإنتاج الصناعي لشهر فبراير    محافظ أبو عريش: إنجاز الكواكب مشرف    وزير الخارجية يلتقي مستشار الأمن القومي الأمريكي    محافظ الطوال يعزي أسرة المرحوم الشيخ عبدالرحمن بن حسين النجمي    محافظ بيش ينقل تعازي سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه لذوي الطالب معاذ شيبة    «السمان».. زائر موسمي للشمالية    كنوزنا المخبوءة    نمو سجلات التجارة الإلكترونية    عيدية أبو سلمان لأهل الرياض.. كسر احتكار العقار    في الجولة ال 27 من دوري روشن.. الاتحاد يستقبل العروبة.. والهلال في ضيافة الاتفاق    سان جيرمان يعبر أستون فيلا بثلاثية ويضع قدمًا في نصف النهائي    برشلونة يقسو على دورتموند ويضع قدماً في نصف نهائي أبطال أوروبا    ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية    الصين تنفي إرسال جنود للمشاركة في الحرب بأوكرانيا    اكتشاف كواكب تبعد عن الأرض 6 سنوات ضوئية    العراق يحدد 11 نوفمبر موعدا للانتخابات البرلمانية    أسرتا الصفيان والعديلي تحتفلان بزواج «محمد»    جمعية الإدارة الصحية بالشرقية تقيم «عيدنا أنتم 5»    آل أبو نار وآل الشدوخي يتَلقون التعازي في فقيدهم علي    ولادة ظبي رملي بمحمية الأمير محمد بن سلمان    فيلم "إسعاف" ينطلق في السينما السعودية 17 أبريل    عبير تكرم الفائزين ب «الأقلام الواعدة»    نمو تراخيص مرافق الضيافة 89 % في 2024    الاستقالة فنّ لا يتقنه إلا الأذكياء    صندوق النفقة    من إيريك فروم إلى الذكاء الاصطناعي    مملكة الخير وميلاد قطب جديد    العبدلي: تنتظرنا مباراة صعبة في الشارقة    الصبر على أذى الآخرين.. سمو النفس ورفعة الأخلاق    تحت رعاية الملك.. حَرم خادم الحرمين تكرم الفائزات بجائزة الأميرة نورة    وكر الكوميديا    لماذا لا يكتب المحامي مثل الدعوجي؟    أطفالنا لا يشاهدوننا    الحسد    حين يتصدع السقف    الإيرانيون متشائمون بعد توتر وعقوبات على مدى عقود    "جوازك إلى العالم" يحتفي بالجالية السودانية في الخبر    صم بصحة نموذج تكامل بين المجتمع والتجمعات الصحية    الكوليرا تحصد الأرواح في جنوب السودان    الغارات الأمريكية مستمرة لإسقاط الحوثيين    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبدالله بن مساعد آل عبدالرحمن    سطوة المترهلين في الإدارة    أمير حائل يستقبل رئيس الهيئة العليا للحج والعمرة بجمهورية العراق ووزير الحج والعمرة    وزير الدفاع ونظيره العراقي يبحثان تعزيز التعاون العسكري    إنجاز طبي سعودي.. استئصال ورم في الجمجمة بالمنظار    التصوير بالرنين المغناطيسي يضر الجسم    النقل الإسعافي يستقبل 5 آلاف بلاغ بالمدينة المنورة    









أبناء الوطن.. خدم وسائقون!
نشر في الشرق يوم 05 - 01 - 2012

(عمر) و(يارا) لم يعلما أن الحياة ستكون مختلفة بالنسبة لهما بعد التخرج من الجامعة، فحتى وقت قصير كانا يؤمنان بانتمائهما لهذه الأرض، عبرا عن حبهما للوطن عندما كانا على مقاعد الدراسة ليس بتقمص الشخصية السعودية بل حتى في (دفاتر) مادة التعبير وعلى أوراق كراس الرسم، ف(عمر) قالها مرة في (طابور) الصباح، عندما اكتشف معلمه نبوغه الشعري (نحن السعوديين...) لم يعِ وقتها، رغم ولادته على هذه الأرض وطفولته التي عاشها في أزقة مكة وحواريها، أنه لا ينتمي لتلك (القصيدة) إلا عندما بدأت أبواب (العمل) تغلق في وجهه كونه (أجنبياً) تلك العبارة نزلت كالصاعقة عليه، كيف أكون أجنبياً وانأ لم أعرف غير هذه البلاد وطناً، وكيف أكون كذلك وأنا لم أغادر أرضها يوماً، وقتها عرف أنه (مختلف)، ولا يزال يتذكر ذلك حتى الآن، رغم اقترابه من الخمسين عاماً ومحاولاته في ألا يكون (أجنبياً).
أما (يارا) فحالها لا يختلف عن (عمر) فهي بعد أن (رشدت) وجدت نفسها تحمل إقامة بالرغم من كون أمها سعودية المنشأ والأصل، التي بدورها لم تجد حلاً ل(يارا) بسبب ضوابط منح الجنسية لأبناء السعوديات المتزوجات من أجانب كبقية الأمهات السعوديات إلا تسجيل بناتهن وأبنائهن كخدم وسائقين حتى يظلوا على كفالتهن.
هذه المعاناة ليست معاناة (عمر) و(يارا) فقط بل معاناة الآلاف ممن ولدوا (هنا) من أب غير سعودي، لم تشفع لهم ولادتهم وتربيتهم وحبهم لهذه الأرض ولا حتى أمهاتهم السعوديات أن تقدم لهم (الهوية الوطنية) دون تعقيدات.
وعلى الرغم من خيبة الأمل التي رافقت الإعلان والتطبيق للتعديلات التي أقرها (المشرع) على اللائحة التنفيذية لنظام الجنسية السعودية عام 2005م لمن كان (يحلم) بالجنسية من المقيمين خاصة أولئك الذين لهم أبناء وزوجة سعودية، أو من ولد وتربى ولا يعرف وطناً آخر له غير هذا الوطن، وذلك تبعاً لمقاييس النقاط التي يجب جمعها، التي لم يستفد منها قبل أن تقبع في أحد الأدراج إلا القليل، ناهيك أن تلك اللائحة رغم تعقيداتها ميزت بين أبناء المواطن والمواطنة المتزوجين من غير جنسيتهما، ففي الوقت الذي يحصل أبناء المواطن (الذكر) على جنسية أبيهم يظل قرار إعطاء أبناء (الأنثى) المواطنة في علم الغيب، وفي الوقت الذي يحصل أبناء ذلك (الذكر) على جنسية أبيهم تظل (أمهم) الأجنبية بإقامة، كتب في مكان مهنتها (زوجة مواطن) وختمت باللون الأحمر بعبارة غير مصرح لها بالعمل مما يحرمها من حقوقها في العلاج والتعليم والعمل ناهيك عن دفع تكاليف الإقامة والتجديد وعدم إعفائها من رسوم الدخول والخروج لوطن أبنائها وزوجها، تلك التكاليف وفي ظل إيقاف المادة 16 من نظام الجنسية الخاصة بالزوجات الأجنبيات جعل البعض من (المواطنين) يتحايلون على النظام في تعديل مهنة زوجاتهم الأجنبيات إلى عاملة منزلية (تخيلوا معي أم بين أبنائها «السعوديين» بمهنة عاملة منزلية!)، إضافة إلى أن الرجل السعودي الذي يتزوج من امرأة أجنبية دون الحصول على إذن مسبق من السلطات، سيجد صعوبات كبيرة في توثيق عقد الزواج أو إحضار زوجته وأطفاله إلى المملكة، بالرغم من أن اختيار شريك العمر حق من حقوق الإنسان نفسه لا يحق حسب النظم الإنسانية (لأي كائن من كان) التدخل في الموافقة أو الرفض.
إن إيجاد الحلول السريعة لإشكالية الجنسية خاصة لمن لا مكان لهم غير هذا الوطن أمر بالغ الأهمية، ليس فحسب على الإنسان نفسه بل على الأمن الاجتماعي الذي يقع ضمن مفهوم الأمن الوطني، كما أن كسر التفكير في (قدسية) الجنسية والنظر إليها كإحدى الركائز لاستتباب الأمن الاجتماعي لجميع ال(نسيج) الوطني يعد عاملاً هاماً للحد من انحراف تلك الفئات وإحساسهم بالغضب نحو هذا الوطن.
إن على الدولة بما تملك من أجهزة وقدرات التصدي لكل الأخطار، وأن تتبع من الوسائل والأساليب ما يكفل معالجة الاختلالات عن طريق تفعيل أدوات الضبط الاجتماعي وحل تلك القضايا العالقة لرسم صورة المستقبل، إننا بحاجة إلا نظام (أحوال مدنية) و(جنسية) جديد يراعي البعد الإنساني وأثره على الأمن الاجتماعي للوطن والإيمان بأن الحصول على الجنسية التي تثبت حق المواطنة في الدولة المعاصرة يجب أن يكون بالاستحقاق الطبيعي والقانوني، وليس بالهبة والمنح، ومن خلال سلطة القضاء والتشريع لا بسلطة الأشخاص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.