لم أذق طعم النوم عشية نشر مقالي الأول في هذه الصحيفة المشرقة، لكن ما إن نُشر المقال حتى غمرني أساتذة فضلاء وقرّاء كرام -أكبر وأكثر من الحصر- بسيلٍ من الإشادات والثناءات لتتحوَّلَ رهبةُ البدايات إلى وثبةٍ هائلةٍ شعرتُ معها بأنني بطلة أولمبية في رياضة القفز بالزانة. ليس المقال الافتتاحي فقط هو الذي جذب لي الاهتمام، بل إن الخبر الاحتفائيَّ الذي أغدقته عليَّ أمي بالرضاعة «الشرق» فرشَ لي السجاد الأحمر شطرَ القلوب، فتوهَّمْتُ أنني الملكةُ «فيكتوريا». هذا التفاعل الذي فاق توقعاتي جعلني أحمل المقال لصديقاتي اللاتي تعوَّدْنَ على الاستخفاف بأحلامي في عالم الكتابة.. والحقيقة أن بعضَهنَّ وجدن في بعض التعليقات -التي ركَّزت على النواحي الشكلية وأهملت المضمون- فرصةً سانحةً للانقضاض عليَّ تهشيماً وسخرية. وهنا لم أجد بُداً من تقليد عتاة الكتَّاب الذين يحوِّلون هزائمَهم إلى انتصارات من خلال ممارسة غرور عكسي ظاهره التواضع وباطنه الغطرسة، فقلت لهن: إنني أستفيد ممَّن يختلف معي أكثر ممَّن يتفق معي؛ لأنَّ رأيَ مَن يشبهني لا يضيفُ لي سوى مزيدٍ من صور «تغريد». الزبدة: أنني أضفيتُ بعض المصداقية على مزاعمي بأن قرأت لصديقاتي تعليقاً قاسياً لسيدة اسمها «سلوى المطيري» استخفَّت برأيي في مسائل الزواج بلغة قامعة معتادة من أنثى لأنثى، قائلة: (فاقد الشيء لا يعطيه). وسيكون لي معها مقال «عويص» إن تبيَّن أنها «الخطَّابة» الكويتية التي تعرِّف نفسها في اليوتيوب بالناشطة الاجتماعية، وقد ألغي الفكرة إن قدَّمت لي زوجاً «سبشل إدشن» كرشوة!