في تقرير طريف مضحك للبعض، ومبكٍ للبعض الآخر، قرأت في صحيفة عربية كبرى عن ظاهرة «الكروش»، حيث تشير التقديرات إلى وجود نحو نصف مليار شخص في العالم يعانون من ظاهرة «الكرش»، من بينهم 45 مليون عربي، الأمر الذي يضع العرب في المرتبة الأولى، لا في التقدم العلمي أو التكنولوجي أو في مجال التعليم أو الثقافة، وإنما بين أصحاب «الكروش»، وهو أمر مضحك بحق، فلا يخفى علينا مناظر هؤلاء وما تثيره من تعليقات ونوادر، لكنه في الوقت ذاته أمر يبكي الكثيرين منا، ممن أنعم الله عليهم بنعمة الإحساس، وبخاصة عندما نعلم أن ظاهرة «الكرش» ترتبط في الغالب بالإفراط في الطعام، ونسمع في الوقت نفسه عن الملايين من سكان العالم العربي، يموتون جوعا وعطشا. واللافت في التقرير المشار إليه، بعد تحديد أسباب ظهور «الكروش» لدى أصحابها، والمتمثلة في العادات الغذائية السيئة، والأكل الزائد على الحاجة، والإفراط في تناول النشويات وعدم ممارسة الرياضة، والوجبات السريعة والمياه الغازية، هو تقسيم «الكروش» إلى أربعة أنواع، وفق ما ذهب إليه الأطباء، وعلى النحو التالي: «الكرش» العضلي و«الكرش» المترهل، و«الكرش» المنتفخ، و«الكرش» الهرموني، ولكل «كرش» منها مواصفاته التي تميز صاحبه عن غيره، وربما لا يعنينا هنا تفصيل أشكال «الكروش» بقدر ما يعنينا التأكيد على مسبباتها التي يمكن تحديدها في عاملين رئيسيين هما: الإسراف في تناول الطعام والشراب من جانب، والعادات السيئة التي تصاحبنا في مأكلنا ومشربنا، مع أن ديننا الحنيف قد نهانا عن الإسراف في المأكل والمشرب «كلوا واشربوا ولا تسرفوا»، كما وضع النبي صلى الله عليه وسلم بعض العادات الإيجابية لنا في هذا المقام، فأمرنا أن نجعل ثلث معدتنا للأكل، والثلث للشرب، والثلث للتنفس. أذكر أن قائدا، لاحظ انتشار «الكروش» بين مرؤوسيه، فأصدر قرارا بألا يتولى أي صاحب «كرش» منصبا قياديا تحت قيادته، وعندها هرول هؤلاء المبتلون «بالكروش» إلى ممارسة الرياضات، خوفا وطمعا. ومع أن هذه الظاهرة «مرضية» ، ويمكن تفاديها قبل وقوعها، أو العلاج منها بعد الابتلاء بها، إلا أن أصحابها لا يدركون مدى ما يرتكبونه من «جرم» في حق إخوانهم الجوعى الذين يموتون من سوء التغذية والجفاف، وما إخواننا في الصومال عنا ببعيدين، ولا يدركون أيضا وقوعهم في المحظور، عندما يبيتون وبطونهم ملأى، وجيرانهم جوعى يعانون، يرتوون بكل أنواع المشروبات، بينما يموت الآخرون من الجفاف، تتمدد «كروشهم» إلى الأمام، بينما تتلاشى أجساد إخوانهم في الدين، والعروبة، بل وفي الإنسانية. ولا أعتقد أننا في بلادنا قد نجونا من هذه الظاهرة، قد لا يلاحظها كثيرون بسبب ما نرتديه من ثياب تخفي «الكروش» وتصعب علينا معرفة نوعها، لكن سرعان ما ينفضح الأمر، عندما يضطر أصحاب «الكروش» إلى السفر، وارتداء البدل. لسنا بحاجة إلى قرارات حكومية تنظم لنا أكلنا وشربنا وتقينا شر «الكروش» ومضاعفاتها، لكننا بحاجة ماسة إلى أن نلتزم بالشرع الحنيف، وبالسنة المطهرة، كما أننا بحاجة إلى تفعيل «الشعور والإحساس» بالآخر، فالاعتدال في كل شيء فضيلة، ونحن الأمة الوسط، في كل شيء، وسيحاسب كل من خرج على هذه الوسطية، فتطرف، في عبادته أو في فكره، أو في سلوكه، حتى في أكله وشربه. هذا حديث عن «كروش» العرب، أما عن «قروشهم» فالحديث يطول، ولا تكفيه تلك المقالات والخواطر، ولمن أراد المزيد فليسأل عن حسابات العرب في البنوك الأمريكية والغربية. فكما فرطنا في «الكروش» فرطنا في «القروش» .. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة