«من فيض».. من دواخل الأسماء التي يستضيفها هذا الفضاء، نحاول مقاربة جوانب مخزونها الثقافي والمعرفي، واستكناه بواطنها لتمطر، ثم تقديمها إلى الناس، مصطحبين تجاربهم، ذكرياتهم، ورؤاهم في الحياة ومن حولهم، وذلك على شاكلة أسئلة قصيرة وخفيفة في آن معا. تعلقت بهم «القلم» وهي في عقدها الأول، فاستشعرت في دواخلها هموم «النقص» الذي تعانيه بنات جنسها في ظل هيمنة الرجال. سوزان المشهدي وعبر فضاء «من فيض» الواسع، وصفت نفسها بالمقاتلة عبر ما يخطه قلمها، في الدفاع عن المرأة وحقوق الطفولة والابتزاز العاطفي. • من بين المليارات من البشر.. من أنت ؟ إنسانة بسيطة تحاول أن تعيش كما هي بدون تزييف. • حسب تقسيمات «الثعالبي» لمراحل العمر.. ما هي مرحلتك التي تنتمين إليها ؟ أنا في سن النضج، رغم أني لم أكن يوما ما صغيرة. أنا بطبعي جادة جدا منذ طفولتي أحاسب نفسي قبل أن يحاسبني الآخرون، وأقيم كل موقف قبل أن أقوم به، كنت وما زلت وأعتقد أنني سأظل كما أنا ما تبقى لي من عمر. تمر علي لحظات أفتقد فيها سنين لم أعشها كالآخرين.. ربما زواجي المبكر دفعني للقيام بأدوار مبكرة وأمومتي المبكرة أيضا حملتني مسؤوليات ساهمت في تشكيل شخصيتي بهذا الشكل. • ما الذي أوجد فيك حس الكتابة ؟ لا أعلم.. حقيقة منذ طفولتي أكتب خواطر وقصصا ما زلت أحتفظ بها حتى اللحظة «ولم ألفت ربما نظر أسرتي برغم ميل الأسرة للقراءة بصفة عامة». كنت أحصل على الدرجات النهائية في مادة التعبير بالتحديد، منذ الصف الرابع الابتدائي. أعتبر بدايتي الحقيقية في عالم الكتابة قبل عشر سنوات بالتحديد، عندما شمرت عن ساعداي وصممت أن أجد لي مكانا في مجتمعي. • حديقة حياتك ما هي؟ حديقتي مزهرة بحب الناس، خصوصا البسطاء وبوجود أمي وأولادي وزوجي وصديقاتي وأصدقائي. • «أمسك» على ماذا ندم ؟ على الثقة بأشخاص لا يستحقون الثقة. • «غدك» ماذا ينتظر ؟ ينتظر الاحتفال بنجاحات أولادي وتفوقهم، وأنتظر أن أرى بصمتهم في المجتمع. • «يومك» ماذا يتحاشى ؟ أتحاشى الألم وأهرب منه. أتحاشى الإخفاق.. أنا بطبعي مقاتلة عندما أفكر في أمر ما أسعى لتحقيقه. • كونك أخصائية اجتماعية متخصصة في معالجة الإدمان وكاتبة صحافية.. ما حجم ما ألقته مسؤوليات العمل على بياض الورق ؟ كثيرة جدا، فعملي كأخصائية اجتماعية وفي مجال متخصص ومهم، يعتبر بالنسبة لي واقعا أستقي منه مكامن الخلل، وأرى من خلاله وعلى أرض الواقع الحياة الحقيقية بكل مشاكلها وأزماتها. • إصدارك الأول المعنون: ب «اغتصاب قلب».. تشكل من كلمتين متضادتين.. ما الهدف من ذلك؟ لم أتعمد ذلك، في الأساس اخترت كلمة «اغتصاب» فقط، واضطررت لإضافة كلمة أخرى بطلب من الرقابة ولم أجد ما يتناسب معه إلا «قلب»، بعد أن وجدتها قريبة جدا مني، وتعبر عما تحتويه القصص. • كلمة «اغتصاب».. معاناتنا منها أكثر أخلاقيا في تطفل الغير على خصوصياتنا، أم سلوكيا في اقتراف ما نهى الله عنه ؟ كل ما تفضلت به.. قصصي لا تتحدث فقط عن الاغتصاب الجسدي، إنما عن اغتصاب الحقوق والطفولة والمال والابتزاز العاطفي وغيرها، وتتضمن اقتحام حياة الآخرين أيضا بدون وجه حق. • لو أردت أن تلخصي إصدارك «اغتصاب قلب» في كلمات.. ماذا تقولين ؟ بعض الحقيقة. • وصفك البعض بأنك تدافعين عن بنات جنسك بإصرار عجيب، وتوبخين كل من يتخذ الأنثى السعودية معبرا لجنونه.. ما دقة هذا الوصف ؟ أنا أدافع عن حقوق الإنسان ذكرا كان أو أنثى، ربما أركز على المرأة بسبب وضعها وما أراه أمامي من تهميش وتغييب وعدم تمكين. أوافق على لفظ «أدافع وأرفض من يتخذ الأنثى معبرا لجنونه»، وأتحفظ على كلمة توبيخ، لأن التوبيخ وصف وقتي يعبر عن انفعال، وما أهدف إليه أعمق من التفريغ الوجداني، فأنا أهدف إلى الإيقاظ والإشارة إلى الخلل. • هل صحيح: كلما زادت الضوابط الرقابية، زادت الممارسات الملتوية ؟ مقولة صحيحة أحيانا.. الأهم عندي أن تكون الضوابط لها أهداف ومنطقية، وليس المنع لمجرد المنع. يهمني أن أعرف لماذا ؟ وأنا بطبعي أحترم الأنظمة جدا، ويريحني أن أسير على نظام محدد ومفهوم وواضح، والأهم أن يسري على الجميع. • مقالك: «أبيض وأسود».. منع من النشر لتجنيك على الرجال وانحيازك للنساء.. ما صحة هذه العبارة ؟ للمرة المليون بعد المائة، مقالي «أبيض وأسود» لم يمنع من النشر، بل نشر في العدد «16017» عام 2007 في صحيفة الحياة، وأنا ممتنة للجهة أو للشخص الذي نشر شائعة منعه، لأنه ساهم في صنع اسمي دون أن يدرك ذلك. • وما سر الضجة التي آثارتها المنتديات ومواقع الانترنت، تجاه هذا المقال تحديدا ؟ أنا حقيقة استغربت قبل غيري، ومنبع استغرابي أن هذا المقال، كان مقالا عاديا جدا من وجهة نظري، وهناك مئات المقالات أقوى وأجرأ منه، لم تلق كل هذه الضجة التي أثيرت حوله. • هل لا زلت تؤمنين بأن للرجل البياض الدائم الجالب للبهجة، وللنساء السواد الجالب للخيبة ؟ لو كنت تشير للمقال، فهو مقال وصفي واستعراضي.. في يوم ما كنت أتأمل في المارة ولفت نظري التباين الواضح بين اللونين، ومن هنا جاءت الفكرة، وإجابتي على سؤالك.. نعم. • تبنيك لفكرة المقال.. هل تولدت من معاناة شخصية، أم هي معاناة مجتمع ؟ هذه الأسئلة تجعلني ابتسم بشدة وأحييك عليها.. عندما أكتب مقالا عن قصة امرأة ما.. أجد رسائل تشد من أزري وتقدم لي بعض المقترحات على أساس أنني المرأة المظلومة، «رغم أن ذلك يسعدني كثيرا كثيرا، لأنه يثبت أن المجتمع مليء بالخير ولديه الرغبة والدافع في المساعدة»، ولكن هل يجب أن يكتب الكاتب من معاناة شخصية ؟ هل لا يتمكن الكاتب من الشعور بغيره إلا لو عاش نفس ظروفه ؟، الكاتب في نظري هو صوت الآخرين وبإمكانه توصيل صوتهم عبر كلماته. • ماذا تقولين لمن عد مقالك هذا محاربة للرجال، وهاجمك عبر الصحف ومنتديات الانترنت ؟ كل إنسان حر في رأيه.. أحترم جدا اختلاف الآخرين معي.. ولكن لماذا لا نختلف بصورة مهذبة وبعيدا عن التجريح واللمز ؟؟ أحب المختلف معي الذي يضع فكره أمام فكري ويطرح اختلافه بصورة محترمة، ورغم ذلك التعليقات غير المهذبة تضحكني كثيرا بعكس ما يتوقع صاحبها، وأحتفظ بها في ملف خاص. أؤمن بأن كل أناء بما فيه ينضح. • الانعكاس الذي تولد في ذاتك لحظة فراغك من كتابة هذا المقال.. إنصاف للنساء أم استعداء للرجال ؟ لا هذه ولا تلك.. لا استعدي الرجل، فهو نصفي الثاني والمكمل لي، قد تتفاجأ كما تفاجأت أنا، أن من أنصفني هم من الرجال، وأكثر من هاجمني من النساء. • ألا زلت تطالبين بضرورة إعادة بناء الثقافة الذكورية المستبدة – حسب وصفك – بكل شيء؟ بكل تأكيد وسأظل أطالب. • استغناء الرجل عن المال، مقابل الزواج من فتاة قاصر، لتزيده حيوية وتنقصه عمرا.. ماذا نعده ؟ جريمة في حق الطفولة وتسليع الزواج. • في «يوم الحب» كتب الكتاب صحائفهم، فيما أنت تواريت.. لماذا ؟ لم أتوار مطلقا، فقط نسيت أن أضع بجانب مقالي كلمة عاجل، فنشرت بعد التاريخ المطلوب، وكتبت العام الماضي في نفس التاريخ ولذات المناسبة، مقالا بعنوان «موقف وأحلام وزهور». • على صعيد أسرتك.. هل تعيشين الحب «يوما» أم عاما بعد عام ؟ أعيشه كل لحظة. أعيش الحب بمعناه الواسع الكبير والعميق. • ما الذي يمنع المرأة من أن تكون رومانسية وناعمة مع نصفها الآخر؟ عدة أسباب، حسب مهارات المرأة الشخصية ومدى ثقتها في نفسها وعدم وجود الدافع، وهذا الشق يتعلق بالرجل: هل يستحق أم لا ؟. • وما أكثر ما يقززها منه ؟ كل امرأة تختلف عن الأخرى، لو سألتني عن نفسي سأقول الكذب والغباء. • متى يصبح الحب مأساة؟ عندما يكون لمن لا يستحق. • ماذا تقولين لنساء شخصياتهن تعتصر الرجال وتضعهم في أقفاص العصافير ؟ أنا شخصيا إنسانة حرة، لا أطيق الحبس ولا أطبقه على الآخرين أيضا. النساء تختلف طبائعهن.. ولكل امرأة أجندة خاصة بها. • ما أكثر أسباب الفراق بين الزوجين في مجتمعنا ؟ عدم التقارب النفسي الكافي / تدخل الأسرتين / ضعف التواصل / عدم التقاء الرؤى. • عادات مميتة تتمنين زوالها ؟ التطفل واقتحام حياة الآخرين / زواج الصغيرات / النفاق / العنف مضروب في مليون مرة. • كاتب صحافي يشدك قلمه ؟ صالح الطريقي وخلف الحربي. • وكاتبة صحافية.. لم تأخذ نصيبها من الانتشار؟ هالة القحطاني. • روائيا.. في عالم من تطوفين ؟ في وقع كتابات بدرية البشر. • وصفت بعض الفتاوى بأنها محرضة على الإرهاب، الذي تعمل الدولة على نسفه.. على ماذا استندت في ذلك ؟ على تكفير المختلطين والدعوة لقتلهم. • ما الذي دعاك للقول: «إن الثقافة الذكورية وراء العنف ضد المرأة» ؟ لأنها هي التي تمنع أن يتعامل الذكور مع الإناث بمبدأ المساواة في الحقوق والواجبات. • ما إنجازك الفريد الذي يميزك عن غيرك؟ لا أعلم.. لا أرى أن هناك إنجازا فريدا ميزني عن غيري، أنا أجتهد لوضع بصمة مختلفة تميزني، ولا أعتبرها إنجازا. • موقف تاريخي لا يزال يهتف في عقلك؟ سيول جدة، وحريق مدرسة الفتيات في مكة 1423. • متى سكت لسانك ولم ينطق؟ لساني لا يسكت في حال الغضب.. أما في حالات الحزن فيصاب بالخرس. • متى تخافين لدغات «عقارب الزمن» ؟ في الآونة الأخيرة أصبحت أتوقعها، وعندما تتوقع شيئا لا تعد تخاف منه، لأنك قمت بتأهيل نفسك على احتمال وقوعه. • حقيبة أسرارك عند من تودعينها ؟ صديقتي.. وزوجي فهو صديقي الصدوق.