علق عضو هيئة كبار العلماء صالح الفوزان على ما نشرته «الشرق» يوم الجمعة الماضي (5/ 1/ 2013م) بعنوان «أكاديميون وباحثون يطالبون بتمكين خطباء المذاهب من صعود المنابر، وإضافة آراء مختلفة في منهاج الدين»، قائلاً: حصلت الصحيفة على تصريحات جماعة من الكتاب حول هذا الموضوع، وهي آراء متباينة، ولكن الصحيفة حبكت العنوان وجعلته متضمناً لرأي بعضهم دون اعتبار لرأي الآخرين، وهذا يخالف ما تتجه إليه الصحيفة من طلب التعددية في الرأي، فلماذا هذا الانحياز الذي يخالف ما تدعو إليه. هذا من حيث الفكرة. وأما من حيث النظر الصحيح والمنهج الحق فنقول: أولاً: الله أمر المسلمين بأن يكونوا أمة واحدة في عقيدتها، وفي منهجها، وفي مناهج تعليمها وجميع توجهاتها. قال تعالى: «إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون»، وقال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا»، وقال تعالى: «ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهم عذاب عظيم». وبين سبحانه ما في الاختلاف والتفرق من عواقب وخيمة، فقال: «ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم». ولمَّا كان لابد من حصول اختلاف ونزاع في وجهات النظر، قال تعالى: «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله وإلى الرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا»، لأن الرد إلى الله ورسوله يحسم النزاع. ثانياً: لا يجوز الاختلاف في العقيدة، لأنها توقيفية لا مجال للاجتهاد فيها. والمخالف في العقيدة لا يكون مسلماً حقيقياً يفسح له المجال في إبداء رأيه فيها في مجتمع مسلم متمسك بالعقيدة الصحيحة. أما المخالف في المسائل الفقهية الفرعية وهو من أهل الاجتهاد، إذا كان لاجتهاده محمل في الأدلة الصحيحة فله وجهة نظره من الناحية النظرية، وله العمل باجتهاده في نفسه، أما الناحية العملية التي يسير عليها المجتمع، فالمرجع في هذا إلى حكم الحاكم المسلم، وحكم الحاكم يرفع الخلاف كما هي القاعدة المعروفة. ولا يترك الناس فوضى كل يأخذ برأيه واجتهاده، أو اجتهاد غيره. وعلى هذا كان عمل المسلمين. ثالثاً: الخطابة على المنابر يوم الجمعة والعيد تكون على المنهج الصحيح في تعليم المسلمين أمور عقيدتهم وأمور دينهم، وتنبيههم على الأخطاء التي يقعون فيها، أو يقع فيها بعضهم، وتتضمن وعظهم وتذكيرهم بما ينفعهم، ونهيهم عما يضرهم في دينهم ودنياهم، كما كانت خطب النبي – صلى الله عليه وسلم – وخطب خلفائه وأصحابه من بعده، ولا تكون الخطب بحسب المذاهب والأفكار المنحرفة التي تفرق المسلمين وتضلهم عن سواء السبيل. رابعاً: ومناهج التعلم تكون على وفق المنهج الصحيح من تعليم أبناء المسلمين علوم العقيدة الصحيحة والفقه والتفسير والحديث واللغة العربية. والعلوم الدنيوية التي يحتاجها الفرد والمجتمع، لأن هذه العلوم ضرورية للمسلمين، ولا يمكن توفرها إلا بالتعليم. خامساً: هذا هو المنهج الإسلامي الصحيح الذي يجب على كل مسلم ناصح أن يبينه للناس ويحثهم عليه. وأما من يدعو إلى التعددية في الأفكار والمذاهب فهذا غاش للمسلمين يريد أن يفرقهم ويضلهم عن دينهم، فلا مكان له بيننا. وفق الله ولاة أمور المسلمين ورعاياهم للتمسك بدينه والعمل بشريعته وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه. صورة ضوئية للموضوع المنشور في «الشرق»