بيننا وبين عهد الشيخ محمد بن عبدالوهاب - من حيث قيامه بدعوته الإصلاحية - نحو ثلاثة قرون تقريباً، ومع ذلك لا يزال الحديث عن الرجل ودعوته غضاً طرياً كأن عهده بالوجود أمس. ومن أسباب ذلك: قوة تأثير دعوته، ولأن دعوته ارتبطت بدولة عمرها ثلاثة قرون أيضاً - في أطوارها الثلاثة - وهي الدولة السعودية. ومنذ أيام جرت مناقشات في البلاد حول هذه الدعوة، وما أُسقط عليها - بالغصب - من تسميات وأوصاف مثل وصف «الدعوة الوهابية». واضطر الأمير سلمان بن عبدالعزيز الى التدخل لتصحيح بعض المفاهيم غير المضبوطة في مقال له الى «الحياة»: النابضة بالحياة. فعل ذلك لأنه مهتم جداً ب (أثر) الأفكار في الناس، أفراداً ومجتمعات، ومهتم بوجه خاص بالتدقيق في المصطلحات والمفردات. ومن ذلك مثلاً مصطلح «القرون الوسطى» الذي يؤكد دوماً أنه مصطلح يتعلق بالحضارة الغربية ولا علاقة له بالحضارة الإسلامية التي كانت - كما يقول - في قمة نهضتها التنويرية إبّان القرون الوسطى الغربية. ولأنه يؤمن بمدافعة الفكرة بفكرة مثلها أو أحسن منها، مفضلاً هذا الأسلوب - وهو حاكم إداري - على أي أسلوب آخر. ولئن تبدّت المناقشات حول دعوة الشيخ الجليل على هذا النحو، فإننا نشارك في هذه المناقشات من خلال محاور أربعة: أولاً - محور حقيقة دعوة الشيخ: إن أدق المناهج وأصوبها في التعرف الى حقائق الدعوات: منهج إعلاء السند واستنطاق المؤسسين، فكيف عرّف الشيخ دعوته ومرجعيّته؟ يقول: «عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة. وأشهد الله ومن حضرني من الملائكة وأشهدكم أني أعتقد ما اعتقده أهل السنة والجماعة من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله والإيمان بالقدر خيره وشره. ومن الإيمان بالله: الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه وعلى لسان رسوله من غير تحريف ولا تعطيل بل اعتقد أن الله «ليس كمثله شيء وهو السميع البصير». وأومن بأن نبينا محمداً (صلى الله عليه وسلم) خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته ويشهد بنبوته، وأفضل أمته أبو بكر الصديق ثم عمر الفاروق ثم عثمان ذو النورين ثم علي المرتضى ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة ثم أهل بدر ثم أهل الشجرة أهل بيعة الرضوان، ثم سائر الصحابة رضوان الله عليهم. وأتولى أصحاب رسول الله وأذكر محاسنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساوئهم، وأُمسك عما شجر بينهم وأعتقد فضلهم، عملاً بقوله تعالى «والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم». وأن أترضى عن أمهات المؤمنين المطهرات من كل سوء، وأن أعرف لآل البيت قدرهم ووجوب محبتهم، وأقر بكرامات الأولياء إلا أنهم لا يستحقون من حق الله شيئاً، ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولكني أرجو للمحسن وأخاف على المسيء، ولا أكفّر أحداً من المسلمين بذنبه ولا أخرجه من دائرة الإسلام». الشيخ محمد بن عبدالوهاب وهو يقرر هذه العقيدة إنما هو «مذكّر» بها و «مجدّد» لمعانيها وليس منشئاً لها بحال من الأحوال، ذلك أن هذه العقيدة التي بيّنها الشيخ هي هي ذاتها العقيدة التي حررها الإمام الطحاوي الحنفي (في القرن الثالث الهجري) وقال في مقدمتها: «هذا ذكر بيان عقيدة أهل السنة والجماعة على مذهب فقهاء الملة أبي حنيفة النعمان ابن ثابت الكوفي، وأبي يوسف الأنصاري، وابن الحسن الشيباني»، وهي هي ذات العقيدة التي حررها أبو يزيد القيرواني المالكي في مقدمة «الرسالة». وتكاد عبارة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - وهو يشرح عقيدته - تتطابق مع عبارة كل من الطحاوي الحنفي والقيرواني المالكي، وهذا برهان علمي قاطع على: أ- أن العقيدة التي اعتنقها ودعا إليها الشيخ محمد هي «نقل» عن السلف الصالح، ومشيٌ في طريق من سبقه من الأئمة الثقات. ب- أنه لا خلاف - قط - بين أهل السنة والجماعة في أمهات الإعتقاد، وأصول التوحيد. ومن مقتضى هذا المحور: أن «التوحيد» الذي جهر بحقيقته الشيخ هو «دعوة مستمرة»: ليست موقتة، فعلى سبيل المثال، كافح الشيخ كفاحاً جاداً صادقاً مثابراً لتطهير عقيدة التوحيد مما شابها من الخرافات والأوهام والسحر والكهانة والدجل. فهل كان ذلك مجرد «ظرف زمني» انتهى وانطوى؟ لا يقول بذلك امرؤ عليم بالواقع الراهن، فقد تبين، من خلال دراسة علمية اجتماعية، أن العرب ينفقون خمسة بلايين دولار - كل عام - على الدجل والسحر والكهانة. وهذه بلا شك كارثة نفسية واعتقادية واجتماعية وعقلية وحضارية ومالية. كارثة تنبئ بأن الخرافة لا تزال تحبس العقل البشري في أقبية سجنها، وتفترسه وتغتاله. والمجتمع السعودي ليس معصوماً - قطعاً - من هذه الظاهرة الموبقة، إذ انتشرت في الحقبة الأخيرة بين النساء والرجال، وبين الجهال والمتعلمين، في المدائن والقرى، مما أدى - مثلاً - إلى تشديد العقوبة على السحرة والكهان والعرافين والدجالين. هذه الظاهرة تتطلب «علاجاً عقدياً» قبل كل شيء. فإدارة المعركة الجادة ضد السحر والسحرة - وضحاياهم المساكين - إنما يجب أن تنصبّ على القلب وفي العقل انصباباً يسكب فيهما مفهوم التوحيد الرائق الذي يطهرهما من زهومة الوهم والسحر. ونعلم من تاريخ النبوات، أن السحر والشعوذة والكهانة قد اقترنت بالوثنية والشرك، وأن الأنبياء (صلوات الله وسلامه عليهم) كانوا هم «المحررون» للعقل والقلب البشري ب «التوحيد» الخالص الذي محا الوثنية والشرك، فبطل - تلقائياً - السحر والكهانة والوهم والخرافة لدى المؤمنين المُوَحّدين. ومن هنا فإن مجتمعنا في حاجة إلى «نهضة عقلية اعتقادية» تطارد الخرافة والوهم والسحر في عقول الناس وقلوبهم. وحين تنطلق هذه النهضة، فإنها ملتقية - ولا بد - بتراث الشيخ محمد بن عبدالوهاب في هذا المجال ومستفيدة منه، فهو تراث زاخر وخبير بمقاومة هذا الوباء الكريه. في ضوء هذا ليس من المعرفة الصحيحة، ولا من الدقة في التعبير أن يقال: إن ما دعا إليه الشيخ من تصحيح الاعتقاد أمر قد تجاوزه الزمن، بدليل أن «زمننا» هذا مملوء بعاهات مثيلة أو شبيهة لتلك التي عاصرها الشيخ. وهذا الأصل من «الثوابت» في دعوة الشيخ، وفي كل دعوة صدع بها نبي، أو صدع بها عالم مسلم صالح مصلح في كل بيئة، وكل زمان. فسيدنا محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) بدأ دعوته بالتوحيد، واستمر يدعو إلى التوحيد ثلاثة وعشرين عاماً، ثم ختم حياته بالدعوة إلى التوحيد حيث حذر وهو يتأهب للانتقال إلى الرفيق الأعلى من الشرك. ثانياً - ننتقل إلى المحور الثاني وهو مناقشة مقولة أن دعوة الشيخ تحتاج إلى إصلاح بعد مرور هذا الزمن الطويل على نشوئها. وهذا كلام يحتاج إلى تفصيل وضبط لئلا تزل قدم بعد ثبوتها، ولأن من شأن الإجمال أن يُضِلّ في مثل هذه القضايا. ما المطلوب إصلاحه؟ أهو عقيدة التوحيد؟ لا... قطعاً. فالشيخ في هذا المجال «مذكّر» بالعقيدة الصحيحة، وليس منشئاً لها. والفيصل العلمي والاعتقادي هنا هو أن العقيدة «توقيفية»، لا اجتهادية، وما لا يخضع للاجتهاد لا يخضع للإصلاح - بمعنى التغيير – بداهة. نحن نعلم أن أمماً معروفة قررت عقيدتها في مؤتمرات. وهذا نموذج منفيّ ومستحيل أن يمارس في ديننا، لأن الله قال «فاعلم أنه لا إله إلا الله». ولا كلام مع أو بعد كلام ربنا الهادي - وحده - إلى العقيدة الحق. ما المطلوب إصلاحه في دعوة الشيخ؟ أهو مبدأ الرد إلى الكتاب والسنة؟. لا قطعاً. فهذا الرد ألزمنا به القرآن - لا الشيخ محمد بن عبدالوهاب - «فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً». هل المطلوب إصلاحه هو دعوة الشيخ إلى الحكم بما أنزل الله؟ قطعاً لا. لأن الحكم بما أنزل الله منهج توقيفي - وليس مجرد اقتراح من عند الشيخ - منهج تضافرت الأدلة على إنفاذه، ومنها «وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم»... «ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون». أم... هل المطلوب إصلاحه هو «الجانب الفقهي الاجتهادي» في دعوة الشيخ وقومته؟ إذا كان هذا هو المطلوب، فإنا نقول: نعم، نعم. ترليون نعم: إن هذا المطلب مشروع، بل واجب ناجز يؤدى أداء، ولا يقضى قضاء. ففي الإسلام دائرتان كبيرتان: «دائرة الاعتقاد» التي لا اجتهاد فيها. أما الدائرة الثانية فهي «دائرة الفقه» التي لا توقيف فيها في القضايا الاجتهادية. وبقدر ما في دائرة الاعتقاد من «ثبات»، بقدر ما في دائرة الفقه من «مران»، أي الفقه المستنبط من الشريعة. ويمكن الاستشهاد في هذا المقام بدليلين يدلان على هذه الحقيقة - على ما بينهما من تفاوت في القدر والمقام -: 1- الدليل الأول: أن عقيدة الأنبياء واحدة، بيد أن شرائعهم مختلفة، لأن الشرائع متعلقة بأحوال الناس وظروف معايشهم وتنوع أعرافهم وحاجاتهم، فلا بد أن تتنوع الشرائع. 2- الدليل الثاني: أن أئمة المذاهب الأربعة الكبرى عقيدتهم واحدة يكاد يكون قد كتبها فرد واحد من شدة التطابق، لكن فقههم مختلف ومتنوع. وهذا هو - بالضبط - معنى «المذهب». معنى أن يذهب كل إمام في المسألة الفقهية مذهباً مختلفاً عن أخيه وندّه. كلّ بدليله، أو كلّ بفهمه الخاص للدليل الواحد المشترك. والشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه ينتمي إلى مدرسة فقهية تنزِع إلى التجديد والاجتهاد الفقهي. ومن أساطين هذه المدرسة الإمام أحمد بن حنبل الذي يعتضد دوماً بالدليل ويذم التقليد، وهذان مفتاحان عظيمان للاجتهاد الفقهي المتجدد. فالنظر الحرّ في الدليل يثمر فقهاً سديداً جديداً، والتحرر من التقليد نافذة كبيرة إلى النظر الحر الفسيح. ومن أعلام هذه المدرسة ابن تيمية الذي اعتضد منهجاً يقوم على النظر العقلي والمصلحة المعتبرة في الدليل. وانظر مثلاً إلى هذه العبارة التي تكاد تؤلف منهجاً أو تؤصل لمنهج. قال: «فهذا أصل عظيم في هذه المسائل ونوعها، لا ينبغي أن يُنظر إلى غلظ المفسدة المقتضية للحظر ولا ينظر مع ذلك إلى الحاجة الموجبة للإذن بل الموجبة للاستحباب أو الإيجاب». وعاب ابن تيمية على فقهاء الكوفة والبصرة تقصيرهم في مد خلفاء بني العباس بالفقه الجديد الذي يستعين به ولي الأمر على تصريف شؤون الناس بهدى وحكمة. وفي ظل انتمائه لهذه المدرسة الفقهية التجديدية، شدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب النكير على التقليد والمقلدين، وانتصر للدليل والبرهان. ويلزم في هذا المقام التوكيد على مسألتين: أ- المسألة الأولى: أن بيننا وبين عهد الشيخ ثلاثة قرون، جدّت خلالها حوادث وقضايا لا حصر لها، وهذا مدى زمني يتطلب تجديداً فقهياً بلا ريب، بل التجديد مطلوب في مدى أقصر من هذا بموجب الحديث الصحيح: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة عام من يجدد لها دينها». ب- المسألة الثانية أن هذه الدولة تقوم على الإسلام، وهي من ثم تحتاج إلى أنهار رائقة من الفقه الجديد الذي تواجه به القضايا الجديدة على المستوى الوطني المحلي، وعلى المستوى الخارجي العلمي. وليس في دعوة الشيخ ما يمنع من ذلك، بل فيها ما يعين عليه من حيث الدعوة إلى الدليل، ونبذ التقليد والجمود. ثالثاً: المحور الثالث هو وصف دعوة الشيخ ونهضته ب «الوهابية»، وهو وصف فيه رائحة «التعيير»، وفيه رغبة الإهاجة والتحريض ضد الدعوة والداعي، وفيه ظلم وافتئات، فالقائم بالدعوة وهو الشيخ نفسه لم يُسَمّ دعوته بهذه التسمية. وكيف يفعل ذلك وهو يعلم أن هذه التسمية من اختراع خصومه المشنّعين عليه؟ وآل الشيخ أنفسهم يستنكرون «لقب» الوهابية. يقول الشيخ حسن بن عبدالله آل الشيخ - مثلاً -: إن لقب الوهابية لم يختره الشيخ ولا أتباع الدعوة لأنفسهم، ولم يقبلوا إطلاقه عليهم، لكنه أُطلق من قِبَل خصومهم تنفيراً للناس من الدعوة، وإيهاماً للسامع بأن الشيخ جاء بمذهب خاص يخالف المذاهب الأربعة الكبرى» وهذا صحيح، فإن خصوم الدعوة اخترعوا وصفها ب «المذهب الخامس»، على حين أن الحقيقة الموضوعية تقول إن الدعوة تقوم في الجانب العقدي على عقيدة أهل السنة والجماعة، وتقوم في الجانب الفقهي على مذهب الإمام أحمد بن حنبل. ورسمياً نفى الملك عبدالعزيز هذه التسمية المفتراة وقال - بوضوح وحسم -: «يسموننا بالوهابيين، ويسمون مذهبنا بالوهابي باعتبار أنه مذهب خاص، وهذا خطأ فاحش نشأ عن الدعايات الكاذبة التي يبثها أهل الأغراض». وهذه براءة رسمية من وصف «الوهابية» توكدها وتؤصلها الوثائق الرسمية السعودية التي خلت - بالكلية - من كل ألقاب الوهابية. نعم ليس في النظام الأساس للحكم مادة تقول «والوهابية هي المذهب الرسمي للدولة»، بل ينص النظام الأساس للحكم على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة، وأن الدولة تقوم على الكتاب والسنة. وعلى رغم ذلك فإن الكائدين يصرون على أن السعوديين «وهابيون» بالجبر والغصب والإكراه!! لقد صك بعض المستشرقين المتحاملين مفردة «التفسير الوهابي» للإسلام. ومن الغريب جداً أن يردد المفردة نفسها عرب مسلمون! وفي حقيقة الأمر ليس هناك شيء اسمه «التفسير الوهابي» للإسلام، فالشيخ محمد بن عبدالوهاب نفسه ارتكز على فهم الأئمة الأربعة للإسلام - عقيدة وشريعة -، لا سيما الإمام أحمد بن حنبل ثم رموز مدرسته كابن تيمية وابن القيم. والتفاسير المعتمدة منذ قامت الدعوة وإلى يوم الناس هذا هي: 1- في مجال تفسير القرآن يرجع السعوديون إلى تفاسير الطبري وابن كثير وابن عطية وابن العربي والقرطبي ونظائرها وهي تفاسير يرجع إليها أهل السنة والجماعة في العالم كله، وأصحاب هذه التفاسير ليسوا «وهابيين». 2- في مجال السنة أو الحديث يعتمد السعوديون الكتب الستة المشهورة، كما يفضلون شرح ابن حجر العسقلاني لصحيح البخاري، وشرح النووي لصحيح مسلم، وأصحاب الكتب الستة وشرّاحها ليسوا «وهابيين». فأين «التفسير الوهابي» للإسلام والحالة هذه؟! رابعاً - ماذا وراء الدعايات الكاذبة التي حذر منها الملك عبدالعزيز؟ هنا تتبين الأهداف السياسية للهجوم على ما سمي ب «الوهابية». ومن هذه الأهداف: 1- الهجوم غير المباشر على النظام السياسي السعودي من حيث إنه في البدء قد قام على مبادئ دعوة الشيخ منذ تعاون مع الإمام محمد بن سعود على التمكين للإسلام ونصرته. وهناك أسباب عدة تحول دون الهجوم المباشر على النظام السياسي السعودي، لذلك اختاروا الهجوم عليه من خلال الهجوم على جذوره وأصوله ومرجعياته تحت ستار فرية «الوهابية». 2- «تكريه» السعوديين أنفسهم في الدعوة، تمهيداً لإنشاء «رأي عام» سعودي يطالب بفصل الدين عن الدولة في زمن ما. 3- عزل دعوة الشيخ عن محيطها الإسلامي الأوسع ابتغاء محاصرتها ونبذها، والتأثير السلبي - من ثم - على السعوديين، مجتمعاً ودولة. وتمام الكَلِم: أن ليس من المنهج العلمي في البحث، ولا من رشد العقل، ولا من النزاهة الفكرية والأخلاقية، ولا من الشهادة بالحق على الواقع التاريخي، والواقع الراهن تناول هذه الدعوة العقدية الفكرية الاجتماعية الضخمة - والتي انبنت عليها دولة كبيرة عمرها ثلاثة قرون - والتي أثرت بعمق في الوطن العربي والعالم الإسلامي تأثيراً قوياً. ليس من الإنصاف في شيء تناول هذه الدعوة بسطحية أو استخفاف أو تثاؤب فكري أو غيبوبة سياسية - عما يراد بها -، أو حصرها في مفردة مفتعلة مثل «الوهابية». * كاتب سعودي.