أكد مدير جامعة الأمير محمد بن فهد الدكتور عيسى الأنصاري، أن الافتقار إلى التواصل العلمي والمعرفي مع المجتمع، وعدم نشر البحوث بلغة مبسطة يفهمها عموم الناس، مشكلة قائمة في الجامعات العربية. وقال الأنصاري في رده على سؤال ل«الشرق» حول افتقار الجامعات والتعليم العالي للتواصل العلمي والمعرفي مع المجتمع على الرغم من الأبحاث التي تُجرى فيها، وعدم عرضها على الآخرين، ليكونوا على اطلاع بما ينجز داخل الحقل الأكاديمي، إن هذه المشكلة غير موجودة في الجامعات الغربية، مشيرا إلى أن عامة الأشخاص هناك على دراية بموضوعات الأبحاث في الجامعات، ويستفيدون منها، ويأخذون بنتائجها، و«لنصل إلى هذا، علينا النهوض بالآخرين أولاً، ليعرفوا أهميّة الأبحاث، وتدخل في تنظيم حياتهم، والمسألة بحاجة لوقت». جاء ذلك على هامش إلقائه محاضرة عن الاتجاهات الحديثة في التعليم العالي، مساء أمس الأول، في منتدى الثلاثاء الثقافي، أدارها فاضل النمر. وتطرّق الأنصاري في المحاضرة إلى مسارات التعليم العالي في العالم العربي، وانتقد واقع الجامعات العربية، موضحا أنها لا تملك رؤى استيراتيجية، وتعتمد على التلقين وإيصال المعلومات والقياس عبر الاختبارات، وتعاني من غياب شبه كامل لقدرات الوظيفة في عصر العولمة، إذ لا يوجد فيها توظيف للتقنية، ولاعلاقة رابطة بين الفلسفة التعليمية ومرافق الجامعات، ولا ثقافات متعددة، بل ثقافة أحادية الجانب، مانعة من تبادل المعرفة. وقال إن هناك ضعفا في مستوى التعليم، وبناء المناهج، مع اعتبار الأستاذ محورا للعملية التعليمية، واعتمادا على المكتبة، وعدم وجود خدمات توظيفية بعد التخرج، وانقطاع الطالب عن الجامعة بعد تخرّجه. وبين أن الجامعات في العالم المتقدّم، تقوم على أسس مناقضة لما في العالم العربي، مستعرضا أهم الاتجاهات العالمية الحديثة المتبعة في التعليم العالي، التي تمتلك رؤى ترسم مستقبل الجامعات لسنوات طويلة مقبلة، واستراتيجيات خمسية وعشرية، وخطط عمل تنفيذية سنويّة، غير متأثرة بتغيير القيادات، كما أن لديها أنظمة لتقييم مؤشرات الأداء، وللتقييم والتطوير. وقال «في العالم المتقدّم، الطالب هو محور العملية التعليمية، وسيّدها والمتحدّث فيها. وآخر مكان يتعلّم فيه الطالب هو الفصل الدراسيّ، وتبدأ علاقة الطالب بالجامعة بعد تخرّجه. وتحلّ أجهزة الحاسب ومصادر التعلم محلّ المكتبة، وهناك دمج لقدرات الوظيفة في عصر العولمة بالمناهج الدراسيّة، مثل القدرات الأساسية، كالحاسب الآلي، واللغة الإنجليزية، وقدرات الاتصال من استماع ومحادثة، وقدرات فكريّة من مهارات، وحل مشكلات، وتفكير إبداعي نقدي. وعمل جماعي، وأنهم يسعون عبر هذه القدرات المؤثرة لتحقيق هدف الخرّيج العالميّ». وقارن الأنصاري بين اختيار أعضاء هيئة التدريس في الجامعات العربية المرتكز على معيار الشهادة فقط، بينما في العالم المتقدّم تؤخذ في الاعتبار المعايير الشخصيّة، والمهارات، والانفتاح الفكري، وغيرها. وتحدّث عن وجود محفظة تعليمية للطالب تضم جميع منجزاته وأفكاره وملاحظاته، لأجل تعويد الطالب على قراءة المعلومة وتأملها، وتفسيرها، للخروج بمعلومة جديدة. كما تحدث عن المناهج اللاصفيّة، التي تتضمن الرحلات، والحفلات الهادفة. وذكر أن جامعة الأمير محمد بن فهد، طبقّت من 70% إلى 80% من تلك الاتجاهات الحديثة. وشهدت المحاضرة حضورا ومداخلات عديدة، وتساءل صاحب المنتدى، جعفر الشايب، عن مدى إمكانيّة افتتاح مثل هذه الجامعة في محافظة القطيف الخالية من الجامعات. فقال الأنصاري: توجد معايير لوزارة التعليم العالي في إنشاء الجامعات، مثل قرب أو بُعد الجامعة عن المحافظة، وأن هذه الفكرة مطروحة على مجلس المنطقة، متمنيا أن تتحقق.