تباينت المواقف من مسألة التنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، وخطورتها على إتمام تطبيق اتفاق المصالحة بين حماس وفتح، ففي حين تؤكد حماس أن السلطة عليها أن تختار إما أن تكون شريكا للفلسطينيين أو لإسرائيل؛ رأت حركة فتح أن التنسيق الأمني لن يتوقف، وهو ليس عقبة في وجه إتمام المصالحة، ومن يتحدثون بذلك فإنهم يختلقون الذرائع. واعتبر القيادي في حركة حماس صلاح البردويل أن السلطة الفلسطينية وحركة فتح لا يمكن أن تجمع بين العلاقة مع حركته والتنسيق الأمني مع إسرائيل، مشددا على أن السلطة عليها الاختيار إما أن تكون شريكا للفلسطينيين، أو شريكا للعدو الإسرائيلي. وقال البردويل ل «الشرق»: «كلما تقدمت المصالحة انحسرت علاقة السلطة مع العدو الصهيوني، وكل ما يتعلق بها من تنسيق أمني وغيره». وأضاف: «الأصل أن تكون المصالحة حالة إحلال للشريك الفلسطيني عوضا عن الشريك الصهيوني»، مشيرا إلى أن السلطة كانت شريكة للعدو الإسرائيلي وعدوها الفلسطيني، أما الآن فمن المفترض أن تحدث عملية تبديل سيصبح الشريك فيها فلسطينيا.وأشار البردويل إلى أن حماس تشجع أن تتخلص السلطة من كل الاتفاقات الأمنية وغيرها مع إسرائيل لأنها أضرت بالقضية الفلسطينية، مبينا أن المصالحة مرهونة بحالة تحدٍّ للعدو الإسرائيلي؛ لأن المصالحة ليست مصلحة إسرائيلية على الإطلاق، والعلاقة مع العدو الإسرائيلي ليست مصلحة وطنية فلسطينية. «فالأصل دائما أن نبحث عن المصلحة الفلسطينية لا عن المصلحة الصهيونية».بدوره، اعتبر عضو حركة فتح ووكيل وزارة الداخلية الأسبق، أمين مقبول أن التخوف من عقبة التنسيق الأمني مع إسرائيل دون تطبيق المصالحة هو حجة واهية وعراقيل توضع وتبرز لمن لا يريد المصالحة.وأكد مقبول ل «الشرق» أن التنسيق الأمني مع إسرائيل سيستمر. وأضاف: «هناك الكثير من القضايا لابد أن يجري فيها تنسيق. نحن تحت الاحتلال ولسنا دولة مستقلة، فخروج الرئيس من رام الله يحتاج إلى تنسيق، وحينما خرج الأمين العام للجبهة الشعبية للحوار في القاهرة، خرج بتنسيق، وبالتالي هذا التنسيق لن يتوقف وهذا يعرفه الجميع»، موضحا أن من يثير هذه القضية يريد أن يضخمها ويضع العراقيل أمام أي مصالحة فلسطينية. وحول التزامات السلطة تجاه خارطة الطريق التي تُلزِم السلطة بمكافحة «الإرهاب»، قال مقبول إن جميع الفصائل الآن ملتزمة بما فيها حماس بالتهدئة وبالمقاومة الشعبية السلمية، و«بالتالي ليست هناك الآن أي مخاوف من العودة إلى العنف المسلح، وبالتالي من يطرح هذه القضية في هذه الأوقات يريد أن يشوش على المصالحة».وأوضح المحلل السياسي، وأستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر، مخيمر أبو سعدة، أن الملف الأمني من أعقد الملفات الفلسطينية بسبب وجود الاحتلال بالضفة الغربية، والتزامات السلطة الفلسطينية بما جاء في اتفاقات أوسلو وخارطة الطريق، لكن التفاهم بين الجميع والتزام حماس بالمقاومة السلمية الشعبية سيساعد على الأقل على إعادة صياغة الأجهزة الأمنية بما يتوافق مع المصالحة الفلسطينية، لأنه إذا التزمت حماس بالمقاومة السلمية؛ فإنه لن يكون هناك عقبات كبيرة أمام تنفيذ اتفاق المصالحة.وقال أبو سعدة ل «الشرق»: إنه حتى لو كانت هناك استفزازات إسرائيلية بعدوان مسلح، لجرِّ المقاومة إلى ردود فعل مسلحة؛ فإن المقاومة الفلسطينية سيكون لديها حق الدفاع عن النفس.وتوقع أبو سعدة أن تكون هناك مقاومة من نوع الاعتصامات والاحتجاجات والمسيرات الكبيرة مثلما حصل في الدول العربية في مصر وتونس لمواجهة الاحتلال.