جانب من مظاهرة في مدينة «بنش» الجمعة الماضية (رويترز) الدمام – أسامة المصري أثار الحديث عن إرسال قوات حفظ سلام إلى سوريا موجة غضب عارمة لدى السوريين أمس، وعبر الناشطون في صفحات التواصل الاجتماعي عن استياء شديد مما قاله المتحدث باسم الائتلاف الوطني السوري وليد البني «إن المعارضة قد تقبل نشر مثل هذه القوة إذا تخلى الأسد عن السلطة»، ورأى العديد من الناشطين أن ذلك مقدمة لمشروع تقسيم سوريا، في حين رأى آخرون أن تشكيل حكومة مؤقتة في المنفى سيسهل ما يريده المجتمع الدولي لتمرير الحل السياسي الذي ارتكز على بيان جنيف ومبادرة كوفي عنان التي أسس عليهما المبعوث الدوالي والعربي الأخضر الإبراهيمي رؤيته للحل في سوريا. فواز تللو وقال المعارض السوري فواز تللو ل «الشرق»: إن تشكيل حكومة مؤقتة خلال أسابيع يأتي في سياق ما يريده المجتمع الدولي، وبشكل خاص أمريكا والأوروبيون لتشكيل كيان سياسي يتعامل معه ويمرر من خلاله الحل السياسي للأزمة السورية، وأضاف تللو أن الحكومة المؤقتة «بصلاحيات تنفيذية كاملة» كما صرح السيد نبيل العربي، يراد منها فرض واقع سياسي جديد على الأرض دون إسقاط النظام بشكل كامل بل رحيل الأسد وكبار معاونيه عبر التفاوض، ومن ثم التشارك مع النظام (بدون الأسد وكبار معاونيه) في حكومة انتقالية تلي الحكومة المؤقتة التي ستكون بدورها (أي الحكومة المؤقتة) الجهة التي ستفوض المجتمع الدولي لفرض حله السياسي، ومن ثم التفاوض مع النظام (بدون الأسد) لتمرير هذه الرؤية، مع ما يتبعه من مخاطر تقسيم سوريا عمليا إلى كيانات على أساس عرقي وطائفي ولو حافظت شكليا على كيان واحد، خاصة أن بعض الأطراف السياسية السورية، ومنها أطراف كردية وأوساط واسعة داخل النظام، بدأت بالحديث علنا أو خلف الكواليس عن الفيدرالية السورية، ونبّه تللو أن المجتمع الدولي لا يريد لسوريا أن تكون دولة قوية لها وزن إقليمي، وأن تتعافى وتعيد بناء نفسها بسرعة، لذلك ترك النظام يدمرها كما يفعل الآن دون أي تحرك جدي لوقفه، واعتبر تللو أن الائتلاف الوطني وقبله المجلس الوطني وقع في فخ الموافقة على بيان جنيف الذي لا ينص على رحيل النظام، وأكد على انتقال سياسي ومرحلة انتقالية غير محددة زمنيا ولا تؤمن إسقاط النظام وكامل أدواته. وحذر تللو الائتلاف الوطني أن ليس من مهمته جلب قوات دولية إلى سوريا، ولا تشكيل حكومة مؤقتة لها صلاحيات واسعة تتخذ قرارات مصيرية دون تفويض من الشعب، وأكد أن من يحدد ما يريده السوريون هم الثوار على الأرض ممثلين بالقيادات الميدانية سواء كانت عسكرية أو مدنية. وعن دور قوات حفظ السلام التي من المحتمل إرسالها إلى سوريا بعد تشكيل الحكومة المؤقتة حذر تللو الائتلاف أو الحكومة التي ينوي تشكيلها من الإقدام على هذه الخطوة وقال «إن هذه القوات هي بمثابة انتداب جديد وسيفرض واقعا سياسيا تقسيميا على أساس عرقي وطائفي في سوريا كما أنه سيحافظ على مكاسب مؤيدي النظام الذين نهبوا سوريا طيلة أربعين عاما. ويحمي القتلة والفاسدين من المحاسبة». وحول رأيه عن مؤتمر أصدقاء سوريا الذي سيعقد في مراكش هذا الشهر قال تللو: إن المجتمع الدولي سيكرر ما طلبه من المجلس الوطني في المؤتمرات السابقة وهو التأكيد على «الانتقال السياسي للسلطة» الذي استخدمه المجتمع الدولي ليعطي النظام السوري مزيدا من الوقت للقتل والتدمير وإخماد الثورة أو إضعافها تمهيدا لقبولها هذا الحل، ومرة أخرى سيرمي المجتمع الدولي بطُعم الاعتراف بالائتلاف الوطني وطُعم المساعدات كما حصل سابقا، ليمرر حل «الانتقال السياسي للسلطة» الذي باتت ملامحه أكثر وضوحا في الوقت الذي باتت فيه الثورة أقرب للنصر العسكري الناجز، وأضاف أن الإسراع بتشكيل الائتلاف كان بسبب خشية المجتمع الدولي من قرب الانتصار العسكري، بإمكانات ذاتية من قبل الثوار والجيش الحر وبالتالي لن يكون بهذا الانتصار فضل للمجتمع الدولي فيه، وتضعف إمكانيته لفرض الحلول السياسية التي يطرحها عبر مبعوثه الأخضر الإبراهمي.وقال تللو إن الثورة السورية ليست في خطر وأن الثوار يتقدمون على الأرض ببطء لكن بثبات، خاصة في ريف دمشق، كما أن مناطق واسعة من سوريا في حلب وإدلب وحمص ودير الزور أصبحت تحت سيطرة الثوار والجيش الحر بشكل شبه كامل. وختم تللو حديثه قائلا: «على المعارضة أن تقوم بدورها المطلوب في خدمة الثورة وأهدافها ومساعدتها بما تحتاجه، لا أن تتصرف كقيادة للثورة، فهذا الفهم الخاطئ كلف وقتا ودماء وخرابا كان يمكن تخفيفها لو قامت هذه المعارضة بدورها المطلوب من قبل الثوار مصدر شرعيتها، لا الدور المطلوب منها من قبل المجتمع الدولي الذي تلهث خلف شرعيته».