افتتحت الدورة ال35 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الأربعاء، في مشهد غاب عنه النجوم الدوليون، وكثير من صناع السينما في مصر، على وقع الاحتجاجات التي تشهدها القاهرة ومختلف مناطق البلاد على الإعلان الدستوري للرئيس محمد مرسي. وافتتح المهرجان وسط إجراءات أمنية مشددة، بعدما تم تأجيله من مساء الثلاثاء إلى مساء الأربعاء. وبعد عزف السلام الجمهوري والوقوف دقيقة صمت “حدادا على أرواح شهداء ثورة 25 يناير وثورات الربيع العربي”، عرض فيلم قصير استعرض أعمال السينما المصرية في مسارها التاريخي الطويل. وجاءت بداية الفيلم لتقدم مقطعا من فيلم “شيء من الخوف” الذي تهتف فيه الحشود “باطل باطل”، ولاقى الجمهور ذلك بتصفيق طويل لتشابه هذا الهتاف مع الهتاف الذي أطلقه الفنانون في تظاهرتهم الثلاثاء احتجاجا على الإعلان الدستوري. وأشار مقدم الحفل الفنان عمرو يوسف في المقدمة إلى “الظروف الصعبة” التي ينعقد في ظلها المهرجان، ورأى في ذلك “إصرارا من الفنانين المصريين على استكمال مسيرتهم الفنية”. وشكر عمرو يوسف “الفنانين والضيوف الذي جاءوا لمشاركتنا هذا الموقف على الرغم من الظروف الصعبة التي تعيشها القاهرة، ولو صمتوا قليلا لسمعوا هاتفات المتظاهرين في التحرير حماية للحرية”. وجرى تقديم أعضاء لجان التحكيم الدولية في مسابقات الأفلام الروائية الطويلة والعربية وأفلام حقوق الإنسان واستقبلوا بالتصفيق، خصوصا الفنان المصري محمود عبدالعزيز الذي يرأس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام العربية. وهذه الدورة هي الأولى من المهرجان التي تعقد بعد ثورة 25 يناير، إذ أنه جرى إلغاء دورة العام الماضي بسبب الأوضاع التي كانت البلاد تمر بها. وإثر اعتذار عدد من النجوم العالميين مثل انجلينا جولي وكيت وينسليت في اللحظة الأخيرة، اقتصر الحضور على عدد من نجوم مصر فيما قرر جزء آخر منهم مقاطعة المهرجان. وكان من بين الحضور الوزراء وزير التخطيط والتعاون الدولي أشرف العربي، ووزير السياحة السابق منير فخري عبدالنور، والمخرجان خالد يوسف وايناس الدغيدي، والفنانون محمود قابي، وإلهام شاهين، ويسرا، وليلي علوي، ولوسي، وفيفي عبده، ومادلين طبر، وماجد المصري، وخالد أبو النجا، ونرمين الفقي، وانوشكا، ومنة شلبي، ومنال سلامة، وآخرون. وكان عدد كبير من الفنانين في مصر شاركوا في تظاهرة الثلاثاء بعد دعوة النقابات الفنية لذلك، وكان المخرجين محمد خان وداوود عبدالسيد، والممثلون مثل ليلى علوي وإلهام شاهين وخالد أبو النجا وآخرون وسط الحشود، بعد أن انطلقوا من أمام دار الأوبرا. وفاقمت الأحداث التي وقعت الثلاثاء في ميدان التحرير الأمور بالنسبة إلى المهرجان، إذ أن شركة “ميدل ويست” أعلنت في بيان سحبها الفيلم الوثائقي “البحث عن النفط والرمال” من المهرجان “احتجاجا على مهاجمة قوات الأمن المصرية المتظاهرين في ميدان التحرير”. وأكد وائل عمر، أحد مخرجي الفيلم، أنه يرفض المشاركة في مهرجان سينمائي تابع لوزارة الثقافة “بينما يمنح الرئيس المصري نفسه صلاحيات مطلقة وغير مسبوقة في أي دولة ديموقراطية”. وأصدرت مجموعة من الشباب المصري العامل في السينما بيانا مساء الأربعاء قال الموقعون عليه، ومن ضمنهم صحافيون عاملون في الحقل الفني، إنهم و”بصوت خفيض” يقاطعون أنشطة المهرجان بسبب ظروف البلاد. ورأى بيان السينمائيين الشباب أن المهرجان لا يعالج “أي قضايا جادة تخص السينما المصرية (..) ولا يعرف أي شيء عن وضع السينما الحقيقية والجادة والمستقلة في مصر”. وأعلن قسم من فريق فيلم الافتتاح “الشتا اللي فات” للمخرج إبراهيم البطوط، الذي يحكي عن التعذيب قبل الثورة وأثنائها، مقاطعة المهرجان أيضا. وكتب ياسر نعيم، الذي شارك في كتابة سيناريو الفيلم، على صفحته على “فيسبوك”، بعد اعتذاره عن حضور الافتتاح، أن الفيلم سيعرض “في غياب صناعه الحقيقيين، فبعضهم يصارع الإحباط في منزله، وبعضهم الآخر يعتصم بين الغاضبين على بعد أمتار قليلة من دار الأوبرا”. وأصيب المهرجان بنكسة أخرى جاءت من الجانب السوري هذه المرة، إذ أن المخرجة السورية هالة عبدالله أعلنت سحب فيلمها “كما لو أننا نمسك بكوبرا” من المهرجان نتيجة مشاركة فيلم للمخرج السوري عبداللطيف عبدالحميد المؤيد للنظام. وأكدت ماريان خوري سحب فيلم عبداللطيف عبدالحميد من المهرجان، ولم يظهر الفيلمان السوريان في الكاتالوج الرسمي. غير أن هذه القضية مرشحة للتجدد بعد أيام مع مهرجان دبي السينمائي، الذي تشارك فيه أفلام سورية لمخرجين مؤيدين لنظام الرئيس بشار الأسد، وهو ما ندد به المنتج ومدير مهرجان “دوكس بوكس”، عروة نيربية، مؤكدا أن “مخرجين سوريين (معارضين) يعملون حاليا للضغط على إدارة مهرجان دبي للحيلولة دون عرض هذه الأفلام (لمؤيدي الاسد)، بينما تتم إراقة الدم السوري”. وقال عروة نيربية إنه وقع على بيان احتجاج مماثل، وأن المخرجين السوريين يعملون للضغط حاليا على إدارة مهرجان دبي السينمائي بسبب مشاركة شريط للمخرج جود سعيد، وهو من المخرجين شديدي التأييد للنظام في سوريا. ويشارك في فعاليات مهرجان القاهرة هذا العام 175 فيلما من 66 بلدا، ويقام المهرجان للمرة الأولى في مكان واحد، هو دار الأوبرا. أ ف ب | القاهرة