في النماص من عسير، وفي أول دخول الفيلا الممنوحة لنا من المشفى، أكرمتنا العقارب بزيارة غير مرحب بها؛ فحين أمسكت بمنديل تنشيف اليدين أحسست بخرق حارق في أصبعي! قلت عجيب هل في المنديل دبوس أو إبرة اخترقت إصبعي؟ لأكتشف الملعون (عفوا من التعبير)، عقرب (بيبي) صغير شرير بالفطرة قد عقصني واختفى من جديد في انتظار لدغة مضاعفة. قلت، إنه كاميكازي انتحاري قتل نفسه وقد كان. بعدها وخلف التلفزيون رأيت أخاه الحبوب وهو صامت ساكت لا يبدي حراكا وكأنه قطعة خشب، وهو خلق عجيب عندهم وعند الأفاعي، فتظنهم أمواتا وهم أحياء يعدون أنفسهم لضربة الموت. أما الزعنفة التي يلدغ بها فقد اكتشفت أن بإمكانه أن يرفعها مثل رافعة الكاتربيلر في اتجاهات شتى منها محاذاة الأرض كما كان مع عقرب الجديدة الذي كان بطول 7 سم أصفر اللون أشقر مملوء بالسم. لا مزح مع العقرب والأفعى، وإن كانت الثانية لا تميل إلى الهجوم إلا حين الإحساس بالخطر فليحذر الناس من إخافتها، أما العقرب فشيمته اللدغ فلا ترحمه واهرسه بضربة واحدة. مع هذا قرأت عن عالم فرنساوي خبرا عجيبا أنه لاحظ مع بعثة العلماء الفرنساوية الذين كانوا مع تفجير أول قنبلة هيدروجينية فرنسية في الصحراء الجزائرية قدرة تحمل عجيبة عند عقارب المنطقة. هذه الملاحظة دفعت العالم فوشيه إلى متابعة بحثه عليهم على امتداد ربع قرن ليكتشف أسرارا مذهلة في عالم العقارب منها تحملهم للإشعاع النووي ب 300 مرة أكثر من بني البشر، وصومهم عامين، وحبس نفسهم تحت الماء يومين، وتحملهم لدرجات الحرارة ولو كانت بحرّ السعودية وبرد كندا وخلال ساعات، وتقلبهم في أعتى وسط للجراثيم وهم يأخذون شاور (دوش) لطيف ولله في خلقه شؤون. قالت الأمثلة أن الطوفان غمر الغابة يوما فتوسل عقرب إلى ضفدع أن يحمله في اليم، قال ويلك ليس منك إلا اللدغ! قال يا صاحبي فإن مت مت معك؛ فحمله الضفدع ظنا منه أن المحنة تغير الطباع؛ فلما اقترب من الشاطئ وأراد الخروج كان آخر شيء فعله لدغة قاتلة في جلد الضفدع المسكين. صرخ يجود بأنفاسه أين العهد؟ أجاب العقرب لقد احتقن جسمي فلم يكن لي بد من تفريغه فسامحني فهذه طبيعتي. وحين أرى قتل السوريين على يد الشبيحة أقول لا جديد فهي قصة الضفدع والعقرب!