تعود الاحتجاجات الشعبية في تونس لتتبع نفس الخط الذي أدى قبل ما يقارب العامين إلى تهاوي نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. فبعد الإضرابات والمظاهرات التي شهدتها محافظة سيدي بوزيد مهد الثورة التونسية، انتقلت موجة الغضب والاحتجاجات إلى مدينة تالة التابعة لمحافظة القصرين وسط غرب تونس. وتالة هي المدينة التي مثل اندلاع الاحتجاجات فيها في شتاء 2011 انعطافاً حاسماً في الانتفاضة التونسية. وتحت حكم حركة النهضة الإسلامية هذه المرة،عادت الاحتجاجات إلى مدينة تالة على شكل إضراب عام تلته مظاهرة جابت شوارع المدينة تندد بالحكومة وتطالب بالتنمية، وذلك بعد أيام من إضراب مماثل ومظاهرات في سيدي بوزيد من أجل التشغيل والتنمية وإقالة المحافظ. وفيما تجاوبت الحكومة مع احتجاجات سيدي بوزيد وعزلت المحافظ وعينت آخر، انتقلت عدوى الاحتجاجات إلى تالة في مشهد يذكر بتسلسل الأحداث أيام الثورة التونسية. ودعا إلى الإضراب العام في مدينة تالة مجموعة من منظمات المجتمع المدني غير الحكومية، وأغلقت أمس الأول المتاجر والمؤسسات العمومية من العاشرة صباحاً إلى الرابعة مساء. وهدد المضربون بالعصيان المدني ما لم تستجب الحكومة لمطالب أهالي المنطقة وعلى رأسها التسريع بمشروعات التنمية وتحويل المدينة إلى محافظة مستقلة وضمان توزيع عادل للثروة ومشروعات التنمية. وعد منظمو الإضراب أن المجلس الوزاري حول «واقع التنمية في ولاية القصرين ومدينة تالة» الذي أشرف عليه يوم الأحد الماضي رئيس الحكومة وأمين عام حركة النهضة، «تهكما على الجهة وقراراته تدل على ذلك». كانت الحكومة دعت في بيان الأحد أن المجلس الوزاري يدعو سكان المنطقة الى «الحوار الإيجابي والبناء مع السلطات المحلية والجهوية بخصوص مطالبهم وانتظاراتهم المشروعة». كما أقرت الحكومة في بيانها بأن تالة التي ترتفع فيها معدلات البطالة والفقر «وقع تهميشها في العهود السابقة». ويحذر متابعون للشأن التونسي من أن تطورات الأحداث في مهد الثورات العربية أصبحت تهدد الاستقرار السياسي والاجتماعي الضعيف أصلا في البلاد، فيما يحذر آخرون من انتفاضة ثانية قد تضرب هذه المرة أسس الدولة في تونس نتيجة تفاقم الأزمة الاقتصادية وتزايد نسب البطالة والفقر وهي العوامل التي تعد السبب الرئيسي في ثورة الرابع عشر من جانفي 2011. وفي السياق ذاته، شرع ثمانية نواب عن محافظة سيدي بوزيد في المجلس التأسيسي في تنفيذ إضراب مفتوح عن الطعام احتجاجا على «قمع الحكومة للمتظاهرين» وعلى انتهاجها «سياسة الاحتقار إزاء مطالب ومشاغل أهالي الجهة». ويطالب النواب وزير الداخلية التونسي والقيادي في حركة النهضة علي العريض بإيقاف حملة الاعتقالات والتعذيب والترهيب التي تستهدف المواطنين العزل بمدن وقرى المحافظة. في الأثناء، تجد حركة النهضة الحاكمة نفسها في ركن الزاوية، خاصة بعد تفكك شريكيها في الحكم حزبي المؤتمر والتكتل وخاصة بعد استقالة أربعة نواب من حزب التكتل، الأمر الذي دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي للإعلان في أكثر من مناسبة عن نية توسيع الائتلاف الحكومي وتشكيل حكومة وحدة وطنية تكمل ما تبقى من وقت لكتابة الدستور التونسي الجديد. سيارة شرطة أضرم المتظاهرون فيها النار في جزيرة جربا التونسية (رويترز)