ثمة مشكلة حقيقية لدي وأنا الجار «الحميم» للمبنى الزجاجي «المليح» الذي أمرّ من عنده صباح مساء، ويسألني الراكب معي: ليش سيارة الشرطة واقفة على المدخل؟! في كل مرة أقدم جواباً مخترعاً من رأسي، المبنى هو هيئة مكافحة الفساد، والأجوبة التي أقدمها غالباً «تعرفط» وجهي الجميل بالخذلان، ولا تجد استحسان أي من الشلة غير الفاسدة التي «تشقر» علي بين الحين والآخر. قلت مرة السبب هو أن الداخل لهذا المبنى مفقود والخارج مولود! فضحك صديقي حتى بدت نواجذه ويا لها من نواجذ، ثم سألني: ذلحين إش هو الفساد؟! قلت: الفساد يا هووو.. الفساد! رد صديقي بأن هيئة مكافحة الفساد ستتحول حبة حبة إلى هيئة لمتابعة المشروعات. الطريق طويل أمام مكافحة الفساد وأمام الهيئة، ولكننا نأمل أن لا يكون مسدوداً، وأن لا تظل الهيئة وكأنها تطارد خيط دخان بينما جمر الفساد لا يجامل ولا يرحم. مشكلتي هي ذاتها مشكلة حكيم «الشرق» عبدالعزيز الدخيل، الذي قال: «أنا لا أستطيع رؤية الإنجازات الصغيرة لأنني مأخوذ بانعدام الإنجازات الاستراتيجية»، أنا لا أستطيع أن أفهم وفهموني فضيلة، لماذا «تبحبش» الهيئة في قضايا الفساد الصغيرة. إما أن تعيد الهيئة تعريف الفساد والمفسدين للناس من جديد، أو أن الفساد حاجة ثانية غير الهاجس الذي يتساءل الخلق عنه ويؤرقهم، وأن الفاسد هو الصوص لا الديك.