انتقد اقتصاديون سوء استغلال المواطن للنفط الذي يشكل 90% من موارد الدولة، مطالبين بضرورة الحد من الاستهلاك المفرط للمشتقات البترولية كالبنزين والديزل، وأشاروا إلى أن توعية المواطن بالترشيد باتت حلا غير مجد، مؤكدين على ضرورة إيجاد حلول جذرية سريعة. وقال الخبير النفطي الدكتور راشد أبانمي إن المشكلة ليست في إيجاد الحلول كما يعتقد البعض، بل إنها تكمن في إيمان صنّاع القرار بوجود مشكلة، مضيفا أن أصحاب القرار غير مقتنعين بوجود مشكلة في الاستهلاك المتزايد للنفط وإمكانية نضوبه، ويتضح ذلك من انتقادهم المستمر لتقارير مؤسسات متخصصة في هذا الشأن مثل «سيتي جروب»، دون النظر إلى الحقائق الثابتة والتعامل معها، وأضاف أنه من الصعب التفكير في حلول لمشكلة غير موجودة من الأساس في نظر أصحاب القرار. وأشار أبانمي إلى أن تزايد استهلاك الكهرباء يعود إلى السعر الزهيد لبرميل النفط الذي تمنحه أرامكو لشركة الكهرباء، والذي يبلغ خمسة دولارات، في حين أن نفس البرميل يباع ب115 دولارا، وكأن الدولة تمنح شركة الكهرباء 110 دولارات عن كل برميل، مبينا أن هذا يعد جانبا من مشكلة استهلاك النفط، وتوقع أن المملكة لن تتمكن حتى من استيراد النفط بعد ثلاثين عاما من الآن، وعليه فإن الاستهلاك المتزايد لهذا المورد سيفضي بنا بعد ثلاثين عاما إلى عدم قدرتنا على التصدير وكذلك عدم القدرة على الاستيراد لضعف المقدرة المالية. تهميش واردات النفط من جهته، رأى الباحث في قضايا التنمية المستدامة الدكتور فيصل العتيبي، أن الحل يكمن في أن تكون المشتقات النفطية بعد عشرين سنة من الآن جزءاً هامشيا جدا من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، أي لابد من زيادة نسبة الصادرات غير النفطية، إضافة إلى تحقيق التشغيل الكامل للمواطن، بمعنى أن يصبح لديه دخل يمكنه من حل مشكلاته اليومية في حال تم الاستغناء عن النفط السعودي عالميا وارتفعت أسعار السلع، وبالتالي يستطيع التوافق مع النمط الحياتي الجديد. وأشار إلى أنه من الصعب أن ندعو المواطن إلى الترشيد في ظل ظروف قسرية تجبره على ذلك، وتساءل: كيف نقول للمواطن خفض استهلاكك من البنزين وهو لا يملك مواصلات عامة ومجبر على تسيير حياته اليومية؟ ثم كيف نناديه بترشيد الكهرباء وهناك 3% نسبة زيادة سنوية في عدد السكان ما يستلزم استهلاكا أكبر للكهرباء، إضافة إلى درجات حرارة مرتفعة في الصيف، لافتا إلى أن التوعية ربما تكون مجدية في حال وجدت الحلول للمواطن كتوفير شبكة مواصلات عامة، أما الآن فالتوعية ليست لها أية قيمة في ظل واقع يجبر على الاستهلاك. مكافآت تشجيعية للمواطنين بدوره، شدّد الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني، على ضرورة توعية المواطن بثقافة الترشيد، وقال إن المشكلة لدينا تكمن في الترشيد، والتي تعد ثقافة مفقودة لدينا للأسف، فالوعي الاقتصادي للمواطن غير موجود، ذلك أن المواطن يقتصر تفكيره على المدى القصير دون أي وعي بحقوق الأجيال القادمة، ما يجعل «الأنانية» تسيطر عليه، وأيضا دون أن يعي المواطن بأهمية المحافظة على موارد الدولة، لاسيما النفط، مشيرا إلى وجود استغلال واضح من قبل المواطن لموارد الدولة، ودعا القحطاني إلى اتباع سياسة جديدة في توعية المواطنين، عن طريق منح مكافآت لأفضل عشرة منازل في الترشيد شهريا، تُنشر أسماؤهم في الصحف ويمنحون مكافآت تشجيعية على ذلك.