طالب خبير في شؤون النفط ل " الرياض" بفصل عملية التكرير وما يعرف بالصناعة التحويلية وإنشاء شركة وطنية مختصة في ذلك تنشئ وتتملك المصافي داخل وخارج المملكة ، وشراء النفط الخام محلياً من أرامكو وبالسعر العالمي السائد. واوضح الدكتور راشد ابانمي الخبير والاستراتيجي النفطي ان هذه الخطوة ستعمل على رفع الميزة التنافسية العالمية لشركة ارامكو السعودية لقربها من منابع النفط وتوفير الأجور الباهظة المتعلقة بالنقل والتأمين جراء استيراد البنزين والديزل من الخارج ، وتقوم تلك الشركة بتسويق مشتقاتها البترولية لتلبية الاستهلاك المحلي والدولي وبالأسعار العالمية ، موضحا أن إنشاء الشركة سيعمل على تلاشي الأموال المهدرة التي تذهب للخارج بدون ضوابط. وأوضح أن الخلل في أزمة نقص الوقود "البنزين والديزل" وما ترتب عليه من اللجوء إلى الاستيراد من الخارج لسد النقص في الاستهلاك المحلي يكمن في فرض سلوك اقتصادي يقوم على الدعم" أي دعم أسعار البترول من خلال شركة ارامكو التي تنتهج منهجاً معاكساً لذلك ومبنياً على نظام صارم بمعايير التاجر وهدف الربح وتجنب الخسارة البينية بالإضافة إلى خلل في البنيوية الهيكلية وكذلك في التوجه الاقتصادي الكلي وما كشفت عنها تلك الأزمة "أي نقص الوقود" من متناقضات باهظة التكاليف يتحملها الاقتصاد الوطني. وقال إنه بالرغم من تكاليف شراء واستيراد الوقود الباهظة بشكل مباشر على اقتصادنا الكلي إلا انه من وجهة نظر ارامكو يعتبر "أوفر دفترياً" لعمليات الشركة بأن تقوم بتصدير النفط وبيعه لأحد المصافي العالمية بالأسعار العالمية، بدلاً من توجيهه للمصافي المحلية بسعر التكلفة وبالتالي ضياع أرباح مفترضه من جراء بيعه مباشرة عالمياً كنفط خام، ومقايضته بشراء الوقود في المقابل وحساب الفروقات كتكلفة التكرير. وأكد الدكتور راشد ابانمي الخبير والاستراتيجي النفطي أن السلوك الذي يخالف تلك المعايير الصارمة ينتج عنه هدر للأموال البينية ، ومن منطلق أن سعر البرميل من النفط الخام هو السعر العالمي، لذا فإن استيراد الوقود من الخارج بحجة انه ارخص من إنتاجه محلياً فيه التفاف حول النقطة الأساسية وهي تفادي التكلفة الناشئة من تسعيرة البنزين المنخفضة محلياً مقارنة بسعره العالمي، أما أن ذلك يكلف الدولة في نهاية المطاف مبالغ باهظة جداً، فهذا أمر يجب أن يتم تقصيه وتشخيصه ووضع الحلول المناسبة على مستوى الاقتصاد الوطني وليس على مستوى شركة ارامكو. ويعتبر كثير من المحللين أن استيراد البنزين بأقل تكلفه من إنتاجه محلياً، حالها حال اغلب المنتجات المستوردة من الخارج! ، يقول الدكتور ابانمي هذه التبرير غير منطقي، فالبنزين ليس حاله كحال السلع المستوردة الأخرى، أي ليس هنالك "بنزين تايواني" أو "بنزين ألماني"، فالمملكة تمتلك النفط الخام، وإنتاج البرميل من النفط الخام لا يكلف أرامكو أكثر من دولارين، أما تكرير النفط فهو صناعة تحويلية وغير معقدة ، وبإمكان المصافي التحويلية الحديثة إنتاج ربما أكثر من برميلين بنزين والباقي من المشتقات الأخرى وذلك عند معالجة ثلاثة براميل نفط خام، قائلا " لا يوجد تحديات لأرامكو كمثل التحديات التي تواجهها معظم دول العالم الأخرى في إنتاج البنزين من برميل النفط الخام الذي يكلف الدول الأخرى عشرات أضعاف ما يكلف شركة ارامكو. ومن هذا المنطلق تظهر نقطة التنافر والمفارقة الكبيرة والحديث للدكتور ابانمي بأن المملكة تستورد البنزين لسد النقص المحلي من بعض تلك الدول التي يكلفها النفط الخام استيرادا أو إنتاجا أضعاف ما يكلفه شركة أرامكو لإنتاج المشتقات المكررة، وتقوم شركة ارامكو بشراء تلك المشتقات بالسعر العالمي من تلك الدول التي صدرت اليها البترول - وفي أحيان كثيرة تقايضه بالنفط الخام، ثم تعيده إلى المملكة بعد أن تدفع مبالغ مضاعفة من ناحية أجور النقل والتأمين والتكاليف الأخرى. وأكمل الدكتور ابانمي أن استنزافاً كبيراً لعوائد المنتجات المكررة التي تفوق أضعافاً عديدة قيمة النفط الخام المباع. ويتعجب المواطن من عدم قيام شركة ارامكو بتوفير تلك التكاليف لخزينة الدولة، من خلال تكرير النفط محلياً بدل بيع الخام لدولة أخرى ثم شراؤه مرة أخرى بعد تكريره وبالأسعار العالمية وما يترتب على ذلك من تكاليف إضافية كثيرة.