أكد الخبير النفطي الاستراتيجي الدكتور راشد أبانمي، أن الحل الأمثل لمواجهة الاستهلاك المحلي المتزايد للطاقة، هو إيقاف الدعم الحكومي للمحروقات، حتى يعادل سعر البنزين المعدل العالمي، على أن يتم صرف مبلغ الدعم بشكل مباشر للمواطنين المحتاجين ك»بدل محروقات»، وهو ما سيؤدي – بحسب كلامه – إلى توفير حوالي 66 % من من إجمالي قيمة استهلاك المملكة من المحروقات. وقال أبانمي في حديثه ل»الشرق» إن دعم الحكومة لأسعار المحروقات يتسبب في هدر كبير في استهلاكها، نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بأسعار المحروقات عالميا. وقال إن إلغاء الدعم على سعر وقود السيارات وتعويض المواطن مباشرة ببدل محروقات عن طريق زيادة المعاشات، بنسبة تعادل نسبة الدعم الحالي للمحروقات، هو الحل الأفضل، وذلك عن طريق تعويض المنتسبين للضمان الاجتماعي الذين يتجاوز عددهم 600 ألف عائلة، وكذلك جميع عمال وموظفي الدولة والمتقاعدين، وحث المنشآت الخاصة على دفع بدل علاوة محروقات لعمالها وموظفيها، وذلك لمساعدة جميع شرائح المجتمع على تحمل التكاليف الإضافية للمحروقات، وترك حرية الاختيار لهم في الاستفادة من هذا البدل سواء في الوقود أو احتياجاتهم اليومية، والذي سيدفعهم طوعا إلى الترشيد في استهلاك الوقود تدريجيا. وتأتي تصريحات أبانمي تعليقاً على ما نشرته «الشرق» أمس، حول تحذيرات مركز «كاثام هاوس» للأبحاث في لندن، من أن زيادة الاستهلاك المحلي للطاقة في السوق المحلي للمملكة، قد يحرم العالم من امتدادات تقدر بمليوني برميل، ودعا المركز إلى زيادة أسعار المحروقات في المملكة لمواجهة نسبة الزيادة في الاستهلاك المحلي التي حددها ب7 %سنوياً، بينما دعا أستاذ الاقتصاديات والطاقة في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور محمد السهلاوي إلى زيادة الإنتاج، رافضاً زيادة الأسعار. وبين أبانمي أنه عندما توقف الحكومة دعمها عن أسعار المحروقات، فإنها ستوفر حوالي 66 % من قيمة استهلاك المملكة من المحروقات، مشيرا إلى أن المملكة تخسر سنويا 30 % من المحروقات المدعمة عن طريق تهريبها بطرق مشروعة أو غير مشروعة للخارج، بحكم موقع المملكة بين عدد من الدول العربية التي يستغل بعض مواطنيها موقع المملكة جغرافيا في الحصول على المحروقات بأسعار مغرية، تعد أقل بكثير من الأسعار التي تباع بها في بلدانهم»، موضحاً أنه «يجب على الحكومة التحرك سريعا بتحديد وحصر دعم المحروقات ونسبته 66 %، وكذلك حساب متوسط عدد أفراد العائلة السعودية وقيمة استهلاكها من المحروقات، حتى يتم صرف الدعم ك»بدل محروقات» بناءً على معدل استهلاك كل أسرة، مشيرا إلى أن إجمالي العوائد السنوية المتوقعة من رفع الدعم عن المحروقات، ستكون نواة لصندوق يمكن أن يطلق عليه «صندوق رسم تنمية موارد مواصلات» وتخصيص مبالغه لتحقيق أهداف المواصلات على المديين المتوسط والبعيد، ويكون نقطة انطلاق لتصميم نظام مواصلات متطور ومتنوع بين مدن المملكة وتوجيه تلك العوائد والاستثمارات إلى رفع مستوى الطرق بشكل عام وإقامة خطوط داخلية في المدن. وأضاف أبانمي إن مشكلة ارتفاع استهلاك الوقود تكمن في الحاجة إلى التنقل من مكان إلى آخر، وعليه فإن على الحكومة أن تتخذ إجراءات أكثر عملية وصرامة تبدأ بنفسها أولاً وأجهزتها ومنشآتها، وذلك بأن تقوم مثلاً بالحد من استخدام المواصلات الخاصة والاستهلاك المفرط للوقود من قبل الأجهزة الحكومية ومؤسساتها، والتوجه مثلاً إلى إلغاء بطاقات البنزين المجانية التي تقدم للموظفين، والتوجه إلى تقييد كل منشأة حكومية بدفع قيمة الاستهلاك الفعلي للوقود وبالتكلفة الحقيقية، ووضع معايير محددة وصارمة لترشيد استهلاك الوقود لكل الأجهزة الحكومية، مؤكدا أن مثل هذه الإجراءات من شأنها ترشيد الاستهلاك وتوفير أموال طائلة في حكم المعدومة وستكون من نصيب صندوق تنمية المواصلات وتطويرها المزمع إنشاؤه تزامناً مع رفع الدعم عن الوقود. وقال إن العمل بشكل فوري على تطوير أنظمة المواصلات العمومية وتنظيمها لجعلها أقل تكلفة وزيادة الطرقات المخصصة للنقل العام، سيوفر بدائل ملائمة تجعل الناس أمام خيار التخلي عن سياراتهم الخاصة، التي ستكون أكثر كلفة من تلك البدائل التي تتوافر في أنظمة النقل العام وخدماته، مطالبا بوضع رسم تنمية موارد مواصلات على رخص تسيير السيارات وفقا لهيكل متدرج طبقا لموديل السيارة ومعدل استهلاكها للوقود للحد من انتشار السيارات القديمة أو السيارات ذات الاستهلاك العالي للوقود.