هي قصة يحكيها زماننا وتنسجها حروفنا وتوثقها أفعالنا، ليس لكوننا مُختلفين أو مميزين وإنما لرغبتنا في مجاراة العصر وتحديث كل محاولاتنا لتتماشى معه. نعم هي قصة كُل طفل يُحب ما يُحب والداه ويكره ما يكره والداه، وحين يكبر ويبدأ بالنضج نسأله وبغضب من علمك هذا؟ وكأننا لم نكن حاضرين معه، ولا مُساهمين في تربيته، وكأن تلك القيم والمبادئ اكتسبها من الشارع فقط، ونحن لا دور لنا وحين يبدأ ذلك الوضع بالخروج عن السيطرة نفكر ( كيف وصل أطفالنا إلى هذا؟ ) وربما نبدأ بإلقاء اللوم على عصرنا الغريب هذا ! نعم هي قصة كُل رجل كبير بالسن، أصبح يتذمر من كُل ما حوله وينظر للعالم بعيون يملؤها الاستغراب، ويحكي عن أمجاد كانت في السابق، ويخط لوحة جميلة عنوانها زمن الأصالة، حينها فقط يلتفت لنا وبداخله غضب قاتل يصرخ (كيف وصلتم إلى هذا؟) وربما نجيبه لم نصل إلى شيء ببساطة أسلوب حياتنا تغير. نعم هي قصة كُل أم تسعى جاهدة لفهم أطفالها، تسعى لجعل أولادها رجالاً وبناتها نساءً، تسعى لتجعلهم عنوانا عريضا يتكلم به هذا المجتمع، ولكن كُل يوم يزداد ذلك الحمل ثقلاً على ظهرها، وهنا يصرخ خوف الأم بداخلها (يارب أهديهم فنحن لم نكن هكذا)، ربما نبتسم لها ونقول حياتنا ليست كحياتكم، نعم هي قصة كُل أب يحاول تحقيق تلك المطالب والرغبات لأبنائه، يحاول أن يملأ أعينهم لتبتعد عن أعين الآخرين، يبذل قصارى جهده كي لا يجعل مستواهم أدنى من غيرهم، ولكن تدهشه تلك الطلبات وتحزنه تلك الرغبات، وقد يصرخ أحياناً عجزه، لتوضيح مفاهيمه ويردد ( في زماننا لم تكن هذه مطالبنا ) وربما نجيبه زمانكم شيء وزماننا شيء مختلف، هل أصبح الاختلاف بالتخلف؟ هل أصبح التقدم بالرجعية؟ هل أصبحنا في زمان تحكمه الرغبات، وتسيطر عليه الشهوات الجامحة؟ أم أننا لم نعد نفرق بين معنى الحياة بكل ماتعنيه وماتهدف إليه ومعنى إحياء الذات؟ نعم أمتلك رغبات ومطالب طموحات وأحلام أريد تحقيقها وبشده، ولكني وبالمقابل أمتلك قدرة على حب الآخرين واحترام مطالبهم وطموحاتهم، أدرك ماذا تعني الحياة وأين هو الخط الأحمر الذي لا يمكن لأحد تجاوزه. ولكني وككثير من الناس عندما ينظرون إلى من حولهم، يسألون أنفسهم بأي زمان ومكان نحن ؟ هو زمن المال والربح المادي، هو زمن المصالح والمتطلبات، هو زمن الأنانية وحب الذات هذا زمن (نفسي نفسي وطز بغيري) للأسف هناك عائلات لايدري أحدهم عن الآخر، رغم وجودهم تحت سقف واحد، فالكل أخذته مشاغل الحياة والركض وراء مغرياتها، فهم لايجتمعون على مائدة ولا يجتمعون على شاشة تلفاز ولا حتى في وقت أداء الفريضة. ما أجمل زمن السبعينيات، كانت الناس مترابطة لدرجة أن الجار يأكل مع جاره، ويشعر بألمه، ويمرض لمرضه، ويحزن لحزنه. بعد كُل هذا أتساءل هل مشاركة الحب والمصالح والسعي للآخرين، سيجعلنا من الخاسرين؟ أم أن الحب أيضاً أصبح يحتاج إلى مردود مادي؟