وقلت لعمنا العزيز غرم الله الدولي. كنت أجلس مع ابنتي الصغرى وكانت محطة فضائية تعرض مقتطفا من أغنية لعبدالحليم حافظ، وفجأة نقلت إلى محطة أخرى. فلما سألتها لماذا تفعلين ذلك؟ أجابت لأن هذه الأغاني مُملّة ولا أكاد أفهمها. ألا ترى ياعمنا أننا في زمن أغبر؟! قال ليته أغبر فقط بل ( منيل بستين نيله ) وعاد عمنا بذاكرته إلى الخلف إلى مايسمى الزمن الجميل زمن أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد ونجاة الصغيرة وعبدالحليم وشادية ذلك زمن أبيض جيل ولى وحل محله زمن قبيح زمن شعبولا وسعد الصغير وسعد المتوسط، وغيرهم من الأسماء الذكور والإناث التي نسمع بها كل يوم ونشاهدها تنط كما تنط صغار القرود في مناظر مقززة يسمونها ( فيديو كليب ). ثم أين الفن الجميل في زمنه الجميل أين سامية جمال وسهير زكي ونجوى فؤاد؟ وأين ناهد شريف وهند رستم وفاتن حمامة؟ كل ذلك الكم من أهل الفن رحلوا وتركوا الساحة خالية ليحتلها من لا يفقهون شيئا ولا يعلمون .. والمشكلة يا ولدي أن هذا الجيل يتابع تلك الأشياء التي يسمونها ظلما بفن الغناء أو الرقص أو التمثيل .. اعلم رحمك الله ياولدي. أن الذي ذهب لن يعود وأننا إذا بقينا نتحسر على الماضي فستزداد حسرتنا اتساعا كما حال انتشار هؤلاء كالوباء في أجواء الفن العربي .. حتى خالتك هلالة رحلت ولن تعود ولن يجود الزمان بمثلها أبدا .. كنت منسجما أتابع حديث عمنا بشغف واحترام لأنه من الذين يفقهون في الفن ويقدرونه. لكن أفقت وصدمت في آن واحد عندما أدخل اسم المرحومة زوجته المتوفاة منذ أكثر من ربع قرن. وقلت له ياعمنا إني بت أخشى عليك من الخرف فما علاقة المرحومة بالموضوع ؟ فلا هي تصلح أن تكون نموذجا للسابقين من أهل الفن. ولا تصلح أن تلحق بالقردة المحدثين من أهل الفن. قال بهدوئه المعهود عفى الله عنك يا بني كنت تستطيع أن تغير الحديث بهدوء كما فعلت ابنتك في تغيير المحطة. دون أن أسمع منك هذا الكلام الناشف قلت سامحني ياعمنا فقط أنت كنت تتحدث عن الورد وفجأة انتقلت إلى البصل فكانت ردة الفعل.