محافظ محايل يبحث تطوير الخدمات المقدمة للمواطنين    المودة عضواً مراقباً في موتمر COP16 بالرياض    قبل مواجهتي أستراليا وإندونيسيا "رينارد" يستبعد "العمري" من قائمة الأخضر    شرعيّة الأرض الفلسطينيّة    «الاختبار الأصعب» في الشرق الأوسط    حديقة ثلجية    «الدبلوماسية الدولية» تقف عاجزة أمام التصعيد في لبنان    البنك المركزي السعودي يخفّض معدل اتفاقيات إعادة الشراء وإعادة الشراء المعاكس    الهلال يهدي النصر نقطة    رودري يحصد ال«بالون دور» وصدمة بعد خسارة فينيسيوس    لصوص الثواني !    مهجورة سهواً.. أم حنين للماضي؟    «التعليم»: تسليم إشعارات إكمال الطلاب الراسبين بالمواد الدراسية قبل إجازة الخريف    لحظات ماتعة    محمد آل صبيح ل«عكاظ»: جمعية الثقافة ذاكرة كبرى للإبداع السعودي    فراشة القص.. وأغاني المواويل الشجية لنبتة مريم    جديّة طرح أم كسب نقاط؟    الموسيقى.. عقيدة الشعر    في شعرية المقدمات الروائية    الهايكو رحلة شعرية في ضيافة كرسي الأدب السعودي    ما سطر في صفحات الكتمان    متى تدخل الرقابة الذكية إلى مساجدنا؟    وزير الصحة يتفقد ويدشّن عدداً من المشاريع الصحية بالقصيم    فصل الشتاء.. هل يؤثّر على الساعة البيولوجية وجودة النوم؟    منجم الفيتامينات    نعم السعودية لا تكون معكم.. ولا وإياكم !    أُمّي لا تُشبه إلا نفسها    جودة خدمات ورفاهية    أنماط شراء وعادات تسوق تواكب الرقمنة    كولر: فترة التوقف فرصة لشفاء المصابين    الأزرق في حضن نيمار    ترسيخ حضور شغف «الترفيه» عبر الابتكار والتجديد    الناس يتحدثون عن الماضي أكثر من المستقبل    من توثيق الذكريات إلى القصص اليومية    قوائم مخصصة في WhatsApp لتنظيم المحادثات    الغرب والقرن الأفريقي    الحرّات البركانية في المدينة.. معالم جيولوجية ولوحات طبيعية    الاتحاد يتغلب على العروبة بثنائية في دوري روشن للمحترفين    ضبط شخصين في جدة لترويجهما (2) كيلوجرام من مادة الحشيش المخدر    المربع الجديد يستعرض آفاق الابتكار الحضري المستدام في المؤتمر العالمي للمدن الذكية    أمير القصيم يرعى حفل تدشين 52 مشروعا صحيا بالمنطقة بتكلفة بلغت 456 مليون ريال    فقيه للرعاية الصحية تحقق 195.3 مليون ريال صافي ربح في أول 9 أشهر من 2024 بنسبة نمو 49%    رحيل نيمار أزمة في الهلال    مبادرة لتشجير مراكز إسعاف هيئة الهلال الأحمر السعودي بمحافظة حفر الباطن    نائب أمير الشرقية يطلع على جهود اللجنة اللوجستية بغرفة الشرقية    أمير الباحة يستقبل مساعد مدير الجوازات للموارد البشرية و عدد من القيادات    المريد ماذا يريد؟    أمير تبوك يبحث الموضوعات المشتركة مع السفير الإندونيسي    الدولار يقفز.. والذهب يتراجع إلى 2,683 دولاراً    رينارد يعلن قائمة الأخضر لمواجهتي أستراليا وإندونيسيا في تصفيات مونديال 2026    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني وفريق عملية زراعة القلب بالروبوت    ليل عروس الشمال    التعاطي مع الواقع    التكامل الصحي وفوضى منصات التواصل    الداخلية: انخفاض وفيات حوادث الطرق بنسبة 50%    ولي العهد يستقبل قائد الجيش الباكستاني    سلام مزيف    همسات في آذان بعض الأزواج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صباح... صخب العيش والغناء بين مصر ولبنان

صباح، المغنية والممثلة، منذ حوالى ستين عاماً على المسارح وشاشات السينما والتلفزيون في لبنان ومصر. فنانة طبعت عصراً كاملاً بصوتها الطالع من آهات الريف ودلاله الى أجواء المدينة الحديثة وسحر الفن السابع. و «استضاف» هذا الصوت ألحاناً تقليدية وتجريبية بحيث كانت صباح ولا تزال نجمة غناء في طبقات الصوت كلها بلا منازع.
لا يمكن نسيان وجهها على المسرح وعلى الشاشة ب «جسديته» المفرطة، كأن السامع أو المشاهد جارٌ لها لم ينتبه الى جارته إلا عندما سمع صباح ورآها.
التقينا الفنانة الكبيرة - أطال الله في عمرها - واعدين النفس بحديث عن عصر ذهبي عاشته، خصوصاً في مصر الزاهية حين كانت تبني الخيال العربي من صور الممثلين وأصواتهم وبلاتوه الاستوديو الذي كان أكثر حضوراً من الواقع.
لم نحظ بالوعد كله إنما بهذا الحديث مع صباح في شقتها الواقعة في منطقة الحازمية - شرق بيروت، وهو أقرب الى سيرة شخصية والتفات الى القريبين في مسيرتها من فنانين وأصدقاء.
 نبدأ من رحلتك الأولى الى مصر، ما هي ظروف ذهابك اليها؟
- كنت في المدرسة أشارك بحفلة سنوية للأهل. وكان بينهم قيصر يونس المتزوّج بابنة أخت آسيا داغر، ولما شاهدني أمثل في المسرحية المدرسية، سألني إن كنت أحب الذهاب الى مصر. وهذا كان أملي، لأنني كنت أحب وقتها ليلى مراد وأدعو «يا ربّ أصبح مثلها». في ذلك اليوم، تناولنا الغداء وكانت بالقرب منّا كنيسة، دخلت اليها وبكيت للسيدة العذراء وتوسلت كي أذهب الى مصر. بعد يومين، جاء قيصر يونس وأخذ صورتي الشخصية وأرسلها إلى آسيا فوافقت على أن يصطحبني الى مصر.
وذهبت الى مصر بالقطار بمرافقة والدي، وكانت آسيا بانتظاري في المحطة ومعها هنري بركات. كنت صغيرة في السن، والحمدلله مثلت أول أفلامي، وعرّفتني آسيا إلى أهم الملحنين والفنانين والصحافيين، وكان الرئيس رياض الصلح أوصى بالاهتمام بي، وكذلك الشيخ بيار الجميل الأب، فقد حمّلاني رسائل مكتوبة لإدغار جلاد الذي كان يملك جريدة مصرية باللغة الفرنسية.
أول ما سكنتِ في مصر... أين؟
- سكنت في بادئ الأمر عند آسيا وكنت أنام الى جانبها، وكانت تتبنى فتاة غير ظريفة «دمها ثقيل». كنت أشعر كأنني عائشة في حلم، ولم أُزعج أحداً وأحببت آسيا كثيراً. كانت آسيا تسكن في منطقة جميلة في مصر الجديدة. وعندما قامت بإنتاج أول فيلم لي، قال الملحنون إن صوتي طفولي ولا يصلح، لكن هنري بركات قال: «لا تحملي همّاً إنتِ مهضومة حتى لو كان صوتك صغيراً». وأول فيلم نجح كثيراً. وقتها كانت آسيا منتجة لكن «على الخفيف»، أما بعد نجاح الفيلم الذي أنتجته لي «القلب له واحد» من اخراج هنري بركات، فقد صارت آسيا منتجة «على الثقيل». أذكر هنا ان هنري بركات سوري من الشوام، كان رجلاً نبيلاً.
عندما ذهبتُ الى مصر كنتُ أحييت حفلات في المدارس في لبنان وغنّيت مرة واحدة في نقابة الصحافيين.
أمي وأبي كانا يتناوبان على الذهاب معي الى مصر. كان أبي، إذا قبّلت شخصاً في الفيلم، يربطني بالسرير بحبل ويضربني. وبعد الضرب يشرب القهوة لتهدأ أعصابه، ثم يرى الفيلم مجدّداً ويضربني ثانية. «من زمان كان الفن عيباً».
من كان يحيط بك هناك، هل كانوا من لبنانيي مصر؟
- بعدما سكنت مع آسيا انتقلت الى شقة خاصة بي في الجيزة. كان هناك لبنانيون كثر، وكانوا قريبين مني، ويقيمون لي حفلات»، وكان هناك «نادي الشرق» لكل الفئات وأغني فيه كل ليلة سبت. في إحدى المرات اصطحبت عبدالحليم حافظ وقلت له «تعال اسمعني»، فجلس خلفي وسمعني. عندها لم يكن عبدالحليم مشهوراً، لكنني كنت مُقتنعة بموهبته.
من أين كنت تتبضعين، تشترين ثيابكِ؟
- من «عمر أفندي» الذي كان يبيع ثياباً جميلة تناسب عُمري، وبعد فترة حين مثلت مع فريد الأطرش ارتديت فساتين من تصميم اللبناني جوزيف هاروني، واستمرت الموضة عندي من وقتها وصرت «فت عملة» على أزيائي.
هل كنت تعرفين أشخاصاً أجانب في مصر؟
- في الاحتفالات الوطنية كالعيد الوطني وغيرها، كانوا يدعونني الى السفارات.
ومن المخرجين المصريين؟
- أحمد يحيى أخرج لي «ليلة بكى فيها القمر» وهو رجل لطيف، وفطين عبدالوهاب الذي تزوج بليلى مراد، أحبّه كثيراً، كان «مهضوماً» ويُخرج أفلاماً كوميدية، وحسين فوزي مثّلت له «لبناني في الجامعة» مع محمد سلمان، كنت أحبه كثيراً وكان مخرجاً ذوّاقة تزوّج بامرأة المانية وله منها ولدان، ثم تركها وتزوّج بنعيمة عاكف، وزوجته الأولى أصيبت بشلل من جراء ذلك. ونعيمة عاكف أيضاً لم تعش كثيراً. حسين فوزي كان مصرياً وأخوه يُدعى عباس كامل وهو مخرج أيضاً، وهناك حلمي حليم «يايا... مخرج فظيع... حياتي». حلمي حليم مخرج رومانسي رائع، أخرج لي فيلماً أنا ورشدي أباظة «كانت أيام» وغنيت فيه لرشدي «يانا يانا».
الشخصيات اللبنانية التي كانت مقيمة في مصر، هل عرفتهم؟
- كنت أرى معظمهم في الحفلات وكانوا يحبونني.
كيف رأيتِ المرأة المصرية عندما ذهبت الى القاهرة؟
- رأيتها حلوة. من زمان كانوا متطوّرين ويرتدون ثياباً جميلة وبيوتهم جميلة. باشاوات وبكوات. كانت أيام في مصر لا تُنسى في عهد الملك. أنا أحببت الملك كثيراً. أنا أحب «الملوكية». كانت نساء مصر متحرّرات، وفي الحفلات لم تكن هناك امرأة محجّبة. الناس الآن ملّت فآمنت. كن يرتدين التنانير القصيرة كما نرى في حفلات أم كلثوم...
كونك غير مصرية، هل واجهتِ مشكلة قانونية في العمل؟
- كان يترتب عليّ دفع ضرائب وأنا كنت فقيرة، وكانت رئيسة النقابة السيدة أم كلثوم، فذهبتُ اليها وقلت «الله يخليكِ طوّلي بالك عليّ»، فقالت لي: «ولا يهمّك». كانت أم كلثوم «مليحة». في احدى المرات كنت معها عند أحمد الحفناوي، ومرّت بعض البرغشات، فقلت «إيه ده... ناموس؟». فقالت: «إيه، هو لبنان ما فيهوش ناموس»؟ فقلت: «لبنان طلع منه الناموس». (طبعاً هي كانت تقصد البرغش وأنا الشرف).
بالنسبة للمشاكل، كونكِ أجنبية أو غير مصرية؟
- كانوا يُحبونني كثيراً ويعاملونني معاملة حسنة جداً وحتى الآن.
أنتِ تحملين الجنسية المصرية؟
- طبعاً المصرية والأردنية والأميركية.
حصلت على الجنسية المصرية بعد زواجك من أنور منسي أم من أحمد فرّاج؟
- وقت زواجي من أنور منسي تخلّى عن الجنسية لأن الرئيس عبدالناصر كان ظالماً، ثم رجعت الى لبنان، وأصبح السادات رئيساً «أحبه كثيراً هو وزوجته»، فأعاد لي الجنسية. زوجة السادات رائعة تعلّمت منها الكثير. كنت دائماً أُعاشر الناس الذين أستفيد منهم.
في عام 1958 كنت في مصر. صار هناك حدثان. حدث يعني المصريين والآخر يعنيك كصباح الفنانة اللبنانية؟
- أولاً: الوحدة المصرية - السورية وعلى أثرها أنتجت الأغاني وأحييت حفلات، وثانياً: حركات ومشاكل في لبنان عام 1958 وكان لعبدالناصر يدّ بذلك إذ كان يرسل السلاح الى سورية أيام الرئيس كميل شمعون، فعمّت المشاكل صيف 1958.
هل شعرتِ بذلك؟
- كنت صغيرة، لم أكن أفهم هذه الأشياء.
عندما كنتم تُغنّون لعبدالناصر والوحدة، كانوا يطلبون منكم ذلك؟
- نعم، كانوا يطلبون منّا ذلك، طلبوا مرّة مني ومن عبدالحليم أن نذمّ ملك الأردن لأن عبدالناصر كان على خلاف معه، لكننا رفضنا. وكان قرارنا في مكانه، لأنه عاد وتصالح معه بعد أسبوع.
يطلبون مدح الزعيم والرئيس؟
- يا لطيف كثير. في البدء، حين ظهر عبدالناصر أحببناه كثيراً، لكنه عندما بدأ يفرض قرارات كالتأميم والتشدد في سمة الدخول الى مصر وعدم اخراج أكثر من 20 جنيه من مصر، لم أعد أتحمّله.
عندما تزوّجتِ أنور منسي، هل انزعج اللبنانيون؟
- بالعكس، اللبنانيون يحبّون أخطائي لا يقولون شيئاً. أنا تزوّجت أنور منسي لأن أوتاره كانت موجودة في زلعومي. كان عازفاً مهماً.
لا أحد يصدّق حتى الآن أن صباح عاشقة الحياة والفرح والحرية، تزوّجت أحمد فراج الناصري المنغلق التقليدي؟
- مثّل معي فيلماً، كان يحب الكحول، لكن عندما لم ينجح الفيلم أخذ طريقاً آخر عبر برنامجه «نور على نور». وكي أشجعه حضرت له برنامجين. كان ذكياً وسافر الى السعودية حيث نجح كثيراً. حياتنا لم تكن فيها مشاكل. لأنني تربّيت في مصر بين المسلمين، ما زلت أحبّهم وهم مَنْ يقف الآن بجانبي. المسلمون والعرب الى الآن يقفون بجانبي. قلّة هم اللبنانيون الذين وقفوا بجانبي، لا يساعدون الفنان في لبنان.
يقال ان أم كلثوم، صباح، ليلى مراد، شادية، وردة، فايزة أحمد، نجاة، هن كبيرات الأغنية في مصر على اختلاف ما بينهن. صحيح؟
- فايزة أحمد كانت جارتي وكنت أحبّ جنونها هي لبنانية من الجنوب (ولدت ونشأت في مدينة صيدا). كانت تغني بطريقة حلوة لكنها كانت مزعجة وغريبة. مرة ضربتها بالكفّ، كنت مع عبدالحليم الأنجح في «أضواء المدينة»، وكانت مجلة «الكواكب» تقيم حفلة كوكتيل. ذهبت مع عبدالحليم، فوصلت فايزة أحمد وقالت «أنا أعرف ما بينكِ وبينه». فما كان مني إلا أن ضربتها كفاً لاذعاً، عبدالحليم لم يكن كثيراً «بتاع نسوان». لحقت بي فايزة أحمد مرة الى نقابة الموسيقيين حيث كنت أتدرّب مع عبدالوهاب، كانت تحمل مقصّاً وتريد أن تقصّ شعري، فقال عبدالوهاب: «لا إله إلا الله» واختبأ في غرفته، لكن الموسيقيين أمسكوا بها.
كنت وعبدالحليم نحب بعضنا بعضاً كثيراً لكنه «مش بتاع نسوان». يعني انه كان يعرف نساء وعشق نساء كثيرات. لكنه غير مبتذل. كان يعتزم الزواج بامرأة من عائلة الرفاعي الأردنية لكنه توفي قبل ذلك.
وعلاقته بسعاد حسني؟
- الفنان عندما يصبح مشهوراً يفكر ملياً قبل الزواج. نعم، كان في علاقة مع سعاد حسني.
وفريد الأطرش؟
- أمير بكرمه وحياته ولباسه وأفلامه، لكنه كان سريع الغضب. كان إذا لحّن لي أغنية ونجحت، يبقى سنة من دون أن يكلمني. بعد «يا دلع» و «حبيبة أمها» ظل سنة كاملة لم يكلمني. فريد غيّور، كان يريد تسجيل الأغنية، لكن لم يسمح له بذلك. كان وقتها في مصر لبنانيون يسجلون الأسطوانات وحقوقها ولم يسمحوا له بتسجيل الأغنية بصوته.
أغنية «زنوبة» أعطاها لنجاح سلام على رغم ان صوتها لا يسمح لها بغناء هذا النوع، هي تغني طرباً. لكن فريد كان يريد إغاظتي فسجل «زنوبة» بصوت نجاح ولم تنجح. فعاد وسجّلها بصوتي. علاقتي بفريد كصديق كانت جيّدة، مدير أعمال فريد كان شقيقه فؤاد. لكن معظمنا لم يكن لديه مدراء كنا نحن نقوم بكل شيء.
ومحمد فوزي؟
- أحبه كثيراً. مثّلت معه كثيراً، هو طيّب جداً وعقله غريب. كان يسكن في الطبقة الأولى في عمارة السعودية ثم انتقل الى الهرم حيث اشترى فيلا، لكنه بقي يذهب الى العمارة فيقول له البواب «يا أستاذ أنت في الهرم». كان ينسى ويقول له «أستاذ هذا الفيلم أنت مثلته، هذه الأغنية لك».
ومحمد عبدالوهاب؟
- ملك، ملك، لحّن فيلم «سيبوني أغنّي» مثلت فيه مع ابن أخيه، ولحن لي أغاني كثيرة، نحن كنا نحب أن نطلق الأغنية اللبنانية، فتوفيق بركات لحن «على الضيعة» لكننا قلنا ان عبدالوهاب لحّنها.
وبليغ حمدي؟
- أيضاً لا أنسى أغانيه التي ما زالت حيّة وناجحة.
والممثل كمال الشناوي؟
- طيّب كثيراً. مثلت معه أفلاماً. كان شاباً جميلاً، في البداية كان منزعجاً من قلة العمل لكن في النصف الثاني من عمره «نزلت» عليه الأفلام بكثرة.
وعمر الشريف؟
- أحبه واشتركت معه في برامج اذاعية، ولا زلت أحبه.
في عام 1948 كنتِ في مصر وضاعت فلسطين، هل شعرتم بذلك وقتها؟
- أكيد... أنا غنّيت كثيراً في فلسطين، بلد عظيم والناس فيه مثقفون. هناك «الزبّال» متعلّم. غنّيت في القدس في صالة «سينما القدس» أنا ومحمد الكحلاوي. الفلسطينيون شعب محبّ، كنت عندما أمرّ في الأسواق ينادونني ويقدمون لي الهدايا. في سوق الذهب، كل شخص يهديني قطعة أحلى من الثانية. شعب عظيم.
عبر أي وسيلة كانوا يعرفونك؟
- كنت مثّلت أول أفلامي وسافرت الى بغداد. كانوا يهرّبونني من الناس، كنت كل يوم أنام في مكان مختلف عما سبقه. كانت السينما وسيلة مهمة جداً. كنت عندما اريد أن أدخل الى مكان إحياء الحفلة، أرى الناس بالآلاف، الجهة المنظمة للحفلة في بغداد حينها، شهرت السلاح على الناس كي يتفرقوا من أمام الصالة، لكنهم لم يفعلوا. ذلك كان قبل احتلال فلسطين.
عندما أنشئت اسرائيل كنتِ في مصر. ماذا حصل؟
- ما صار شي. أنا أحب الفلسطينيين، سامي شاتيلا وزوجته فلسطينيان كانا من أعز أصدقائي. هناك أشخاص فلسطينيون عززوني وأحبهم.
متى قدتِ سيارة للمرة الأولى؟
- أهداني رجل مصري سيارة من نوع «فورد» لم أكن أعرف القيادة وما زلت، أنا جبانة جداً، كان أبي يتولى المهمة عني.
تعلمت الرقص «الفرنجي» في لبنان.
- وما زلت أحب الرقص مع شي شاب «حلو».
مستوى معيشة الفنانات؟
- لم يكن جيداً «كنا بالمرة». أحيي حفلة مقابل 500 جنيه أو 1000. لكن في بداياتي كنت أتلقى 150 جنيهاً. كان المستوى المادي مريحاً في أيام الملك فاروق، كان الناس «عايشين» أيام الملك كانوا عظيمين، وبعد الملك الشعب أصيب بالفقر.
حين تزوجتِ كان وضعك المالي مستقلاً عن زوجك؟
- أنا أدرس وضعي جيداً، إن كنت أستطيع مساعدة زوجي لا أبخل. لكنني لا أحب أن أتزوج رجلاً يأمرني، أنا أريد أن آمره. فتزوجت رجالاً كنت أساعدهم، لكن من تزوجتهم كانوا يتفهمون عقلي. أنا كريمة جداً، لكن حسابي في البنك منفصل عن حساب زوجي. «ما بأمّن».
أين تعلّمتِ الغناء والتمثيل؟
- لم أتعلم شيئاً، كنت موهوبة، ذهبت الى مصر ومثلت مباشرة عندما طلب مني هنري بركات ذلك. وكان يريد الزواج بي لكنني لم أقبل. كان يجيد اللغة الفرنسية بإتقان. لست مثله لكنني كنت أتكلم الفرنسية والإنكليزية مثل العربية.
أول من لحن لكِ؟
- رياض السنباطي وزكريا أحمد وغيرهما، في البدء قالوا ان صوتي طفولي، لكنهم لم يترددوا في تلحين الأغاني لي، وكنت حينها في ال 17 من عمري.
ألم يُمرّنوكِ قبل ذلك؟
- لا، لم أتمرّن.
متى أحسستِ أن صوتك نضج؟
- بعد 15 سنة من الغناء، أي في الثلاثين من عمري، واعترفوا بي كمطربة بعد أغنية «مال الهوى يامّا مال».
هل تحبين صوتكِ؟
- معلوم، أحب صوتي كثيراً وشكلي وطولي ووزني.
هل تحبيبن أصواتاً غير صوتك؟
- أحب صوت وديع الصافي، صوته أحسن من صوتي، لكنني كنت أتفوّق عليه بال «أوف».
هل ،أحببتِ رجلاً لم يكن يحبّ صوتك؟
- لا، كان هناك إجماع على صوتي وجمالي، لم يكن هناك رجل أحبني لشخصي، هم أحبوا صباح الاسم والشهرة.
كنت تفضلين صوتك أم جسمك أكثر؟
- أحبهما بالتوازي، وأهتمّ بهما بالقدر نفسه.
هل أحببتِ صوت امرأة أكثر من صوتك؟
- معلوم، أم كلثوم وفيروز، أحببت صوتيهما أكثر من صوتي.
عندما تُغنين في حفلة أو غيرها تُغنين لنفسك؟
- أُغني للناس وما يُعجب الناس، ولكن عندما أدندن وحدي في البيت أدندن لصباح، لا أغني لأحد أو لمطرب غيري.
أنتِ أول فنانة تُغني لابنتها في الشرق وتصنع من ابنتها نجمة، هل كان ذلك مألوفاً لدى الناس، هل تقبلوه؟
- الأغنية هي «حبيبة أمها» من تلحين فريد الأطرش، نجحت نجاحاً غريباً. كانت خطوة فريدة من نوعها وجديدة. كنت أنا وفريد جارين، ويسمّعني اللحن من الشباك. كنت عندما لا يعجبني اللحن أغلق الشباك. لكن، في هذه الأغنية فتحته وقلت لفريد «تقبرني». أغنيات «يا دلع» «أكلك منين يا بطة»، و «حبيبة أمها» من أكثر الأغاني التي أحبها.
أغاني ال «أوف» والميجانا متى غنيتها قبل أن تذهبي الى مصر؟
- كانت أولى أغنياتي الشعبية «يا هويدا هويدالك» من تلحين نقولا المن. ومنها بدأت هذه الأغاني تنتشر، كنت صغيرة عندما غنيتها قبل أن أذهب الى مصر.
أنا هذّبت الموّال، تعاملت معه مثل الأغنية. كنت أشرحه للمصريين، ثم أغنيه. غنيت باللبنانية في كل أفلامي.
هل غنيتِ لعمّك الشاعر شحرور الوادي؟
- غنيت له كثيراً من المواويل «لو لمستني بيدك لمس/ بحيا ان كنت بطي الرمس/ يا دلّي هالشمسية فوقها شمس وتحتها شمس».
في أفلامك مع عبدالحليم حافظ لقاء مغن ومغنية، كيف كان شعورك؟
- مع عبدالحليم حافظ مثّلت فقط «شارع الحبّ» ونجح كثيراً، والمنتج حلمي رفلة عندها قال لي سأعطيكِ فيلمين: واحد تتقاضين منه أقل من الثاني. الفيلم مع عبدالحليم تتقاضين فيه أقل، وقد اخترت فيلم عبدالحليم لأننا كنا ثنائياً «مهضوماً» في الحفلات.
مطربات مثل نجاح سلام ونازك كيف كان وضعهن؟
- نازك كانت تقلد أسمهان ولا أحب التقليد، أما نجاح سلام فكانت تغني بشكل جميل جداً، يعني تُعجبني، وكانت مثل الأخت بالنسبة إليّ. والد نجاح سلام كان مدير الإذاعة في حينها. وتقدمت مرّتين الى الإذاعة ولم يقبل بي، فعدت وبعثت برسالة الى الجنرال ديغول، فردّ علي سلام بأنه قبلني في الإذاعة، وانتسبت اليها وكان ما زال صوتي «صغيراً».
ماذا عن سعاد محمد؟
- صاحبة صوت جميل طربي، أصيبت بمرض القلب واعتزلت، لكنها لم تأخذ العزّ الكبير في الشهرة لأن هناك نجماً وسوبر نجم. يمكن الإنسان أن يتمتع بأحسن صوت لكنه ليس نجماً. صحيح ان النجم في أيامنا كان صوته الأساس والموهبة الجيدة. لكن، أحياناً، هناك حظ.
والرحابنة؟
- علاقتي مع الرحابنة جيدة، وإذا لم أحبهم لا أحب أحداً. كنت أتمنى أن يكون عندنا في لبنان عمالقة في الفن كما في مصر، والله أهدانا الرحابنة.
عاصي أحبّني وكان مشروع زواج بيننا، ومنصور كان يريد الزواج بأختي نجاة.
هل تعرفت إلى أحد من العائلة الملكية المصرية؟
- أجل، الأميرات والملك نفسه، كما أن الملك حسين (ملك الأردن) استضافني أثناء حرب لبنان شهراً كاملاً في الأردن. الملك فاروق التقيت به عند مكرم عبيد، أنا ومحمد عبدالوهاب، كان الملك انساناً لطيفاً و «عيشني»، لم أغنِّ في القصر الملكي أبداً إلا في حفلة واحدة، وبعد ذلك ما عاد هناك ملك.
الأميرات كنّ لطيفات، فريدة وفوزية وفايزة وأم الملك، كنت ألتقيهن في المناسبات. الحفلات في بيت الأميرة وتحضرها النساء فقط. الأميرات كن جميلات جداً ويرتدين فساتين رائعة، أنا لم أكن بالنسبة لهن شيئاً في الأناقة.
مَنْ من الأميرات كنتِ قريبة منها أكثر؟
- أكثر شي فريدة. كنت أعرفها وأحبها. كانت سيدة طاهرة، وفي آخر حياتها فقرت وتعذّبت وماتت ولم يكن أحد في جنازتها. كانت فريدة ترسم، لكنها لم ترسمني. عرفت ملوكاً ورؤساء، لذلك عقلي مستنير، واستفدت جداً من هذه العلاقات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.