يعرب عشرة مخرجين أفغان عن حبهم لعاصمة بلادهم كابول التي شهدت ثلاثة عقود من الحروب، بعد “باري جو تيم” (باريس أحبك) و”نيويورك آي لاف يو” (نيويورك أحبك)، حيث الثقل الاجتماعي للتقاليد في أفغانستان يصطدم بانتظام مع قيم أكثر حداثة. المشاكل كثيرة في البلاد، من سرقة أراض، وبطالة، وهجرة غير قانونية، وانقسامات إثنية، وزيجات قسرية، وظروف المرأة، والألغام المضادة للأفراد. ويقوم فيلم “كابول آي لاف يو” (كابول أحبك) بالغوص في هذه المواضيع من خلال عشر قصص متداخلة. المشروع لافت في بلد كانت فيه دور السينما مقفلة بإحكام، وتحولت فيه أجهزة التلفزيون إلى مزهريات قبل أقل من عشر سنوات. عندما كانت حركة طالبان التي حكمت البلاد من 1996 إلى 2001 تعتبر أن هاتين الوسيلتين من وسائل الكفر. وينتج سنوياً في أفغانستان حوالى مئة فيلم على ما يقول مالك شافعي، مخرج الأفلام الوثائقية الأفغاني. إلا أن هذه الأفلام التي تصور بميزانية ضعيفة جداً ذات نوعية متدنية جداً. من هنا أتت بادرة مهمة للأمم المتحدة في أفغانستان لدعم السينما المحلية من خلال تمويل “كابول آي لاف يو”. ويوضح آريو سلطاني، المنتج في مهمة الأممالمتحدة “منذ البداية كانت الفكرة تقوم على مساعدة مخرجين، وليس مخرجاً واحداً، ودعمهم. وينبغي عليهم أن يتواصلوا مع الشعب الأفغاني، لكن ليس من خلال تمرير رسائلنا، بل رسائلهم الخاصة”. ومن أصل 200 سيناريو تلقتها الأممالمتحدة، تم اختيار 11 سيناريو، ودفع ثمانية آلاف دولار لكل منها. لكن أحد المخرجين غادر البلاد ما إن تلقى المال. وقد فر آخر بعدما تلقى تهديدات، إلى إيران خلال عملية الانتقاء. لكن رغم ذلك، ورغم الموارد الضئيلة، صور فيلم “كابول آي لاف يو”، وتمت منتجته، وعرض في المركز الثقافي الفرنسي في كابول. وصفق له الجمهور الأفغاني.. رغم بعض نقاط الضعف. فبعض المخرجين المبتدئين ضخموا ملامح بعض الشخصيات إلى الحد الأقصى، وكذلك الحوارات، وبطأوا الوتيرة إلى حد الضجر. إلا أن آخرين أبدعوا في عملهم، كما هي الحال مع فرهاد رضائي، الذي يشكل فيلمه القصير “فيرجين تاورز” (الأبراج العذراء) جوهرة صغيرة “صنعت في كابول”. وقد صورت المشاهد البسيطة بشكل رائع. ويبدو حارس مسجد يضطرب عند رؤيته امرأة ذات وجه جميل ترتدي الأحمر تلجأ إلى المسجد. بعض الكلمات الخجولة تعلمه أنها تهرب من عائلتها، ومن زواج قسري. ويقول فرهاد رضائي التي لجأت عائلته شأنها في ذلك شأن ملايين الأفغان إلى إيران، أو باكستان، للهرب من فظائع الحرب “هذا الحارس هو أنا قبل عشرين عاماً”. وتتمكن الشابة التي ترتدي الأحمر، والتي وشى بها أحد الجيران، من الفرار من الشرطة، وهي تعدو لاهثة، فيما البرقع يحد من حقل رؤيتها. وقد ارتدت البرقع لتخفي وجهها، مما يطلع المشاهد على قساوة وضع المرأة الأفغانية. ويقول فرهاد رضائي: “في إحدى الممرات ارتديت برقعاً لمعرفة ما تشعر به النساء، وكم يزعجها هذا الأمر. يمكن للمرأة أن تعامل ككائن بشري، من دون أن تضع البرقع” رافضاً أي بعد “سياسي” لفيلمه. واعتبر مالك شفائي “نجح رضائي في الاقتراب من الواقع الأفغاني بين ظروف العيش الحالية والديانة، خلافاً للمخرجين الآخرين للفيلم”. وتابع قائلاً: “في أفغانستان يصعب عبور الحواجز الثقافية. قبل خمس أو ست سنوات ما كان أحد ليجرؤ على ذلك. وفي الفترة الأخيرة تجرأ فنانون وكتاب شباب على ذلك”. بعضهم ذهب بذلك إلى الحد الأقصى، وتم خلال المونتاج اقتطاع مشاهد من “كابول أحبك” لأنها اعتبرت قوية وجريئة بالنسبة للمعايير الأفغانية. كما هي الحال مع فيلم “سيما” لمحمد نصير هاشمي الذي صدم بذلك. ويقول “لا اطمح الى العمل في هوليوود أريد أن أتمكن فقط من إنجاز الأفلام التي أريد”. إلا أن رحيل قوات التحالف الدولي نهاية العام 2014 ما قد يزيد من انعدام الأمن، أو من احتمال عودة حركة طالبان إلى السلطة، قد يهدد هذا الحلم. ويشكل “كابول أحبك” رسالة أمل لمستقبل المخرجين المبتدئين. أ ف ب | كابول