فيما قالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية في مصر إن الرئيس المصري محمد مرسي عرض على المفكر القبطي سمير مرقص أن يكون نائبًا له ضمن فريقه الرئاسي، أعلن التيار السلفي رفضه وجود نائبٍ قبطي للرئيس مطالبين «مرسي» بالعدول عن هذا التوجه لتجنيب البلاد الدخول فيما أسموه فوضى طائفية وسياسية، وهو الأمر الذي يضع تكتل أحزاب التيار الإسلامي في مصر على المحك. وفي نهاية مايو الماضي، وقبل أيام من خوض جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية، وصف مرسي المسيحيين بشركاء الوطن، وتعهد بإيجاد موقع فعال لهم في في مؤسسة الرئاسة. ويشكل المسيحيون نحو 10 % من سكان مصر البالغين نحو 85 مليون نسمة، لكنهم يشكون دوما من تعرضهم ل «التمييز وإقصائهم من المناصب العليا في الدولة خاصة في الوزارات السيادية والأجهزة الأمنية». وعبر الأيام الماضية، طُرِحَت أسماء عدة لشغل منصب النائب القبطي لمرسي أبرزهم وزير السياحة في حكومة الجنزوري، منير فخري عبد النور، كذا الناشط جورج إسحاق، والنائب البرلماني عماد جاد بالإضافة لسمير مرقص، الذي يشغل حاليا منصب نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية. وفي تصريحٍ ل «الشرق» قال سمير مرقص «التقيت بالرئيس مرسي قبل أسبوعين وعرض عليّ منصبا في الفريق الرئاسي لكن أحدا لم يبلغني رسميا بشيء حتى الآن سواء لمنصب نائب رئيس الجمهورية أو الفريق الرئاسي»، وأضاف «لا تهمني المناصب أو المسميات، ما يهمني هو خدمة بلدي فقط». وشهدت جولة الإعادة في الانتخابات الرئاسية تكتل كافة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية خلف مرسي، وأفاد مصدر في التيار السلفي، تحدث شريطة عدم ذكر اسمه، «مرسي تعهد لنا حينها بعدم تعيين نائب قبطي أو امرأة لأن الولاية لا تجوز لكليهما». وفور تسريب خبر إسناد منصب نائب الرئيس لمرقص، انتقدت قيادات من التيار السلفي التوجه لاختيار نائب قبطي، وأوضح رئيس حزب الأصالة السلفي، اللواء عادل عفيفي، أن السلفيين ضد هذا القرار لأنه سيحدث انقسامات داخل الدولة وسيدخل البلاد في فوضى وسيكون طريقا للتعيين على أساس طائفي، وتابع «لن يرضى المسلمون، وهم الأغلبية الساحقة في هذا الوطن، بأن يكون نائب الدولة قبطيا». بينما حذر المتحدث باسم حزب النور، الدكتور يسري حماد، من أن يفتح تعيين نائب للرئيس على أساس ديانته باب تعيين قيادات أخرى في أجهزة الدولة على نفس الأساس، مجدداً رفض حزبه وجود نائبٍ قبطي للرئيس وإن قُلِّصَّت صلاحياته. من جانبه، اعتبر عضو المكتب السياسي لحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان، الدكتور أسامة سليمان، أنه لا توجد أي موانع شرعية تمنع تعيين نائب قبطي للرئيس، وأكد أن «الحرية والعدالة» ينظر إلى فكرة وجود نائب قبطي للرئيس باعتبارها أمرا له تأصيل شرعي وسيؤدي إلى تحقيق مصالح الوطن دون المساس بالشريعة. وأضاف «نحن نؤيد نموذج الدولة المدنية ذات المرجعية الإسلامية التي تكفل لكل مواطن مصري أن يطمح في منصب كبير طالما كفاءته وإمكاناته تسمح له بذلك».وعن الخلاف مع السلفيين، قال سليمان «الإخوان والسلفيون ليسا مصدرا تشريعيا وبالتالي نسأل المؤسسات الرسمية والمرجعيات الكبرى مثل هيئة علماء المسلمين حول الأمر»، لكنه استبعد، في حديثه ل «الشرق»، أن يؤدي الخلاف مع السلفيين حول «النائب القبطي» إلى إحداث شق في الصف الإسلامي. ويخشى السلفيون من انتقال الحكم لنائب الرئيس القبطي في حال غياب الرئيس أو وفاته، لكن خبراء قانونيون بيَّنوا ل «الشرق» أن الإعلان الدستوري لم ينص على انتقال السلطة للنائب حال غياب الرئيس كما أن الدستور الجديد لم يوضع للآن. اللافت، أن نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين، هو المفكر القبطي المعروف رفيق حبيب. بدورها، تعتقد الباحثة السياسية القبطية، مافي ماهر، أن تعيين نائب قبطي لرئيس الجمهورية سيكون لمجرد تكملة ديكور قصر الرئاسة، مضيفةً «النائب القبطي لن يكون له دور على الإطلاق وسيكون دوره ديكوريا تماما كدور رفيق حبيب في حزب الحرية والعدالة الإخواني». وتعتبر «مافي» أن بحث المسيحيين عن حقوقهم بطريقة فئوية أو عنصرية يعني تكريسا لتعامل الدولة معهم باعتبارهم أقلية ومواطنين درجة ثانية يتم ترضيتهم بمنصب «النائب القبطي»، إذ «يجب على المسيحيين البحث عن حقوقهم كمواطنين مصريين وليس كمسيحيين»، حسب قولها. وقبل أسبوع، أظهر استطلاع رأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة» أن نسبة التأييد لتعيين نائب قبطي لرئيس الجمهورية بلغت 65.7 %. وأفادت نتائج الاستطلاع، الذي كان سؤاله الرئيسي «هل تؤيد تعيين نائب قبطي للرئيس» أن الذكور أكثر قبولا من الإناث لفكرة تعيين نائب قبطي، في حين كان الشباب أقل قبولاً لنفس الفكرة.