أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر إنشاء حزب سياسي سيتنافس في الانتخابات النيابية المقبلة على نصف مقاعد البرلمان، مؤكدة انه سيكون حزباً «مدنياً وليس دينياً» ومستقلاً عنها، فيما سعت إلى طمأنة الأوساط السياسية مجدداً إلى أنها لن تنافس على كرسي الرئاسة في الانتخابات الرئاسية المقررة قبل نهاية العام. وفي غضون ذلك، يتصاعد التوتر بين السلفيين والأقباط في البلاد، فيما ظهرت بوادر مواجهة بين الدولة والكنيسة بعد استدعاء النيابة العامة كاميليا شحاتة، زوجة القس التي تردد أنها أشهرت إسلامها وأن الكنيسة احتجزتها في أحد أديرتها، للاستماع إلى أقوالها. وأقر مجلس شورى «الإخوان» في اختتام اجتماعه أمس برنامج حزب «الحرية والعدالة» وقرر اختيار الدكتور محمد مرسي رئيساً له، وهو أحد أعضاء مكتب إرشاد الجماعة وقادتها البارزين المعروف بانتمائه إلى تيار «الصقور». وكان مجلس شورى الجماعة، وهي أكبر حركة إسلامية معارضة في مصر، عقد في القاهرة على مدى يومين أول اجتماع علني له منذ 16 سنة، إذ عقد آخر اجتماع علني للمجلس عام 1995 وخضعت بعده مجموعة من قيادات الجماعة لمحاكمات عسكرية بتهمة «إحياء نشاط جماعة محظورة». وأبرز الاجتماع دور الجماعة كفصيل معترف بشرعيته على الساحة السياسية في مصر بعد عقود من الملاحقات الأمنية. وأوضح البيان أنه تم انتخاب أعضاء مكتب الإرشاد الدكتور محمد مرسي رئيساً للحزب والدكتور عصام العريان نائباً للرئيس والدكتور محمد سعد الكتاتني أميناً عاماً. وفي ما بدا أنه محاولة لترسيخ استقلالية الحزب عن الجماعة قرر مجلس شورى الجماعة أن يترك الثلاثة مسؤولياتهم في مكتب الإرشاد قبل تولي مناصبهم الحزبية. وسعت جماعة «الإخوان» إلى طمأنة القوى السياسة المختلفة لعدم سعيها إلى السيطرة على منصب رئيس الدولة، إذ أكد مجلس الشورى «عدم ترشيح الجماعة أحداً منها لمنصب رئيس الجمهورية، وكذلك عدم تأييد أحد منها إذا رشح نفسه للرئاسة». على صعيد آخر، أثار قرار النيابة العامة استدعاء كاميليا شحاتة، زوجة القس التي تردد أنها أشهرت إسلامها وأن الكنيسة احتجزتها في أحد أديرتها، للاستماع إلى أقوالها، غضباً قبطياً عبّرت عنه مصادر قريبة من الكنيسة المصرية مقابل ترحيب التيار السلفي الذي قاد تظاهرات مستمرة منذ أشهر للكشف عن مصير كاميليا. وأول من أمس تظاهر آلاف السلفيين أمام مقر كاتدرائية الأقباط الأرثوذكس للكشف عن مصير شحاتة، ما أثار استياء الأقباط الذين اعتبروا التظاهرة «حصاراً للمقر الرئيس للكنيسة». وقال رئيس «منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان» المحامي القبطي القريب من الكنيسة نجيب جبرائيل ل «الحياة» إن استدعاء كاميليا من قبل النيابة العامة «خطأ قانوني» واعتبر أن هذا الأمر «سيثير الفتنة في ظل وجود غضب قبطي من الغبن الذي يتعرض له الأقباط منذ اندلاع الثورة». وحذر من أن «السلفيين يريدون إشعال فتنة في مصر بطرح هذه القضايا»، منتقداً «محاصرة الكاتدرائية أول من أمس من قبل آلاف السلفيين»، معتبراً ذلك «سابقة خطيرة». وأضاف أنه بعث رسالة إلى رئيس المجلس العسكري المشير محمد طنطاوي حذّر فيها من أن «شباب الأقباط غير راضين تماماً عن محاصرة الكنيسة، وأنهم يعتزمون حماية الكنائس بأنفسهم، وإذا لم يتحرك المجلس العسكري لردع السلفيين ستكون بحور من الدماء». ورحب المتحدث باسم الدعوة السلفية في مصر الشيخ عبدالمنعم شحاتة بقرار النيابة العامة، وقال ل «الحياة» إن «هذا الإجراء القانوني طبيعي، ونتمنى أن تمتثل له الكنيسة، لأنه يفترض أنها مؤسسة مصرية تخضع للقانون لا أن تكون دولة داخل الدولة». وأشار إلى أن «المقر الحالي لإقامة شحاتة لا يعرفه إلا الكنيسة، وبالتالي فإن استدعاءها من خلال الكنيسة إجراء سليم». وكان البابا شنودة استقبل أمس في مقر الكاتدرائية مفتي مصر الدكتور علي جمعة وبحثا قضية كاميليا وتظاهرة السلفيين أمام الكنيسة وكيفية الخروج من حال الاحتقان الطائفي.