الرياض – بنان المويلحي يشكّل نضوب النفط قلقاً للعالم.. وبديله الغاز الطبيعي يستهلك العالم 87 مليون برميل من النفط يومياً المملكة الرابعة عالمياً واحتياطيها من الغاز 283 مليار قدم مربعة مختص: قد يصبح الغاز مصدرا رئيسا للطاقة في المملكة بنسبة 30 % خلال الخمس سنوات المقبلة شمس: يجب استخدام الاحتياطي الضخم من الغاز لتتحول المملكة إلى دولة صناعية كبرى الشرياني: ارتفاع درجات الحرارة في الخليج قد يؤثر على استخدام الغاز الطبيعي في المركبات القحطاني: التواضع في اعتماد المملكة على الغاز يعود إلى مركزية «أرامكو» شركة الغاز عمرها فوق الخمسين سنة ولم تنشئ شبكة توصيل للمنازل الميمني: الغاز يمكن استخدامه في منتجات بتروكيماوية كردي: حركة الاستكشاف البترولي في المملكة ما زالت قائمة يشكّل نضوب النفط قلقا لدول الخليج العربي، ومن بينها المملكة العربية السعودية، إلاّ أن ارتفاع احتياطي الغاز الطبيعي في المملكة إلى 283 مليار قدم مربعة مقارنة بنحو 279 مليار قدم في عام 2009، ربما بدد شيئا من تلك المخاوف، ولكن تظل إمكانية تحول دول الخليج للاعتماد على الغاز، ذي الكفاءة العالية والتكلفة المنخفضة، إضافة إلى صداقته للبيئة، كبديل للنفط ضئيلة في ظل هيمنة النفط عالميا كمصدر أول للطاقة، وبحسب آخر تقرير صادر عن مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما»، الذي أوضح ثبات احتياطي النفط السعودي عند 264 مليار برميل في 2010، مقارنة بارتفاع احتياطي الغاز إلى 283 مليار قدم مربعة، مشيرا إلى أن احتياطي النفط سجل نفس المعدلات في الأعوام الثلاثة 2006 و2007 و2008. د.محمد شمس استهلاك قاصر وقال الخبير النفطي الدكتور محمد شمس: إن احتياطيات الغاز الطبيعي أكبر من احتياطيات النفط، والسبب في ذلك يعود إلى أن المستهلك من النفط سواء لغرض التصدير أو لغرض الاستهلاك المحلي أكبر من المستهلك من الغاز، إضافة إلى ذلك فإن الغاز يقتصر استهلاكه على الاستهلاك المحلي، دون أن يتم تصديره، وأضاف شمس أن استهلاك النفط يصل إلى عشرة ملايين برميل في اليوم الواحد، وهو استهلاك كبير جدا يؤدي إلى عدم ظهور أي إضافات في احتياطي البترول. الصناعة والغاز ويرى الدكتور شمس أن استخدام النفط في السعودية انخفض بشكل كبير جدا في قطاعات كثيرة كالقطاع الصناعي، وحل الغاز محله، إلاّ أن القطاع الصناعي ما زال بحاجة إلى دفعات قوية جدا لاستخدام المخزون الاحتياطي الضخم جدا من الغاز الطبيعي الذي يصل إلى 283 مليار قدم، وذلك في تصنيع كثير من المنتجات، من أجل أن تتحول المملكة إلى دولة صناعية على مستوى أكبر. النقل لا يستجيب وأضاف الدكتور شمس أن المشكلة الأساسية في انخفاض استخدام الغاز، سواء في المملكة العربية السعودية أو دول العالم تكمن في قطاع المواصلات، فحتى الآن لم يستطع العالم إيجاد بديل للبنزين المستخرج من النفط لتشغيل السيارات ومحركات الطائرات، وأشار إلى أن المحاولات الفنية العالمية لإحلال الغاز محل النفط في تشغيل المركبات لم تنجح النجاح المطلوب منذ عشر سنوات، مؤكدا أن إحلال الغاز محل النفط في قطاع المواصلات مرتبط بالتكنولوجيا وضرورة إيجاد محركات تعمل على الغاز. زيادة الدخل واستطرد شمس قائلا: صحيح أن هناك سيارات كبيرة تعمل على الغاز، ولكن الأهم منها، السيارات الصغيرة التي يستهلكها المواطن، فهي ما زالت وحتى الآن لا تستطيع الاستغناء عن البنزين، وأبان أن استهلاك البنزين المستخرج من النفط يزداد مع ازدياد عدد سكان العالم بصفة مستمرة، مما يؤدي إلى ازدياد أعداد السيارات المستخدمة، كما أن زيادة الدخل يفضي إلى زيادة استهلاك البنزين، وبالتالي زيادة استهلاك النفط، الذي لا يزال المحرك الرئيسي لقطاع الطاقة في العالم، مؤكدا أنه سيظل مصدر الطاقة المسيطر لسنوات طويلة بدليل ارتفاع الاستهلاك العالمي للنفط إلى 87 مليون برميل يوميا. يوسف الميمني الغاز ليس بديلا من جهته أوضح عضو لجنة الشؤون الاقتصادية والطاقة بمجلس الشورى يوسف الميمني أن الغاز يعد مكملا للنفط وليس بديلا له، وقال الميمني لا يمكن أن يحل الغاز بديلا للنفط، بل يعتبر مكملا استراتيجيا للنفط، يمكن استخدامه في منتجات بتروكيماوية تساهم في الناتج المحلي للمملكة. قيمة مضافة وأضاف الميمني أن وجود احتياطي جيد من الغاز في المملكة يدعم الاحتياطي الاستراتيجي من النفط، كما يعتبر ميزة كبيرة يتمتع بها اقتصاد المملكة العربية السعودية، مؤكدا ضرورة استخدام الغاز في توليد قيمة مضافة عالية في العديد من الصناعات وفي مشاريع يمكن أن تحقق قيمة مضافة لاقتصادنا. د. عمر كردي النفط يبعد الغاز وأبان خبير المحاسبة النفطية في جامعة الملك فهد للبترول والمعادن الدكتور عمرو كردي أن هناك تفاؤلا عالميا بأن يحل الغاز بديلا للنفط، إلاّ أنّ ذلك يعد أمرا مستحيلا في المملكة، فلا يمكن للغاز أن يكون بديلا للنفط، وسبب ذلك هو أن حركة الاستكشاف البترولي ما زالت قائمة، لاسيما في منطقة الربع الخالي، وقال الدكتور كردي: إن السعودية قد ضاعفت جهودها في استخراج الغاز، ولكن من المبالغة أن يكون الغاز بديلا للنفط، وأن يكون هو المستقبل القادم للمملكة. 80 سنة للنفط وأشار خبير المحاسبة النفطية إلى أن النفط ما زال يتصدر المرتبة الأولى كمصدر للطاقة سواء محليا أو عالميا، وتشير التوقعات إلى أنه سيظل مسيطرا سنينا عديدة قد تتجاوز الثمانين سنة، مبينا أنه من الجيد أن تستمر استكشافات الغاز، ليس ليكون بديلا كاملا للنفط، بل بديلا في بعض الاستخدامات. د. محمد القحطاني 30 % غاز في خمس سنوات أما الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني فكان له رأي آخر، حيث يرى أن الغاز من الممكن أن يكون مصدرا رئيسيا للطاقة في المملكة تصل إلى 30% وذلك خلال الخمس سنوات المقبلة، وقال القحطاني: تعتمد المملكة الآن على النفط بنسبة تصل إلى 90%، إلاّ أنه خلال الخمس سنوات القادمة يمكن أن يصل اعتماد المملكة على الغاز إلى ما يقارب 30%، مما سيقلل من الاعتماد على النفط. مخزون هائل للغاز وأضاف القحطاني توجد في المملكة كميات هائلة من الغاز تتوزع في مناطق مختلفة، كرأس أبو قميص والحوية قرب محافظة الأحساء، وعلى حدود دولة قطر، مشيرا إلى أن هذا المخزون يجعل المملكة تخطط للاستفادة من الغاز في مشاريع تنموية كبرى خلال العشر سنوات المقبلة. استثمارات أجنبية ودعا القحطاني إلى عقد شراكة استراتيجية مع الدول التي تضم أراضيها كميات كبيرة من الغاز، وذلك لإنشاء مناطق صناعية مشتركة، مؤكدا أن المملكة بحاجة إلى استثمارات أجنبية في مجال الغاز، مشيرا إلى التواضع في اعتماد المملكة على الغاز يعود إلى المركزية التي تتبعها شركة أرامكو. د. علي التواتي السادسة عالميا في حين أوضح خبير الاقتصاد الدولي الدكتور علي التواتي أن المملكة تأتي في المرتبة السادسة عالميا في احتياطيات الغاز بعد كل من روسيا وإيران وتركمانستان وقطر والولايات المتحدة، إلاّ أن استهلاك الغاز محليا ما يزال محدودا، مؤكدا أن استخدام الغاز محليا كبديل للنفط من شأنه أن يحرر كميات إضافية من النفط تصبح قابلة للتصدير، وهو ما سيزيد من إيرادات الدولة، قائلا: الغاز أرخص من النفط لذلك لابد من توظيفه محليا لتوفير كميات إضافية من النفط للتصدير وزيادة إيرادات الدولة. الشركة تعيق استخدامه وأشار التواتي إلى قصور في أداء شركة الغاز، قائلا: أستغرب من شركة عمرها لا يقل عن خمسين سنة ما زالت تنقل الغاز إلى المنازل عن طريق الأنابيب، مما يعيق من استهلاك الغاز بشكل أوسع، داعيا إلى ضرورة إنشاء شبكة توصيل للغاز إلى المنازل، بدلا من طريقة الأنابيب المتبعة، التي ليس لها مثيل في دول العالم الثالث، دون أن نقارن أنفسنا بالدول المتقدمة، مؤكدا أن إنشاء هذه الشبكة من شأنه أن يعمم استهلاك الغاز محليا ويخفف الضغط على الكهرباء. مسالم للبيئة من الناحية البيئية أوضح مدير إدارة البيئة في مجلس التعاون لدول الخليج العربية أحمد الشرياني أن الاعتماد على الغاز، لاسيما في قطاع النقل سيؤدي حتما إلى التقليل من انبعاثات عوادم السيارات وعوادم المركبات الأخرى سواء التي تستخدم البنزين أو الديزل، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض نسبة التلوث البيئي. حرارة الخليج إلاّ أن الشرياني يتساءل عن جدوى تقنية الغاز في المناطق ذات درجات الحرارة المرتفعة كدول الخليج العربي، وقال: السؤال هو هل تقنية الغاز الطبيعي والمستخدمة في بعض دول العالم مناسبة لجميع المناطق، لاسيما الحارة منها كمناطقنا في الخليج؟ مشيرا إلى أن الإجابة عن هذا التساؤل بحاجة إلى دراسة متأنية ومستفيضة، وأضاف أنه من المعروف أن الغاز الطبيعي بدأ استخدامه في أوروبا وبعض المناطق الأمريكية، لاسيما في قطاع النقل، إلاّ أنه يرى أن درجات الحرارة المرتفعة في دول الخليج قد تؤثر على استخدام الغاز الطبيعي في المركبات، لذا لابد من دراسة الظروف المناخية في دول الخليج لمعرفة ما إذا كانت ملائمة لاستخدام الغاز كبديل للنفط، كما في بعض دول العالم. حجم التلوث وعن حجم التلوث الذي يمكن أن يخفضه استخدام الغاز كبديل للنفط، قال الشرياني: لا أستطيع إعطاء نسبة معينة عن حجم التلوث الذي سيقلله استخدام الغاز كبديل للنفط، موضحا أن بعض المركبات تستعمل «فلترات» خاصة بالعوادم، كما في بعض المركبات التي تعمل بالديزل كشاحنات تحتوي على نظام خاص للتحكم بالعوادم، مبينا أن استخدام الغاز في هذه المركبات سيقلل نسبة التلوث ولكن بنسبة بسيطة جدا، وذلك مقارنة بالمركبات التي لا تستخدم مثل هذه الأنظمة، فإن استخدام الغاز بها لاشك أنه سيقلل نسبة التلوث بشكل كبير جدا، مؤكدا أن الغاز بلاشك يعتبر أنظف من المواد البترولية، ولكن الاعتماد عليه في دول الخليج يحتاج إلى دراسات شاملة.