تؤكد العديد من الدراسات العلمية المتعلقة بالطاقة بأن القرن الواحد والعشرين سيكون قرن الغاز الطبيعي، كما كان القرن العشرون قرن النفط، حيث اطلق عليه مسمى (صديق البيئة)، وذلك لنظافته إلا ان هذا الوصف وصف نسبي وذلك لان الغاز ليس نظيفا تماما ولكنه بالطبع أقل تلويثا للبيئة من مصادر الطاقة الاحفورية الاخرى مثل النفط والفحم. الغاز الطبيعي هو عبارة عن مواد هيدروكربونية في صورتها الغازية، والتي يشكل البترول صورتها السائلة، وتوجد معه في معظم حقول البترول، وتنتج معه وتسمى الغاز المصاحب كما أن الغاز الطبيعي قد يوجد في حقول مستقلة عن حقول البترول ويسمى الغاز غير المصاحب. وفقا لشركة بريتيش بيتروليوم للطاقة نمت الاحتياطيات العالمية من الغاز الطبيعي بمعدل سنوي مركب بلغت نسبته 1.9 في المائة في الفترة ما بين عامي 1996 و2007. وفي نهاية عام 2007، بلغ الاحتياطي العالمي من الغاز الطبيعي 6.448.3 تريليون قدم مكعب بارتفاع بلغت نسبته 0.7 في المائة عن الاحتياطي المسجل خلال عام 2006. لقد توقع تقرير استثماري حديث أن ترتفع حصة السعودية في احتياطيات الغاز الطبيعي بنهاية العام الجاري إلى 4 في المائة على مستوى العالم بإجمالي 256.5 تريليون قدم مكعب، كما انها في المرتبة الرابعة عالميا في احتياطي الغاز الطبيعي. ويعد الغاز الطبيعي أسرع مصدر أولي للطاقة نمواً في العالم، حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2005. ويقول التقرير إن استهلاك الغاز الطبيعي سوف يرتفع بنسبة 70 في المائة بحلول عام 2020 بحيث يأتي معظم الطلب من الدول النامية. لدى الغاز الطبيعي مميزات واضحة تجعله مصدرا متميزا للطاقة فبالاضافة الى نظافته النسبية فان كفاءته الحرارية مرتفعة، حيث إن استخدام نفس الكمية منه تولد طاقة عالية جدا مقارنة مع نفس الكمية من الفحم والنفط. ان الواقع الحالي يشير الى دخول الغاز في قطاعات مهمة في الاقتصاد مثل توليد الكهرباء والصناعات البتروكيماوية ومحاولات جادة في منافسة النفط في قطاع المواصلات عن طريق سيارات تسخدم الغاز او الهيدروجين المستخرج من الغاز. امكانية الغاز منافسة النفط في قطاعات التدفئة وتوليد الكهرباء، وذلك نتيجة ظهور الغاز غير المصاحب وتطور التقنية إذ يستعمل كوقود فى الدورة المركبة التى يمكن باستخدامها رفع كفاءة التوليد بما يزيد على ثلث الكفاءة العادية لتوليد الكهرباء. ولذلك يتوقع أن يلقى الغاز دفعة قوية نتيجة للاتجاه المتزايد نحو استهلاك الكهرباء، في وقت تتزايد فيه ندرة النفط، وتشتد فيه المعارضة العالمية لاستخدام بدائل شديدة التلويث مثل الفحم. كذلك تعتمد بعض صناعات البلاستيك والألياف الصناعية ومنتجات بتروكيماوية أخرى على غاز الميثين كمادة خام، وهو أحد مكونات الغاز الطبيعى، وإن كان هناك من المنتجات النفطية السائلة ما يتفوق على الميثين فى الصناعات البتروكيماوية. ومع ذلك يتوقع أن توفر الصناعة البتروكيماوية سوقا متنامية الأهمية للغاز الطبيعى. ومن هذا نجد ان التوقعات في الوقت الراهن تؤكد على أن نسبة استهلاك الغاز الطبيعي في الأغراض الصناعية ستصل إلى نحو يعادل %40 من استهلاك الغاز في العالم. وفى السنوات الأخيرة أمكن استخدام الغاز الطبيعى كوقود للسيارات، إذ تضافرت الجهود فى صناعتى الغاز والسيارات لتوسيع نطاق استعماله فى قطاع النقل، سواء فى مركبات النقل العام والخاص أم فى نقل البضائع لمسافات قصيرة. وبذلك يمكن أن يساهم استهلاك الغاز في تحسين الظروف البيئية نتيجة لانخفاض المنبعث من غازات الاحتباس الحرارى. لقد استغرق وصول عدد السيارات العاملة بالغاز الطبيعي إلى نحو 1.5 مليون سيارة في العالم أكثر من 50 عاماً بحلول عام 2000. ومما لاشك فيه أن التوسع في استخدام الغاز الطبيعي كبديل لأنواع الوقود الأخرى يعتبر إنجازا بيئياً كبيراً واستثماراً عظيماً لصالح البشرية، حيث إن ذلك سيعمل على تقليل نسب التلوث البيئي بصورة كبيرة والذي بدوره سينعكس إيجابا على صحة الفرد والمجتمع. إلا انه ينبغي الاشارة إلا ان الاستثمار في مشاريع الغاز الطبيعي ليست بالسهلة فصناعة الغاز ذات كثافة رأسمالية ومتكاملة رأسياً مما يجعلها تعتمد على عقود طويلة الاجل وتحالف مالي بين شركات الغاز والعديد من الشركات الأخرى وبيوت الخبرة المالية، وذلك لتقليل المخاطرة لهم. وقياساً على ماسبق ذكره، يمكن القول إنه قد أصبحت كل دول العالم تواجه في الوقت الراهن تحديا صعبا لتأمين وتوفير مصادر الطاقة اللازمة للتنمية الاقتصادية المستدامة ولتحقيق برامجها التنموية خلال السنوات القليلة القادمة مع العمل أيضا على تأمين وتوفير هذه المصادر للأجيال القادمة. وأن الأزمة المالية الاقتصادية قد أتاحت فرصة لمراجعة إستراتيجيات الدول في كيفية التعامل مع التأثير المتوقع لهذه التحديات، منادياً بضرورة زيادة مستوى الدعم المشترك لضمان عدم حصول أي انقطاع في توفير الطاقة للعالم بضرورة تطبيق مبدأ الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية. * طالبة في جامعة الملك سعود قسم الاقتصاد