ارتفاع صافي ربح مجموعة stc خلال الربع الأول من العام 2025م مقارنة بالربع المماثل من العام السابق بنسبة بلغت 11.05%    أمانة الشرقية تفعل مبادرة "بيئتنا كنز" ضمن فعاليات أسبوع البيئة 2025م    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    خادم الحرمين وولي العهد يهنئان رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بذكرى يوم الحرية لبلاده    60 ٪ من النساء أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة العش الفارغ مقارنة بالرجال    هيئة كبار العلماء تجدّد التأكيد على فتوى وجوب استخراج التصريح لمن أراد الذهاب إلى الحج    المياه الوطنية تنتهي من تنفيذ مشاريع حيوية للمياه لخدمة أحياء الياقوت والزمرد واللؤلؤ في جدة    مبادرة لتنظيف بحر وشاطئ الزبنة بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والتطوعية    اختتام دراسة مساعد مفوض تنمية القيادات بوادي الدواسر    عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى    "بر الشرقية" تُجدد التزامها المجتمعي في اليوم العالمي لليتيم 2025 م        بدرية عيسى: شغفي بالكلمة دفعني لمجال الإعلام.. ومواقع التواصل قلب نابض بحرية التعبير    القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي بمدينة بندر عباس    افتتاح مستشفى الدكتور سليمان فقيه بالمدينة المنورة: أحدث التجهيزات وأفضل الخبرات لأفضل تجربة رعاية صحية    أمطار رعدية ورياح نشطة على عدة مناطق بالمملكة    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    قلصت الكويت وقت الإقامة والصلاة في المساجد ؟ توفيرا للكهرباء    أمير الشرقية: إنجازات نوعية لمستقبل تنموي واعد    تغلب على بوريرام بثلاثية.. الأهلي يضرب موعداً نارياً مع الهلال في نصف نهائي النخبة الآسيوية    أمير الباحة: نتائج مبشرة في رحلة التحول    حددت الشروط والمزايا..اللائحة الجديدة للاستثمار: تخصيص أراضٍ وإعفاءات رسوم للمستثمرين الأجانب    خادم الحرمين: نعتز بما قدمه أبناء الوطن وما تحقق جعل المملكة نموذجاً عالمياً    وزير الحرس: ما تحقق مبعث فخر واعتزاز    أمة من الروبوتات    الآبار اليدوية القديمة في الحدود الشمالية.. شواهد على عبقرية الإنسان وصموده في مواجهة الطبيعة    ضبط أكثر من 19.3 ألف مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود    "المنافذ الجمركية" تسجل 1314 حالة ضبط خلال أسبوع    الأردن.. مصير نواب "العمل الإسلامي" معلق بالقضاء بعد حظر الإخوان    المملكة تفتح أبواب جناحها في معرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025    برعاية سمو وزير الثقافة.. هيئة الموسيقى تنظم حفل روائع الأوركسترا السعودية في سيدني    تفاهمات أمريكية سورية ومساعٍ كردية لتعزيز الشراكة الوطنية    نائب أمير مكة: اقتصاد مزدهر لرفعة الوطن    ينتظر الفائز من السد وكاواساكي.. النصر يقسو على يوكوهاما ويتأهل لنصف النهائي    فخر واعتزاز بالوطن والقيادة    الجبير يترأس وفد المملكة في مراسم تشييع بابا الفاتيكان    برشلونة يكسب "كلاسيكو الأرض" ويتوج بكأس ملك إسبانيا    اللواء عطية: المواطنة الواعية ركيزة الأمن الوطني    1500 متخصص من 30 دولة يبحثون تطورات طب طوارئ الأطفال    الأميرة عادلة بنت عبدالله: جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان عززت المنافسة بين المعاهد والبرامج    مدرب كاواساكي: قادرون على التأهل    وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية تنظم ملتقى المسؤولية الاجتماعية    أرقام وإحصائيات وإنجازات نوعية    تدشين الحملة الوطنيه للمشي في محافظة محايل والمراكز التابعه    رئيس مركز الغايل المكلف يدشن "امش30"    الذهب ينخفض 2 % مع انحسار التوترات التجارية.. والأسهم تنتعش    الحكومة اليمنية تحذر موظفي ميناء رأس عيسى من الانخراط في عمليات تفريغ وقود غير قانونية بضغط من الحوثيين    قدراتنا البشرية في رؤية 2030    اكتشاف لأقدم نملة في التاريخ    800 إصابة بالحصبة بأمريكا    فواتير الدفع مضرة صحيا    الذكور الأكثر إقبالا على بالونة المعدة    الأهلي يكسب بوريرام بثلاثية ويواجه الهلال في نصف نهائي النخبة الآسيوية    القيادة تهنئ تنزانيا بذكرى يوم الاتحاد    السعودية تعزي إيران في ضحايا انفجار ميناء بمدينة بندر عباس    وزارة التعليم تستعرض منصاتها في معرض تونس الدولي للكتاب 2025    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف يلتقي مديري عموم الفروع    الشيخ صلاح البدير يؤم المصلين في جامع السلطان محمد تكروفان الأعظم بالمالديف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن ربيع جابر وبوكر الرواية (1 - 2)
نشر في الشرق يوم 03 - 04 - 2012

ذات يوم قالت جين مالاكويه لنورمان ميلر: «إن الكتابة هي الطريقة الوحيدة لمعرفة الحقيقة، والوقت الوحيد الذي أعرف فيه أن شيئاً ما حقيقي هي اللحظة التي اكتشفه فيها أثناء الكتابة، أكتب لاكتشف ما أفكر فيه وما أنظر إليه وما أراه وما يعنيه هذا الذي أراه، ما أريده وما أخافه وما الذي يجري في هذه الصور التي تدور في عقلي».
بمثل هذه الرؤية اليقينية لدى الكاتب يقدم الروائي اللبناني ربيع جابر تجربة روائية مركزة وواضحة المعالم، فمنذ اكتشف ربيع جابر- كما صرح قديما- «قبل خمسة عشر عاماً أن تأليف الروايات هو الشيء الذي يريد فعله في هذا العالم» وهو يدأب في إصدار أعماله الروائية دون تراخٍ أو كلل، إلى درجة أنه يصدر رواية أو أكثر في كل عام؛ ذلك أن الكاتب الروائي يعيش هاجس الرواية والسرد طيلة حياته، فليست رواية أولى كافية ليقول كل ما لديه أو قدراً مرضياً منه.
تفتح الرواية الأولى كوة صغيرة للهاجس السردي، بينما يأتي العمل الثاني ترسيخاً والثالث والرابع كشفاً رؤيوياً تتشكل من خلاله النظرة الخاصة للإنسان والحياة من حوله، وهكذا لا يشعر الروائي الحقيقي أبداً أنه استنفد ما لديه من رؤى وقيم معرفية تتكثف داخل الذات الساردة وتفيض عنها في أشكال تعبيرية متعددة.
هذه الغزارة في الإنتاج لدى جابر لا تحيل إلى استسهال أو تساهل في الشرط الفني لما يكتب، بل تدعو إلى الإشادة والتقدير لكاتب جاد ومنتج، يندرج كل عمل من أعماله الروائية بطواعية تامة ضمن إطار تجربته التي نذر نفسه لها، ونذرها، أي التجربة، لإعادة وصل أشلاء العالم الممزقة، وأواصر الكون الفطرية الأساسية التي نبتت معالمها مع خطوات الحياة الأولى على سطح هذا الكون المسمى الأرض! إن القيمة الموضوعية الجوهرية في أعمال الروائي ربيع جابر هي محاولة إعادة صياغة ما يربط أشياء هذا العالم وكائناته المتناسلة من روابط هي مقتضى الوجود الواحد على بسيطة واحدة واستنشاق هواء مشترك، أرض واحدة تقلّ الإنسان والحيوان والطير والنبات والحشرات والأحجار والأنهار وكل الموجودات تحت سقف واحد، بين كل هذه الموجودات في العالم أواصر تفكّكت حتى تلاشت تقريباً، فانفرط نظام التعايش، وعمّ النفور واستقل كل شيء بذاته أو ببعضه، وربما تحوّل رابط الوصال أداة فصام وقطيعة، بل عداء أحياناً، لأجل هذا أخذ ربيع على كاهل رواياته إعادة تأثيث العالم في طبيعته الأولى ووصل ما انقطع وربط كل شيء بكل شيء في هذا العالم، تواقاً أبداً إلى تربته البيروتية والجبل اللبناني، وجلوله وقراه الصغيرة التي بعدت وعفت آثارها، مشفقاً على حياته وكينونته الإنسانية، وحياة كل ما هو حي في هذا الكون من تبعات هذه القطيعة الممضّة وما تفرزه من وحشية وعداوة.
فضاءات ربيع جابر الروائية تدور غالباً حول بيروت في ترميز خفي، حيث تحيل تقلبات تلك الأسر الوادعة ومصائرها إلى مصائر بيروت وتحولاتها التاريخية والاجتماعية والسياسية، بيروت مدينة ربيع الأثيرة إلى نفسه، التي يقضي فيها – كما يقول في «بيروت مدينة العالم» ص 186ساعات طوالا كل يوم يتمشى في شوارعها متأملاً لوحات المحلات والبنايات الحديثة معيداً كل معلم قائم في هذه الأثناء إلى جذره البيروتي الأول، حيث هنا قرب مطعم scoozi وجدت بوابة الدركاه إحدى بوابات بيروت الست قبل مائة وثمانين عاماً، وفي مكان شارع ويغان كان يقوم في القرن التاسع عشر سوق العطارين، وجامع الصديق كان اسمه جامع الدباغة.. وهكذا يسعى في ربط الحاضر بالماضي ووصل الماثل بالدارس فيعيد تأثيث بيروت شاقاً شوارعها مشيداً جوامعها وكنائسها من جديد.
في كل ذلك تلوح وجوه كثيرة لأقوام سكنوا هذا الروائي حتى صار بجذب برئتيه الهواء الذي كانوا يتنفسون.
فمن الواضح أن له شأنا آخر من الصلة بشخصيات أعماله؛ فهي صلة دم حيّ يشتاق إلى لقاء دم برد ثم تبخر متسللا خارج شرايين الأحياء السابقين، إن الشخصيات تشكل في بعض الحالات أجداداً وأصولاً عائلية للكاتب؛ كالشيخ إبراهيم جابر وأبنائه العشرة الذين يتصل بهم بما يشبه صلة الحفيد النائي بالجد الماضي، أو ربما كانت الشخصيات أصدقاء أو معارف أو زملاء عمل مثل الكونت سليمان بسترس في «بيروت مدينة العالم» أو جذورا تاريخية وقومية كأبي حامد الغرناطي وأخيه الربيع في (رحلة الغرناطي)، لهذا ولغيره يبدو الكاتب حفيا بهم، محيطا بمشاعرهم وسلوكهم وأوصافهم الحسية والنفسية، يكاد يتوحد معهم بآصرة قوية تصل الكاتب بشخصياته في الرواية.
كما أنه لا يتردد في ذكر أسماء الأحياء من أقاربه أومعارفه أو أصدقائه «إبراهيم العريس ورينيه الحايك ووليد نويهض على سبيل المثال» ضمن أحداث رواياته وحواراته معهم، فلا فرق لديه بين هؤلاء الأحياء وبين شخصياته الروائية، جورجي بابازواغلي أو العجوز اليهودي مزراحي مثلا! إذ هم يتساوون لديه في المعايشة والحضور واحتلال جزئيات حميمة في الوعي والشعور.
كما يتحدث مع إبراهيم أصلان أو يأكل مع نويهض في بعض الأوقات، يحصل في أوقات أخرى كثيرة أن يرخي ذراعه على كتف الدكتور فاندايك أو يتابع ببصر قلبه الفتى شاهين البارودي يتسلق شجرة أو يتقافز على سطوح بيوت بيروت في القرن الماضي، ولعله بمثل هذا الاحتفاء والتواصل مع شخصياته يعيد لعنصر «الشخصية» في الرواية مكانته التي سعت بعض تيارات الرواية الجديدة إلى الحد من سطوتها وسيطرتها على بقية العناصر الروائية؛ حيث للشخصية في أغلب أعمال ربيع جابر مهمة تؤديها في السرد، محملة بقليل فلسفة وفكر عالي الصوت في بعض الأحيان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.