لستُ من أنصار الربط بين ما يلبسه المرء من (هدوم) وما يرتديه من أخلاق، ولا من الذين يعتقدون أن انكماش الملابس لأعلى يعنى هبوط الأخلاق لأسفل، مع الأخذ في الاعتبار قول الله تعالى بمُحكم تنزيله: (يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) سورة الأعراف الآية 26. قضت حكمة الله تعالى للإنسان عورتين، واحدة للجسد وأخرى للنفس. ستر الأولى بالملابس، والثانية بنشدان مكارم الأخلاق. ولأن لباس الإنسان مهما تطاول لا يغني عن ستر الروح بالأخلاق الحميدة، كانت الأخيرة أولى بالستر من الأولى، أو هكذا أعتقد. أقول لكم.. هذا جدل لا أملك من بضاعته شيئاً.. تابعت باهتمام تأرجح بين المناصرة والاعتراض، تعليقات القراء أمس الأول على مقالتي (هل تدفع الأم طفلتها للاغتصاب؟!)، طرحت فيها وجهة نظري عن أزياء الأطفال غير المطابقة للمواصفات الأخلاقية كمدخل لتحرش شياطين الإنس بهم، غير أن بعض القراء الأكارم من الجنسين اهتبلوا الفرصة لتصفية حسابات (الجندرة) التي لا تنتهي.حدث من قبل، أن استقدمت الخرطوم مطربة الأردن الشهيرة ديانا كرزون، فجاءت يسبقها تاريخها الفني وجغرافيتها الجاحظة وابتسامتها الواسعة ونواياها الطيبة، كونها سفيرة للخير والأناقة والجمال، ومدعاة لاستدرار المال من جيوب المتخمين خدمة لأطفال السرطان. اختزلت ديانا خريطة جغرافيتها الممتدة في بنطلون أضيق من فسحة الأمل في (خير) للأطفال، ما دفع الصُحف لتلافي المناطق الملتهبة في الخريطة كي لا تقع في مصيدة حرّاس الأخلاق ممّن استقدموا (بنطلون ديانا) ويرمون (الآخرين) بخدش الحياء، في ذات الوقت! صدقوني، تبعيض الأخلاق والانفصام (البنطلوني) سبب كوارثنا التي لا تنتهي.