حتى الطيبة تلاعبوا بها وجعلوها منبراً لسذاجةِ بعض العقولِ المريضة، ذلك لا يصدر إلا من قلوبٍ طُمست بالغيرةِ والحسد. انتهكوا حرمةَ العقلِ وتكوينته الربانية، يسقطون كلماتهم بذيئة خاوية من الأدبِ والأخلاق كأنها معجزات هطلت من سابعِ السماوات ومخلوقات على حريرٍ مقدس، لا تتطهر إلا بماء زمزم، ولا يعرفها إلا الأنبياء. جميعنا مخلوقون من قبضةٍ كريمةٍ ومن تربةٍ واحدة صالحة للإنبات، لا فرق بين الأعلى والأسفل إلا سقف التربية، مبادؤك الكريمة وساطتك التي ترفعك لسمو الرُّوح وطهارة النفسِ من دناءة القيم، فالأعمال عنوانك الرسمي الذي يقودنا إليك، وأقوالُك سلاحٌ يستخدِمهُ الآخرون حرباً عليك، فنحن الآن في زمنِ البثِ المباشر لانحطاط الغاية وتراجع المبدأ واِندثار القيمة، كونك فرداً يعني أنك جماعة من عائلة تنتمي لهذا العالم، الذي كلما تقدمت به السن أصابه زهايمر في سكيلوجيته الإنسانية، ليس الهدف من ذلك الذي تقدم، الفلسفة التي لم تعد تسمن ولا تغني من جوع، لكنها الإفاقة المتأخرة في العقل النائم على القيل والقال، والتطبيل والتزمير لكل من استخدموا أنفسهم في التهريج والسخرية وأساء إلى نفسه قبل الآخرين، نرى شرائح عدة من هذه النسخ المتكررة كل يوم، حتى الأطفال استخدموهم لغرض الالتِفات والتنبيه – نحن هنا بكامل سخافتنا وسذاجتنا – فمن يصفق أولا ًً؟! ومن سيضحك ثانياً؟! ومن سينقلب على قفاه من المشهد غير المتحضر، بالتأكيد ليس الغرب بل نحن العرب الذين ناموا على اختراعات العلماء القدامى والمفكرين العظماء، نندبهم مثل ندب الجاهلية الأولى، لا نسعى لإصلاح لبنة أفكارنا المهمة لبناء مجتمع على خلق ودين، بل لإصلاح شاشة الهاتف النقال وأنابيب الصرف الصحي وأسلاك الكهرباء ونطالب بإصلاح العالم. تأكد أنني أعرف أن هذا المقال سيمر عليك وأنت نائم في حضن «السوشيال ميديا»، ولن تنتبه إليه؛ لأنه غير مضحك مثل المشاهد التي اعتدت على رؤيتها كل مساء.