معلقة على مشجب الهواء، أُصغي إلى تردد الصدى، وأمواج الصمت المنبعثة من أزرة الفضاء، كنت أفهم تأتأة بنات نعش وغمازات عطارد، ولكنات المريخ، استطعت أن أترجم ألوان القوس بسبعة أصابع، سبعة أصابع كفيلة لبعث أشعتي السينية المتكسرة على ذراع العصر، استطعت تفسير مسار الدخان الصادر عن الطائرات النفاثة ورفرفة السحب عندما تقف على أسلاك الكهرباء كطيرين يتبادلان تحية الصباح، أعرف ضحكة الشمس عندما تغمز للأرض، لتثير ضوء الفتنة، كانت عروساً بكامل زينتها تقف أمام مرآة الطبيعة ملتهبة بالحياة. كنتُ جناحاً فقد كأنه الحي إثر رصاصة كانت جادة في تصويب جهاز الدراية، بقيت في الهواء كذرة هيليوم ترتفع إلى أقصى السماء دون جاذبية، ترتطم أحيانا بثقب أسود، وأحيانا بنيزك، وعندما أسقط على العالم أحدث فجوة سوداء كادحة المعاني، نصفي يابس ونصفي ماء، مطرزة كشق في جبين الأرض، هامة جبلية ترتديها الصحراء، سوار أخضر تطوقه البحيرات من كل جانب. كنت سمكة عالقة تحت أنياب الوقت، وأضراس العقل، ومخالب الواقع، أذكى من أن تغلبني تلك القواطع الحادة، وأدهى من دلافين البحر، تقوقعت على نفسي مثل دبابة الشوك، تركت جزءاً من صلابتي؛ لتمضغه السباع، واكتفيت بمرونة السحالي، وسرعة الفئران، ركضت بأقصى وجودي ودوافعي التي تحولت إلى قوائم أربعة تساعدني في البحث عن مناجم الإنسان.