أدلى ثعلب السياسة الأمريكية الدكتور هنري كيسنجرأو بالأصح هاينز الفرد كسنجر، مستشار الأمن الأمريكي ووزير الخارجية السابق للولايات المتحدةالأمريكية في عهد ريتشارد نيكسون، بحديث صريح تضمن الكثير من التصريحات والتوقعات الخطيرة على المنطقة وألمح من خلاله إلى الكثير مما نشاهده اليوم ونعيشه وعن مستقبل مظلم يتنبأه! بين سطور كيسنجر نجد رؤيا لمنحى جديد ولمترتبات الفيتو الصيني الروسي على المنطقة! وبالرغم من أن كيسنجر كان مهندس سياسة الانفتاح الأمريكية على الصين وصاحب الرحلات المكوكية العربية الإسرائيلية التي أنتجت معاهدة كامب ديفيد، فإنه يرى أن من لا يسمع طبول الحرب القادمة على المنطقة فهو أصم بالأكيد! لينذر في مقابلته، عن حرب قاسية على المنطقة العربية سيكون طرفاها هما روسيا والصين من جهة والولايات المتحدةالأمريكية من جهة أخرى، فوجهة نظر كيسنجر تقول: إن واشنطن تركت التنين الصيني يضاعف قدرته العسكرية، وأعطت الدب الروسي الوقت للخروج من العقدة الروسية ليتوحدا اليوم ضدها في كيان واحد يمهد لمواجهة عسكرية بدت برأيه محتومة. مواجهة هي تمهيد لحرب عالمية ثالثة أبشع، تنتصر بنهايتها – برأيه – أمريكا! وعلى الطرف الآخر، نحن اليوم كمنطقة عربية مازلنا نعيش عواقب مأساة فيتو الصين الاحترازي وفيتو روسيا المصالحي! والضوء الأخضر الذي أعطته هذه الفيتوهات لدك شعوب عربية. فلأول مرة بالتاريخ يرى التاريخ السياسي المعاصر فيتو يخرج من مجلس الأمن تستعمله دولة بتضامن مع دول خارجية ضد شعبها الأعزل! فيتو بملامح جديدة هو ليس كما عهدناه بشكله الكلاسيكي! من أن يكون الفيتو ضد عدو خارجي لدولتين لهما مصالحهما المشتركة! بل هو اليوم ضد الأرض والوطن نفسه، ليسجل التاريخ الحدث باسم دولة عربية تدك مدنها كل يوم، تدك حماة وحلب وكأنها مدن يهودية، دولة تجهل أن حامي الدول والأوطان هو الشعوب نفسها هذه التي تدك ولم يكن أبداً، الجيوش بجوفها! فالشعوب هي دروع الأوطان، وإذا انكسرت كرامة شعب اختلت موازين الأوطان لشرشها ولنخاعها، وسقطت هيبتها أمام العالم لتبقى الهزيمة هي القبر الأبدي لها ولخزيها. كل ذلك في وقت يشهد العالم معنا فيه مسرحيات هزلية لصفقات مصالحية تعقد على العلن فوق جثث النساء والأطفال العرب، وأخرى في الكواليس بين حلفاء مؤقتين لشريك استراتيجي بشرط أو حتى إشعار آخر، فهم اليوم يساومون لمصالحهم فقط من خلال أستغلالهم لأنظمة عربية غبية دائماً وأبداً، هي مع شعوبها! بوتين اليوم بعد الفيتو الأممي يفوز بدورتة الثالثة بنسبة تعدت الستين في المائة ليذرف الدموع شاكراً لله على الانتصار! وليبحث عن دور جديد له في المنطقة، بعد تساقط حلفائه الواحد بعد الآخر... فالعراق ثم ليبيا واليوم اعتلال سوريا... وروسيا تماماً هي مثل الصين، لن تسمح أن يكون من يدير «سايكس بيكو» الجديدة اليوم هو واشنطن! تماماً كما أدارتها لندن في أوائل القرن السابق! ولن تسمح روسيا والصين اليوم، أن ترسم الخريطة الجديدة للمنطقة العربية بانفراد أمريكي وتهميش واضح للدور الصيني والروسي مستقبلًا! وهذه تحفظات مشروعة وفق معطيات كثيرة بينة، تهدد المصالح الروسية والصينية بالمنطقة، والتي بالتأكيد لا تكترث لبقاء حكومة الأسد بسوريا، بقدر ما تهتم بمصالحها المستقبلية ووجودها الاستراتيجي الذي لن يسمح بغد جديد في المنطقة دون أن يكون لها دور فيه! وهم يصرحون علناً أنهم يريدون ثمناً مقابل إسقاط الأسد... وسيقبضونه قريباً، نقداً أو عقدا.