من ينظر في حمص وهي تدك بآلة القتل الأسدية في شتاء 2012م والعالم أبله يتفرج يقول لاشك أننا نعيش في غابة عالمية. والمفارقة هنا أن الغابة تفترس فيها السنوريات الأرانب والغزلان، ولكن فصيلة السنوريات في سوريا تفترس أرانب حمص الوديعة وهي تصرخ، والعالم يرى ويتفرج ويتابع حياته المعتادة فيشرب القهوة الصباحية ويضحك ملء شدقيه وينام ملء الأجفان. وكأن شيئا لم يكن. إنها كلاب يتم التخلص منها. قطط تهرس بالسيارات عفوا. ذباب يتساقط وبعوض وصرصار يرش بالمبيدات. إنها مأساة للضمير الإنساني وأصحاب القرار وكذابي السياسة. يبدو أن العالم الذي نعيش فيه غابة من السفاري تسرح فيها الضواري.وكما كان هناك ملك يحكم الغابة؛ فأمريكا اليوم هي أسد هذه الغابة. وكما ينص قانون الغابة أن (القوي يأكل الضعيف)، كذلك الحال في غابة الأممالمتحدة، محروسا بحق النقض (الفيتو) في مجلس الرعب !! عفوا مجلس الأمن!! وبالطريقة التي يتفاهم بها حيوانات الغابة، فيبتلع الأقوياء الضعفاء، كذلك الحال في الغابة العالمية.. روسيا تبتلع الشيشان وتبني أسطورة جروزني، وسوريا تدك حمص في شتاء 2012م. العراق يلتهم الكويت، وأمريكا بدورها تلتهم العراق وأفغانستان. تماما كما في أعماق المياه. السمكة الكبيرة تبتلع الصغيرة .. وكما تنوعت الضواري التي تسرح في السفاري، كذلك الحال في الغابة العالمية اليوم:بين أسد أمريكي، وفيل هندي، ودب روسي، ونمر صيني، وذئب ياباني، ونسر أوربي، وثعلب صهيوني، وجمل عربي، وقرد أفريقي للرقص. وحين يرضى ملك الغابة عن مفترس يتجرأ فيتكلم في حضرة الأسد عن العدالة في الوقت الذي يفترس غزلان الصحراء مثل فطيرة محشوة بالزبيب...إن ذاكرة الشعوب قصيرة، والرهان قائم على هذا الغباء.. فويل للغافلين النائمين عن أقدار التاريخ.. وربط الأحداث ببعض..حقيقة أن العالم الذي نعيش فيه كما يقول أرسطو تراجيديا لمن يشعر ويحس، وكوميديا لمن يتأمل ويفكر ؟؟ فلنفكر ولنضحك؟ في عالم (الحيوان) يتعرف المرء بسرعة على الكائن من جلده وأنيابه، ولكن في عالم (الإنسان) يبتسم الرأسمالي، بأسنان بيضاء، ويعلق كرافتة حمراء، ويلبس نظارة جورجيو أرماني، ويكذب بقدر جبل. وصدق (جورج أورويل) في كتابه عن المزرعة (The Farm)، أن الخنازير هم الذين سيديرونها؛ فيسرقون بيض الدجاج، ويسخَّرون الحصان لبناء طاحونة، ويسيطرون على الجميع، بكلاب شرسة مدربة على العضاض. ومن نسل الخنزير الكبير، تظهر ذرية خنازير تملأ المزرعة؛ فتمتلك البلد، وتلتهم الأرزاق مثل بقلاوة حلبية، وتحكم الرقاب إلى يوم التناد! كما هو في شبيحة سوريا والعائلة الأسدية من فصية السنوريات