لا ولن نستثني أحداً، ويُدان كل واحد بصفته وشخصه، وتبعات ضعف الرقابة واللامبالاة وقلة الحرص والتساهل، والشفقة غير المحمودة العواقب، وإظهار الحب الزائف لا يبرئ فاعلها. فهل ما حل بِنَا هو من سوء التربية والتوجيه؟ أو حرمان من العاطفة، وعدم مد جسور للحوار أو الإنصات بحب؟ إن كنت تؤيد هذا فوجّه معي إصبع الاتهام للأهل والبيت ومخرجاته، والأخ الكبير والصديق، وحتى المدرسة والجامعة ومربيها، كل أولئك شركاء في ضرر سُكت عنه وأهمل فوقع الفأس في الرأس.. أو ربما هو ضعف وازع ديني وكثير جهل في الفقه الصحيح والتشريع وأوامره ونواهيه ومنهاج الكتاب والسنة، والقصور حينها من بيوت ومدارس وإعلام بشتى توجهاته ومنابره والمساجد وطلبة العلم الشرعي ورواده، الجميع قصر ولم يؤد الرسالة كما يجب.. وإن كان السبب ما ذهب له بعضهم بأنه تأثير إرهاب أو غسيل عقول غضة وتخديرها وتوجيه فكر أصحابها للضلال والأذى واستخدام أدوات علوم البرمجة العقلية والتنويم المغناطيسي، ففي تلك الحالة العتب على مهنيين ومدربين وخبراء في مثل تلك العلوم إذ كيف غفلوا عن استنتاج علاماتها، وتخاذلوا عن توعية الناس والتلميح للجهات المختصة في رصد الجريمة ليشاركوا بإيجاد الحلول؟ ولماذا لم يدلوا بدلوهم موضحين أو ناصحين أو محذرين؟ الأمر جد خطير، ولابد لكل مدرك أو مخمّن لتفسير ما يجري أن يخرج من صمته، وفي عصف ذهني يُجمع الشتات فنغدو كثرة تهزم الخسة التي ظنها مبتدعها شجاعة، فالحق يعلو ولا يُعلى عليه، والكثرة تغلب الشجاعة الحقة، فكيف بالهزيلة والجبانة والمغلوطة. النشء نواة المجتمع، ويصلح بصلاحها، والشباب معقود عليهم آمال كبيرة، ورعايتهم وصون عقولهم قبل أجسادهم مسؤولية الجميع.. إلا الوالدين، ولا ينكر فضلهما وقدرهما من في عقله ذرة من وعي وإنصاف وعقلانية، والأم الشعور بها مختلف، وفقدها كسر للنفس، لذا كيف لا يزعج مرقدنا أن نشهد ونفجع بابنها وهو من يزهق روحها! عقوق أمهات هو ثمرة التطرّف والسفه وتغييب العقل، بدأ من ضرب الوطن الأم، وزعزعة أمنه وسلامته، ووصل لمن غُدرت في عقر دارها، والله نسأل أن يحمي بلادنا ويحفظ أبناءنا ويهديهم ويكفينا وإياهم الشرور والفتن، ما ظهر منها وما بطن.