دائماً ما يلفت انتباهنا الأشخاص المتشابهون في الطباع والصفات، وكيف أن الاتفاق طاغٍ على الفلسفة الفكرية فيما بينهم، فما أن نجد شخصين متحابين ومتصاحبين إلا وردود أفعالهما غالباً ما تتشابه في المواقف، ففي الانفعالات والرضا متشابهان وفي المزاج والسمات متجانسان، نادراً ما نرى آراءهما في اتجاه متعاكس، ونجدهما يمتازان بأن العِشرة فيما بينهما تمتد وتطول على مدى العمر، فكل امرئ يميل إلى من يندمج معه فكريّاً ويتماثل معه في رؤية مشتركة للأمور، كما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: «كل امرئ يميل إلى مثله». فقد استوقفتني مرة قراءة لعالم النفس كاندل «عن العلاقة ما بين التشابه والصفات وعلاقته بالانجذاب، ووجد أن هناك ارتباطاً قويّاً بينهما». إن الالتقاء بين الأشخاص لأول مرة في الغالب يكون محض صدفة أما الاستمرار فهو دليل على الاندماج والتكامل في العقل والنفس والخصال. وما يؤيد حديثنا عن الأفراد المتشابهين في صفاتهم، هو الدبلوماسي الفذ معالي وزير الخارجية الأستاذ عادل الجبير، ففي ملتقى «مغردون» حينما تحاور مع المذيع وتبادل الأحاديث مع باقي وزراء الخليج، كان هادئ الطباع لافتاً في بساطته وتواضعه ولبقاً جدّاً في طرحه كما عهدناه، مما جعلنا حقّاً نرى شبهاً كبيراً في الصفات بينه وبين رفيق دربه في السياسة وزير الخارجية السابق الراحل الأمير سعود الفيصل، أدهشنا هذا الشبه الذي ذكّرنا بالأمير الراحل حتى ظننا أن الأستاذ عادل اكتسب صفات الأمير بالوراثة! جميعنا نعلم أنه لا توارث إلا بين الأقارب، أما روح الإنسان فيقودها الانجذاب دائماً إلى من يشبهها، وصدق رسولنا الكريم في قوله: «الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف».