واصلت كوريا الشمالية تصعيد مواقفها؛ إذ أطلقت صاروخين بالستيين قصيري المدى وقرَّرت تصفية أصول شركاتٍ كوريةٍ جنوبيةٍ لا تزال موجودة في أراضيها، في وقتٍ دعتها اليابان إلى الكفِّ عن الأفعال الاستفزازية. ويأتي التصعيد كردٍّ مباشرٍ على عقوباتٍ أحادية الجانب أعلنتها سيئول الثلاثاء لمعاقبة الشمال على تجربته النووية في يناير وإطلاقه صاروخاً طويل المدى الشهر الماضي. ويتزايد التوتر العسكري في شبه الجزيرة الكورية منذ إجراء بيونج يانج تجربتها النووية الرابعة التي أدَّت إلى سلسلة عقوبات جديدة عليها. وأفاد متحدث باسم وزارة الدفاع الكورية الجنوبية بأن بيونج يانج أطلقت صاروخين قرابة الساعة ال 5 و20 دقيقة من صباح أمس «اجتاز كل منهما مسافة 500 كلم قبل أن يسقط في بحر اليابان قبالة مرفأ وونسان الكوري الشمالي». وغالباً ما يعمد النظام الشيوعي في بيونج يانج إلى إجراء تجارب على صواريخ بالستية قصيرة المدى، علماً أنه أطلق الأسبوع الماضي 6 صواريخ قصيرة المدى قبالة السواحل الشرقية لبلاده. وجاء إطلاقه الصواريخ الستة رداً على قرار مجلس الأمن الدولي تشديد العقوبات الدولية التي تستهدفه. وفرض المجلس العقوبات الجديدة رداً على تجربة نووية رابعة لكوريا الشمالية أجرتها في ال 6 من يناير قبل أن تطلق صاروخاً في ال 7 من فبراير اعتُبِرَ إلى حدٍ كبير تجربة صاروخٍ بالستي. وتفاقم التوتر هذا الأسبوع مع إطلاق المناورات السنوية المشتركة بين كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة، التي ردَّت عليها بيونج يانج بتهديدات بضربات نووية وقائية. وإضافةً إلى إطلاق صاروخين جديدين؛ أعلنت بيونج يانج تصفية أصول لكوريا الجنوبية في مشروعين مشتركين هما منتجع كومجانج السياحي ومجمع كايسونج الصناعي المشترك. وقالت «لجنة إعادة توحيد كوريا سلمياً»، في بيانٍ نشرته وكالة الأنباء الشمالية الرسمية، إنه «نظراً إلى إغلاق القوات الكورية الجنوبية المعادية بشكل أحادي الجانب أنشطتها في جبل كومجانج وفي مجمع كايسونج الصناعي؛ فإننا سوف نصفي بالكامل كل الأصول المملوكة للشركات الكورية الجنوبية والمؤسسات التابعة لها التي تركتها لدينا». وأبانت اللجنة «اعتباراً من الآن نعلن أن كل الاتفاقيات المبرمة بين كوريا الشماليةوكوريا الجنوبية فيما يخص التعاون الاقتصادي وبرامج التبادل هي اتفاقيات لاغية». وكانت كوريا الشمالية جمَّدت قبل شهر الأصول الجنوبية في كايسونج، رداً على قرار سيئول تعليق أنشطة شركاتها في المجمع الصناعي المشترك وفرضها عقوبات على النظام الشيوعي إثر إطلاقه صاروخاً فضائياً. وتعمل في كايسونج 124 شركة كورية جنوبية توظِّف 53 ألف كوري شمالي. وكان المجمع، الذي أنشئ في إطار دبلوماسية انتهجتها سيئول بين عامي 1998 و2008 لتشجيع الاتصالات الثنائية، بقِيَ بعيداً عن تقلبات العلاقات بين الكوريتين. وتشكِّل المنطقة المسماة باسمه، التي تبعد نحو 10 كيلومترات عن الحدود الجنوبية، مصدراً أساسياً للعملات الأجنبية للنظام الشيوعي الذي يواجه صعوبات مالية. فيما بنت شركة «هيونداي آسان» الكورية الجنوبية منتجع كومجانج الجبلي كأول مشروع ضخم مشترك بين البلدين. واستقبل المنتجع آلاف السياح الجنوبيين بين عامي 1998 و2008. ولاحقاً؛ منعت سيئول رعاياها من الذهاب إليه إثر مقتل سائحة جنوبية برصاص جندي شمالي بعدما دخلت عن طريق الخطأ منطقة عسكرية محظورة. وفي عام 2011؛ أنهت بيونج يانج اتفاق التعاون المبرم مع «هيونداي آسان» وصادرت كل الموجودات الكورية الجنوبية في المنتجع. لكن أثر العقوبات أحادية الجانب التي يعلنها الشمال أو الجنوب تبقى محدودة. وهذا الأسبوع؛ أعلن الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونج- أون، نجاح بلاده في تصغير رؤوس نووية حرارية بهدف تركيبها على صواريخ بالستية. وردَّت وزارة الخارجية الأمريكية عبر حثِّه على التخلي عن «التصريحات الاستفزازية»، ووصفه الناطق باسم الوزارة، جون كيربي، ب «ديكتاتور شاب مسؤول عن انتهاكات متكررة للقانون الدولي». إلى ذلك؛ أعلنت واشنطن نشر 3 قاذفات شبح طويلة المدى «بي-2» لتنفيذ مناورات في منطقة الهند- آسيا- المحيط الهادئ. واعتبر قائد سلاح الجو الأمريكي في منطقة المحيط الهادئ، الجنرال لوري روبنسون، أن «الأحداث التي جرت مؤخراً تُظهِر الحاجة المستمرة لوجود قوة جوية موثوقة ومتناغمة في كل منطقة الهند- آسيا- المحيط الهادئ». وذكر الناطق باسم السلاح، الكابتن راي جفري، أن «طائرات بي-2 حلَّقت ولا تزال في المجال الجوي الدولي وفقاً للقوانين الدولية؛ مثل باقي الطائرات الحربية في المنطقة». وأشار إلى «إتاحة المهمات الروتينية معرفة منطقة العمليات والحفاظ على مهارات فرقِنا مثل مهارات القتال والقيادة والتنسيق». ولا يملك السلاح سوى 20 طائرة من هذه القاذفات القادرة على حمل شحنة نووية. ويصل نطاق عمل «بي-2» إلى 6 آلاف ميل بحري (11 ألف كلم). وتُقدّر قيمة كل طائرة ب 1.1 مليار دولار بحسب سعر عام 1998. بدوره؛ دعا كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوجا، بيونج يانج إلى الامتناع عن الأعمال الاستفزازية، مؤكداً مواصلة بلاده التعاون عن كثب مع دول مثل الولاياتالمتحدةوكوريا الجنوبية. ولفت سوجا، خلال مؤتمر صحفي في طوكيو أمس، إلى أن الحكومة تظلُّ متيقِّظةً ومستعدةً لكافة الظروف.