ظل مفهوم العلاقات العامة إلى وقت قريب أسيرا لمجموعة عوامل تراكمية حبسته في إطار ضيق، لا يخرج عن كونه جهاز استقبال ومراسم لمؤسسة ما، تنهي مصالح الضيوف وتقوم بتسكينهم وعمل تأشيرات الطيران والوصول والتسكين والسفر ومن ثم الغداء والعشاء والإشراف على فسح العملاء أو الضيوف. ولم يبرح هذا المفهوم الخاطئ أذهان العقل الجمعي والمعرفي حتى بدايات القرن الحالي، هذا على المستوى الأكاديمي العام، أما على المستوى العام فما زالت الصورة المغلوطة تطارد بعض الناس، وإن بدأ المفهوم يتغير شيئا فشيئا، حتى أصبحت العلاقات العامة إدارة نافذة وفعالة في الفكر الإداري الحديث. ولأن الإنسان بطبيعته لا يمكن أن يعيش في عزلة عن الناس، بل تقتضي ظروف الحياة الاتصال بالآخرين والتعاون معهم، فإن العلاقات العامة بمفهومها الأشمل هي الجسر الوحيد في هذا الاتصال، فإما أن يترك الشخص أثراً حسناً لدى بقية الناس وإما أن يترك أثرا سيئا، فإذا ترك أثرا حسنا ساعده هذا على إنجاز أعماله بسرعة وبأقل مجهود والعكس صحيح. فتكيف الأفراد والمجموعات إذن مع الواقع الاجتماعي أمر مهم وضرورة لاغنى عنها، من أجل الصالح العام للشركة أو الجمهور المتصل بها أو المجتمع المدني بصفة عامة. فالعلاقات الطيبة هي محور المفهوم الحديث لكلمتي العلاقات العامة، وبدون الصلات الطيبة بين المنظمات وبين المتعاملين وأرباب المصالح معها، لا يمكن لهذه المنظمات أن تضمن لنفسها السلام والاستقرار، وكلما كبر حجم المنشآت بعدت المسافة بينها وبين جمهورها والمجتمع المحيط بها، وأصبحت الحاجة ملحة إلى معرفة آراء الآلاف أو ملايين الأفراد والجماعات، لكي ترسم سياستها بما يلائمهم، ثم تقوم بشرحها لهم بغية كسب ثقتهم واحترامهم وتأييدهم. ومن أجل ذلك نشأت الحاجة في العصر الحديث كما ورد في أدبيات خبراء العلاقات العامة والإعلام والفكر الإداري المعاصر، إلى إسناد مهمة إقامة علاقات طيبة بين منشأة وجمهورها إلى متخصصين، وبذلك أنشئت إدارة العلاقات العامة في الوزارات والشركات والمؤسسات والمنشآت المختلفة، التي أصبحت من الضروريات في وقتنا الحاضر. وأصبح عنوان نجاح شركة أو مؤسسة ما مرتبطا بالإجابة عن السؤال: هل بهذه المؤسسة جهاز علاقات عامة قوي وفعال؟ تلك هي الحقيقة. من هنا فإن العلاقات العامة كما تعرفها الجمعية الدولية للعلاقات العامة»: هي وظيفة إدارة دائمة ومنظمة تحاول المؤسسة العامة أو الخاصة عن طريقها تحقيق التفهم والتأييد والمشاركة مع من تتعامل. وتظهر أهمية العلاقات العامة في أنها تؤدي وظيفة مهمة وحيوية للإدارة العامة، إذ أصبح من واجب الإداريين أن يخبروا الجماهير بسياستهم، ويجسّوا نبض الرأي العام قبل هذه السياسات، ومن حقهم أيضا أن يردّوا على النقاد ويبرروا تصرفاتهم التي تشغل الرأي العام، وقد ظهرت الحاجة إلى العلاقات العامة على إثر التغيير الكبير الذي حدث في المجتمعات الحديثة، فقد تميز المجتمع الحديث بتغيرات واسعة في شكله وتكوينه وطبيعته من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ومتى ما كانت الشركة أو المؤسسة ناجحة تجد خلفها إدارة علاقات عامة مميزة..!! همسة: العلاقات العامة فن وإبداع ..