أصدر خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، توجيهاتٍ بالتبرُّع ب 500 ألف دولار باسم المملكة لدعم البرامج التنموية المختلفة لمشروع «منصة الخير الرقمي». ويستهدف المشروع، الذي يُعدُّ مبادرةً إنسانيةً مقدَّمةً من الشباب السعودي، جمع التبرعات من الأفراد حول العالم لخدمة المشاريع التنموية دولياً والمساهمة في دعم وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015. وأعلن وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور نزار بن عبيد مدني، عن التوجيه الملكي خلال رعايته أمس في مقر وزارة الخارجية في الرياض حفل تدشين المنصة، الذي أقيم بالتعاون مع مكتب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي لدى المملكة. والمشروع من نتائج منتديات حوار الشباب السعودي الدولية، ويقضي بإنشاء منصةٍ إلكترونيةٍ تحت إشراف المقر الرئيس لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي في نيويورك. وأبدى وزير الدولة للشؤون الخارجية ترحيبه بتدشين المنصة في المملكة بعدما تمَّ تدشينها في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر سبتمبر الماضي، واعتبرها تأكيداً لحقيقة مشاعرنا الإنسانية ومحارَبةً للتشويه الذي يتعرض له الإسلام والمسلمون في هذا الوقت. وأكد، في كلمةٍ خلال الحفل، نجاح تلك المبادرات في توجيه عقول الشباب صوب التواصل العالمي الإنساني وإبعادهم عن الأفكار المتطرفة. وشدَّد الوزير على اعتزاز المملكة بشبابها الذين تصوَّروا وبلوَروا فكرة منصة الخير الإلكترونية ثمَّ تابعوا وساهموا في تنظيم إطارها، مبيِّناً أنهم يمثِّلون مضمون المجتمع السعودي ويعكسون الصورة الصادقة للإسلام ومبادئه السمحة. وكانت وزارة الخارجية وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي وقَّعا وثيقة المشروع في ال 10 من يناير الماضي. ودعمت حكومة المملكة المبادرة التي قدَّمها الشباب السعودي لاستخدام تكنولوجيا المعلومات بوصفها إحدى الأدوات الرئيسة للنهوض بالتنمية البشرية. وعبرَ المنصة الإلكترونية؛ سيستطيع الأفراد من مختلف أرجاء العالم التبرُّع بالأموال من خلال قنواتٍ آمنةٍ تابعةٍ للبرنامج الأممي الإنمائي لصالح تنفيذ مشاريع تخدم أهداف التنمية المستدامة. وسيُتاح للمتبرعين استخدام الإنترنت لتقديم مساهماتهم النقدية التي ستدعم تحقيق أهدافٍ إنمائية عدَّة بينها الحدِّ من نسبة الفقر، وتحقيق الاندماج الاجتماعي وأمن الغذاء والمياه والطاقة والصحة والاستدامة البيئية. واعتبر ممثل البرنامج الأممي الإنمائي المقيم في الرياض، الدكتور آشوك نيقام، هذه المبادرة دليلاً على قدرة الحوار بين الشباب من مختلف الأمم والديانات والثقافات على المساهمة في التنمية العالمية. وذكر أن منتديات حوار الشباب السعودي الدولية أتاحت الفرصة لهم ليتفاعلوا مع نظرائهم والجهات ذات العلاقة من الدول المختلفة و»أن يناقشوا معهم حلولاً مبتكرة لمشاركة الشباب في التنمية»، لافتاً إلى «تمكَّن الشباب عبر هذه المنتديات من عرض أفكارهم على رؤساء الدول المختلفة والمنظمات الدولية ذات العلاقة». وأعرب نيقام، في كلمة له أمس خلال الحفل نفسه، عن تقدير البرنامج الأممي الإنمائي ما قدَّمته المملكة من دعمٍ للمنصة الجديدة واهتمامها بأهداف التنمية المستدامة لما بعد 2015. وحضر الحفل عددٌ من رجال الأعمال، وسفراء دول مجلس التعاون الخليجي لدى المملكة، إضافةً إلى سفراء الدول التي عُقِدَت فيها منتديات حوار الشباب السعودي، وهي الهند والصين وإسبانيا والبرازيل وألمانيا وتنزانيا وكوريا الجنوبية. وتكفَّلت المملكة بتكاليف إنشاء مشروع المنصة وإهدائها للبرنامج الإنمائي استمراراً في توجهها لخدمة الإنسانية وانطلاقاً من حرصها على تيسير تدفُّق المساعدات إلى الدول المحتاجة. وتُوجَّه التبرعات مباشرةً إلى ميزانية البرنامج في نيويورك. وستتضمن المرحلة الثانية من المشروع تحديد مشاريع تنموية مختلفة حول العالم، ليستطيع الفرد اختيار ما يشاء منها للتبرع سواءً بدعم توفير اللقاحات وتطعيمات للأطفال المحتاجين أو توفير غذاء ومسكن وتعليم وغيرها. فيما ستشهد المرحلة الثالثة تأسيس مجلس إدارة يضم شباباً من جنسيات عدَّة، ويتولى متابعة اختيار المشاريع المطروحة ومراقبة الصرف. وسيكون للشباب السعودي مقاعد دائمة ضمن مجلس الإدارة. وتجسِّد هذه المبادرة الدور المهم الذي تؤديه المملكة في مجال التنمية العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ولفت أشوك نيقام إلى حرص الأممالمتحدة على التأكيد في كل محافلها على أن المنصَّة مبادرةُ شبابٍ سعودي وبتمويلٍ من حكومة المملكة. بدورها؛ توقَّعت عضو الهيئة الاستشارية لمنتديات حوار الشباب السعودي، الأمير هيفاء بنت عبدالعزيز آل مقرن، إطلاق المنصَّة فعلياً في نهاية 2016. وأكدت أن التبرعات ستذهب إلى تحقيق أهداف التنمية وليس لأعمال الإغاثة، مرجِّحةً الاتفاق مستقبلاً مع لجنة الإفتاء حول جواز إخراج الزكاة للمشروع من عدمه، متابِعةً «كما يجرى الآن الاتفاق مع الدول الأخرى على طريقة احتساب الضريبة علي المتبرعين». وأوضحت الأميرة هيفاء، في تصريحاتٍ لها أمس، أن الرقابة الداخلية للمنصَّة ستضمن ذهاب التبرعات إلى الجهات المعنية وعدم ذهابها إلى جهات مشبوهة. ورأت أن المشروع لا يستهدف فقط جمع التبرعات «بل تفاعل الأفراد مع الأهداف التنموية ومتابعة تحقيقها وتقديم مقترحات لتنفيذها». وكان وزير الخارجية الراحل، الأمير سعود الفيصل، دعَم المبادرة مادياً وشجَّع على إتمامها، وهي تجسِّد دعوة خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز – رحمه الله-، للحوار بين أتباع الديانات والحضارات.