فارق كبير بين أول قمة لمجموعة العشرين، التي عقدت في الولاياتالمتحدة الأمريكة عام 2008، وبين آخر قمة، التي اختتمت أمس في مدينة أنطاليا التركية. ففي قمة أمريكا وما تبعها من قمم، كانت المواضيع اقتصادية الطابع، أما في قمة تركيا، فكانت الغلبة للمواضيع السياسية الراهنة، والأزمة السورية والمناخ وملف الإرهاب الذي حضر بقوة في مناقشات الزعماء على مدى يومين. تتشكل دول مجموعة العشرين (G20) وهي الأغنى في العالم، من مجموعة الدول الصناعية الكبرى وعددها 8 دول بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي وإحدى عشرة دولة ناشئة. وتتكون المجموعة من المملكة العربية السعودية، وألمانيا، وفرنسا، واليابان، والولاياتالمتحدةالأمريكية، وكندا، وإيطاليا، وبريطانيا، وروسيا ، والأرجنتين، وأستراليا، وجنوب إفريقيا، والبرازيل، والصين، وكوريا الجنوبية، والهند، وإندونيسيا، والمكسيك، وتركيا والاتحاد الأوروبي . ويعقد قادة المجموعة دورياً اجتماعًا اقتصاديًا يبحثون خلاله ما يعين على بناء اقتصادات قوية ويجابهون ما يعضل من مشكلات اقتصادية تواجهها مختلف دول العالم. ويسعى قادة الدول خلال اجتماعاتهم ووزراء ماليتهم خلال الاجتماعات التحضيرية التي تسبق القمم إلى بلورة الأفكار وإيجاد الحلول التي تقضي على تلك المشكلات وتحول دون استمرارها. وبدأت قمة العشرين أول اجتماعاتها في العاصمة الأمريكيةواشنطن في شهر نوفمبر من عام 2008م بمشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (يرحمه الله) وأصحاب الفخامة والدولة قادة دول المجموعة. وحينها شدد – يرحمه الله – على أن الأزمة المالية العالمية الفريدة في الحجم والنوع وسرعة الانتشار والمخاطر المماثلة تؤكد أهمية التنسيق والتعاون الدولي لإيجاد حلول مناسبة لها ولآثارها، مؤكدًا أن هذه الأزمة كشفت أن العولمة غير المنضبطة والخلل في الرقابة على القطاعات المالية أسهما في الانتشار العالمي السريع لها وأن من أهم الدروس التي أتت بها هو أنه لا يمكن للأسواق تنظيم نفسها. ولفت إلى أن الحاجة ماسة وملحة لتطوير الجهات والأنظمة الرقابية على القطاعات المالية وتعزيز دور صندوق النقد الدولي في الرقابة على هذه القطاعات في الدول المتقدمة. وصدر عن اجتماع القمة بيان «قمة الأسواق المالية والاقتصاد العالمي» أعرب فيه القادة عن التصميم على تعزيز التعاون والعمل معا لتحقيق الإصلاحات التي يحتاج إليها النظام المالي العالمي. وأشار البيان إلى أن دول المجموعة اتخذت خلال الشهرين الماضيين إجراءات عاجلة واستثنائية لدعم الاقتصاد العالمي واستقرار الأسواق المالية وأنه يجب أن تستمر هذه الجهود، كما يجب وضع أساس للإصلاح لضمان عدم تكرار حدوث أزمة مالية مثل هذه مرة أخرى. وجاء في البيان أن قادة مجموعة العشرين متنبهون لتأثير الأزمة المالية الراهنة على الدول النامية خاصة الدول الأكثر تعرضا لها ويؤكدون أهمية أهداف الألفية للتنمية والالتزام بمساعدات التنمية للدول النامية. وتضمن البيان خطة عمل لتنفيذ ما اتفق عليه قادة مجموعة العشرين وتعزيز الإجراءات الرقابية وإجراءات إدارة المخاطر وترقية النزاهة والشفافية في الأسواق المالية وتعزيز التعاون الدولي في هذه المجالات إلى جانب وضع إصلاحات جديدة لتعزيز أداء المؤسسات المالية الدولية. وفي شهر أبريل من عام 2009م شهد مركز إكسل الدولي شرق العاصمة البريطانية لندن اجتماع قادة دول العشرين الذين ناقشوا عددًا من المقترحات والإجراءات التي تهدف إلى إنعاش الاقتصاد العالمي وتحسين مسار الاقتصادات الدولية وتخفيض حدة الركود والانكماش الاقتصاديين وتنشيط عمليات الإقراض لتوفير المصادر المالية للأفراد والعائلات والشركات ودعم مسيرة الاستثمار المستقبلي. وأقر ملوك ورؤساء ورؤساء حكومات عشرين دولة مهمة في العالم إنشاء مجلس للاستقرار المالي العالمي مع آليات تعزز مهمته في التعاون البناء مع صندوق النقد الدولي لتوفير آلية للإنذار المبكر حول المخاطر الاقتصادية والمالية مع توفير آليات للتصدي لمثل هذه المخاطر. وأكد بيان ختامي لقادة الدول المتقدمة والاقتصادات الناشئة المنضوية تحت لواء مجموعة العشرين أهمية اتخاذ إجراءات لإعادة تشكيل الأجهزة المالية التنظيمية حتى تتمكن السلطات المعنية من تحديد ماهية المخاطر المالية والاقتصادية في الوقت المناسب. وفي عام 2010، عقد عقد قادة دول مجموعة العشرين قمتهم الاقتصادية في مدينة تورنتو الكندية خلال شهر يونيو من عام 2010م. ووجه الملك عبدالله بن عبد العزيز يرحمه الله – كلمة لقادة دول مجموعة العشرين أشار فيها إلى نجاح مجموعة العشرين في الاستجابة للأزمة المالية العالمية بما اتخذته من تدابير جنبت العالم الوقوع في الكساد. وتطرق – يرحمه الله – إلى الأنظمة المالية، مؤكدًا أهمية إصلاحها من أجل تفادي وقوع الاقتصاد العالمي بأزمات مماثلة في المستقبل، مشيرًا إلى أن تطبيق أنظمة إشرافية ورقابية قوية تعد بديلاً أنسب من فرض ضرائب على المؤسسات المالية. وفي القمة التي عقدت في مدينة لوس كابوس في المكسيك في عام 2012م ورأس وفد المملكة خلالها وزير المالية الدكتور إبراهيم بن عبد العزيز العساف نيابة عن خادم الحرمين الشريفين، استعرض القادة مستجدات الاقتصاد العالمي، وإطار النمو القوي والمتوازن والمستدام، وتعزيز البنية المالية الدولية، والنظام المالي العالمي، وتعزيز الحوكمة المالية العالمية. وبحث القادة خلال القمة أيضًا مواضيع تتصل بالبيئة والأمن الغذائي العالمي، ودور التجارة بوصفها مصدراً لإيجاد الوظائف، وتجنب سياسات الحمائية. وعقدت القمة الأخيرة في مدينة برزبين الأسترالية العام الماضي بمشاركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، الذي أكد على تعزيز دورها الفاعل في مجموعة العشرين المنتدى الرئيس للتعاون الاقتصادي بين دول المجموعة التي تمثل أكبر عشرين اقتصاداً في العالم، واهتمام المملكة بما يطرح في إطارها من قضايا حرصاً منها على نمو الاقتصاد العالمي واستقراره وبما يحقق مصالح الجميع.