عندما تبلع الثلاثين ستفكر حتماً: ماذا فعلت في السنوات العشر الأخيرة؟ سنوات العشرين تتميز بالثقة في النفس، والرغبة في الحياة والانطلاق، وتحدِّد إذا ما كنت ستعيش حياة مختلفة جيدة، تزخر بالفرص والتحدي، أو حياة تقليدية مملة تنتظر موتها! وأنت في العشرينيات من عمرك، ستمرُّ عليك السنوات سريعة، وتكتشف أن ملامحك أصبحت أكثر نضجاً، وحياتك تفتقر إلى الحرية والفرص، مع كثيرٍ من التعقل والحذر قبل اتخاذ القرارات. إذا كنت شاباً في العشرينيات، فإني أوصيك عبر هذا المقال بأربع وصايا من المهم أن تأخذها بجدية قبل أن يصبح عمر الثلاثين قريباً منك. في عمر العشرينيات تكون في داخلك طاقة هائلة، فإما أن تسلك طريقاً تقليدياً وتسير مع الآخرين فتنجح، أو طريقاً مختلفاً فتبدع. يقول عصام حجي، العالم الفلكي المصري، الذي يشغل منصباً كبيراً في وكالة ناسا الفضائية، وهو في الثلاثينيات من عمره: «لأنني عملت على تطوير نفسي بشكل مكثف في فترة العشرينيات، في الوقت الذي كان فيه أقراني، وأصدقائي منغمسين في تجهيزات الزواج، والبحث عن عروس مناسبة، وتجهيز شقة مناسبة، وتأثيث منزلهم، وتوفير تكاليف متطلبات الزواج، وحجز قاعات الأفراح، كنت أنا أنهي دراستي درجة الدكتوراة، وأسافر لتحقيق حلمي في العمل في وكالة ناسا الفضائية، وأنا في هذه السن الصغيرة». الزواج مطلب مهم جداً لتوفير الاستقرار الجسدي والنفسي في حياتك، وتكوين أسرة مناسبة، والاستقلال بذاتك، ولكن نصيحتي لك: ألا تجعل الزواج عثرة في طريق نجاحك في حياتك، وألا تتخلى عن أحلامك وطموحاتك، وتتفرع لشراء ملابس الأطفال. تحوَّل إلى مدمن قراءة، هذه النصيحة الأبدية التي لا يخلو أي موضوع منها. في العشرينيات من عمرك لا تترك كتاباً إلا وقد قرأته، ولا مقالاً جدياً إلا وقد حفظت منه جملة واحدة على الأقل، ولا تترك قصة، أو رواية تزخر بالأفكار إلا وقد استفدت من هدفها. إن القراءة هي أساس، بها تفتح مداركك، وتجعلك إنساناً راقياً وناجحاً عندما تصل إلى سن الثلاثين، والأهم من كل ذلك ألا تحصر قراءتك في مجال واحد، بل قم بتنويعها، اقرأ في التاريخ، الأدب، الفيزياء وعلم النفس. في وصيتي الثالثة، وقبل أن تشرع في تحقيق هدفك، اسأل نفسك: لماذا تفعل كل ذلك؟ وما هو الأمر الذي تريد أن تصل إليه؟ على الأغلب لن تشعر أن هذه الوصية بالأهمية التي تفكر فيها وأنت في مقتبل عمرك، ولكنك حتماً ستشعر بأهميتها عندما تجد نفسك على مشارف الثلاثين، ومازلت لا تعرف السبب وراء كل ما قمت به في حياتك. أكبر خطأ ممكن أن تقع فيه خلال حياتك، أن تسير على خطى أقرانك، أن تتخرج في جامعتك فتلتحق بالوظيفة، ثم إلى اللانهاية، فإذا فعلت ذلك، فإنك وصلت إلى الضياع، طريق تقليدي، يسلكه الجميع: شهادة، وظيفة، راتب، زوجة، أطفال، ومن ثم تترك كل ذلك وتموت، بل عليك أن تسلك طريقاً مختلفاً مثل: تأسيس شركة، استغلال موهبة، فكرة جديدة، شهادة أكاديمية مرموقة، أو مقهى لبيع القهوة التركية! في النهاية لا يوجد أحد سعيداً سعادة مطلقة، بمَنْ في ذلك الناجحون، فهم يمرون بصعوبات، وتحديات، وأحياناً بفشل، فلا تعتقد أن الحياة ضدك أنت وحدك، الحياة لا يوجد فيها خط مستوٍ، فهي إما صعود إلى الأعلى، أو نزول إلى الأسفل. كل يوم يمر عليك هو سلَّمٌ بنائي، أنت تبنيه بنفسك، فإما الصعود إلى الأعلى، أو النزول إلى الأسفل.