فتح المهاجرون طريقاً جديداً إلى دول أوروبا الغربية؛ حيث عبرت مجموعةٌ منهم أمس إلى كرواتيا قادمةً من صربيا بعد إقفال الحدود المجرية. في الوقت نفسه؛ يبحث مئات السوريين في تركيا عن بوابة دخولٍ برية إلى اليونان ومنها إلى أوروبا الغربية التي وصل إليها نحو نصف مليون مهاجر خلال العام الجاري. وتحصَّنت المجر أمس الأول وراء سياجٍ من الأسلاك الشائكة، ما يدفع طالبي اللجوء إلى البحث عن طرق دخول أخرى إلى الاتحاد الأوروبي. واستخدمت الشرطة المجرية الغاز المسيل للدموع وخراطيم المياه بعدما تعرضت لرشق الحجارة والزجاجات من قِبَل مهاجرين احتشدوا في الجانب الصربي للأسلاك الشائكة الفاصلة بين البلدين. وأعلنت شرطة توفارنيك شرق كرواتيا وصول 181 مهاجراً صباح أمس. وأفاد رئيس الوزراء الكرواتي، زوران ميلانوفيتش، بأنه «يمكن للمهاجرين المرور عبر بلادنا، ونعمل حول هذا الأمر». وشدَّد رداً على نواب خلال جلسة للبرلمان الكرواتي «نحن مستعدون لاستقبال هؤلاء الأشخاص أياً تكن ديانتهم ولون بشرتهم، ونقلهم إلى الوجهات التي يرغبون في الذهاب إليها سواءً كانت ألمانيا أو الدول الاسكندينافية». وذكَّر بأن «هؤلاء الناس موجودون هنا… لكنهم لا يريدون المجيء إلى كرواتيا أو المجر»، متسائلاً «لا أفهم أين هي المشكلة في السماح لهم بالمرور»، فيما أعلنت رئيسة بلاده، كوليندا غرابار، دعوة مجلس الأمن القومي للانعقاد لبحث أزمة المهاجرين. وذكر صحفيون أنهم شاهدوا صباح أمس مجموعة من 30 أو 40 شخصاً معظمهم من السوريين والأفغان مع أطفال تعبر الحدود في توفارنيك بعد مرورها في مدينة شيد الصربية. وقال الباكستاني وقار (26 عاماً) إن «المجر أغلقت حدودها؛ لذلك جئنا إلى كرواتيا وليس أمامنا من خيار آخر». واحتجزت الشرطة الكرواتية المهاجرين ثم اقتادتهم إلى توفارنيك لقيد بياناتهم وتوفير العناية لهم في حالة الحاجة. وانتقد ميلانوفيتش سياسة بودابست، واعتبرها «مضرَّة وخطرة»، مشدداً على أن «بناء الجدران لن يوقف أي شخص وسيُوجِّه رسالة مريعة». وأعلنت المجر، التي تعد واحدة من أبرز بلدان العبور في أوروبا الوسطى والغربية، توقيف 367 شخصاً دخلوا أراضيها أمس الأول بطريقة غير قانونية في اليوم الأول لتطبيق قانون جديد يهدف إلى منع دخول المهاجرين. وأوقف هؤلاء، فيما أكد مصدر أنهم يواجهون عقوبة السجن التي قد تصل إلى 5 سنوات. وكان مركز هورجوس المعبر الرئيس على الحدود الصربية – المجرية لا يزال مقفلاً في الصباح. وأمضى نحو 200 مهاجر الليل في المكان، وافترش بعضهم الأرض. وتطلعت رشا (26 عاماً من دمشق) إلى معاودة المجريين فتح الحدود، وأبدت تخوفها من أن تعلَق في كرواتيا أو سلوفينيا؛ لأنها لا تعرف هذين البلدين وتريد التوجه نحو أوروبا الغربية برفقة طفلتها البالغة 5 سنوات. ويضع التدفق المستمر للمهاجرين أوروبا على المحك، فيما نفد صبر برلين على ما يبدو من الخلافات داخل الاتحاد الأوروبي بشأن هذه الأزمة. ودعت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ونظيرها النمساوي، فرنر فايمن، أمس الأول إلى عقد قمة أوروبية في وقت سريع للتفاهم على آلية توزيع ملزِمة ل 120 ألف لاجئ بعد فشل وزراء داخلية الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في التوصل إلى اتفاق. وتكمن الصعوبة الرئيسة في إقناع بلدان أوروبا الشرقية (المجر، الجمهورية التشيكية، سلوفاكيا ورومانيا) المتحفظة في استقبال عدد كبير من اللاجئين. وسيجري رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، مشاورات في هذا الصدد. ومن المقرر أن يلتقي وزراء داخلية الاتحاد في 22 سبتمبر في بروكسل في إطار اجتماع طارئ جديد. وكانت ألمانيا أعلنت الأحد إعادة عمليات المراقبة على الحدود، وحذت حذوها كل من المجر وسلوفاكيا والجمهورية التشيكية، كما قامت النمسا أمس بأول عمليات مراقبة حدودية. وفي سالزبورج غرب النمسا؛ غادر مئات المهاجرين المحتشدين في محطة النقل البري الرئيسة في المدينة سيراً على الأقدام على أمل الدخول إلى الأراضي الألمانية على بعد 5 كيلومترات. واعتبر رئيس وزراء سلوفاكيا، روبرت فيكو، أثناء مناقشةٍ في برلمان بلاده أن الاتحاد الأوروبي «لم يعد مكاناً آمناً بسبب تدفق مئات آلاف المهاجرين»، محذرا من إمكان تسلل «إرهابيين» بين هؤلاء. وعبَّر فيكو عن أسفه «لأن آلاف الأشخاص يهربون عبر الحدود ولا أحد يوقفهم»، متوقعاً «ظهور أحزاب قومية ومعادية للأجانب لتحُلَّ محل الأحزاب المؤيدة لأوروبا إن لم نوقِف موجة المهاجرين».