- اُبتلي المجتمع بفئةٍ عجيبةٍ وغريبة، ممن أصابهم مرض «وهم الموهبة»؛ حيث يمر الشخص المصاب بهذا المرض «النادر»، بحالةٍ غير منطقية، خارج التفسيرات النفسية، والتبريرات العقلية، تؤثر على أفكاره وقناعاته، وتنعكس على أفعاله وسلوكاته؛ فيرى نفسه «موهوباً» في مجالٍ ما «كالشعر» على سبيل المثال، والمؤلم في الأمر أنه يؤمن بموهبته «الوهمية» إيماناً لا يخالطه شك، ويملك ثقةً عمياء لا تتزعزع فيما يقدم من ترَّهات؛ فلا يلقي بالاً للناصحين والمنتقدين، بل لا يراهم سوى حسادٍ حاقدين، أو جهالٍ لا يفهمون، حتى يبلغ درجة عليا من الانفصال عن الواقع وغياب الوعي، لا يبالي بعدها بصرخات الاستهجان، وعبارات الرفض والاستهزاء، فيتمادى في توهماته، ونشر «تسجيلاته» وخزعبلاته، ليتحول إلى مصدر إزعاجٍ وقلق لعائلته وعشيرته، بعدما أصبح «أضحوكةً» في المجتمع، ووجبةً شهية للسخرية و«الطقطقة» والشماتة..! - ومما يؤسَف له أن يُستغل أمثال هؤلاء المرضى، من قِبَلِ بعض عديمي المروءة والأخلاق والإنسانية؛ كما فعلت إحدى القنوات «الشعبية»، وبواسطة أحد مشاهير الإعلام، الذين لم تردعهم أخلاقيات المهنة، فضلاً عن أدنى القيم الإنسانية، عن القيام بإجراء لقاءٍ تلفزيوني سخيف، مع أحد المرضى «الموهومين بالشعر»، وتجاهل رفض عائلته وتحذيراتهم من التعامل معه أو استغلال حالته بأي شكلٍ من الأشكال، لتتفاقم معضلة وهمه بعد ذلك اللقاء المشؤوم، حتى أضحى «أراجوزاً» لإضحاك المشاهدين، في الوقت الذي لا يملك «أطفاله» وأقاربه إلا البكاء والألم، من حالته البائسة، ومن نظرات الناس وتعليقاتهم الجارحة، ولتتعدى الإساءة والتجريح لتصل إلى قبيلته العريقة التي ينتمي إليها، فيما لا يزال هناك من التافهين الذين يستغلونه لأغراضٍ شتى، فأحدهم يطبل له ويحرضه على الاستمرار، وآخر يصور معه ويقدم له الهدايا والتكريم، وثالثٌ يشارك في مسابقته «الغبية» على «الواتساب»، ويتناسى أولئك المستغلون، أن التاريخ لن يرحمهم، وسيسجل لهم بمدادٍ من العار، هذا السقوط المهني والأخلاقي، وستطاردهم دعوات المتضررين، ولعنات الموهومين..! ختاماً؛ متى يعاقب النظام والقانون، كل من يستغل أولئك المرضى بالوهم، حتى يكفوا عن ممارسة أحقر جرائم الاستغلال والإساءة والتشهير..؟!