كل يرى الناس بعين طبعه، وكل يتعامل مع الناس بعين أصله. وإذا كان بعض الخبثاء من مزدوجي الشخصيات وموهومي النجومية قد تمكنوا من إخفاء الوجه الآخر لنفوس غير بيضاء أثناء تعاملهم المباشر مع الناس؛ فها هي قنوات الإعلام الجديد تأتي بسحرها الإلكتروني لتخدر نفاقهم مغرية حقيقتهم الداخلية بالإفصاح عن ذاتها بتغريداتها الفاضحة دون حذر، وتميز بين الذوات الوضيعة بذوقها الهابط، وذوات النجوم الحقيقيين من ذوي النفوس الرفيعة المحلقة في فضاءات النجومية الإنسانية قبل النجومية الإبداعية. فالنجم الحقيقي لا يخوض أحاديث تافهة، ولا يزج بسمعته في معمعة العصبيات الفئوية، ولا يرجم خلق الله بالتهم جزافا، ولا يسمح لمن هب ودب باستدراجه للإفصاح عما لا يجوز التطرق إليه من أحاديث مشبوهة، وهو فوق كل هذا يحترم متابعيه لأنه يدرك أن احترامه لهم جزء لا يتجزأ من احترامه لسمعته. جولة قصيرة بين حسابات النجوم الحقيقيين على تويتر تكفي لإدراك الفرق بينهم وبين فقاعات النجومية التويترية المنفوخة بالخزعبلات والأوهام، فمن يتابع حساب الدكتور عبدالله الغذامي على سبيل المثال لا يجد إلا مفكرا معتدلا رفيع النفس، صاحب لغة نظيفة لا تنجرف وراء سفاسف الثرثرات، سخي الروح إلى حد إباحته تحميل جميع كتبه القيمة عبر موقعه الإلكتروني دون مقابل غير أجر الله وثوابه الكريم! ومن يتابع حساب الفنان عبدالمجيد عبدالله لا يجد أدنى فصام أو خصام بين واقع هذا الإنسان وفنه، فكل تغريدة محفوفة بهالة من الأحاسيس، وكل رد من ردوده على معجبيه يغلفه الذوق، وكل اقتباس لمقطع شعري رقيق تتبعه إشارة لاسم شاعره في مراعاة صريحة لحقوق الملكية الفكرية. أما حساب مذيعة إم.بي.سي إف.إم أحلام اليعقوب فيؤكد عشقها الراسخ لمهنتها الإعلامية، وينم عن روحها الأنيقة، وإحساسها المعجون بنقاء الحرف وجمال الكلمة واحترام الذات. حسابك على تويتر ليس لعبة تردم بها حفر الفراغ على جدران وقتك؛ حسابك هو بطاقتك الشخصية التي تقدمها معرفا بنفسك لأولئك الذين لا يعرفونك، وحبذا لو حافظت عليها نقية من كل لفظ أو سلوك قد يخدشها أو يمزقها أمام أبصار متابعيك، كنت نجما أم لم تكن.