بعد يومٍ على إعلانها؛ لم يبد الفلسطينيون أمس أي أسفٍ على استقالة المبعوث الخاص للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، توني بلير، فيما تباينت آراء الإسرائيليين بشأنه. وأوكل المنصب إلى رئيس الوزراء البريطاني السابق قبل 8 سنوات. وتضم اللجنة الرباعية الدولية الولاياتالمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتأسَّست في عام 2002 بغية لعب دور الوسيط على المسار الإسرائيلي – الفلسطيني. لكن عمل مبعوثها تعرَّض بانتظام للانتقاد بسبب غياب أي تقدُّم في عملية السلام ولعدم اضطلاعه بأي دور رسمي في المفاوضات. وحمَّل الفلسطينيون عليه واتهموه بالانحياز لإسرائيل. وعلَّق المفاوض الفلسطيني، محمد أشتية، على الاستقالة بقوله «نحن سعداء، وكان على صاحبها أن يقدِّم استقالته منذ زمن طويل». واتهمه بأنه لم يقدم شيئاً للقضية الفلسطينية «بل استخدمه الإسرائيليون لتبرير الاحتلال والاستيطان». وعبَّر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح الفلسطينية، نبيل شعث، عن موقفٍ مماثلٍ قائلاً «هذا الرجل لم يقدم أي شيء للقضية على مدى 8 أعوام». في السياق ذاته؛ رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت القريبة من رام الله، سمير عوض، أن الرئيس السابق للحكومة البريطانية «لم يكن مبعوثا للرباعية عملياً بل كان مبعوثاً أمريكياً وإسرائيلياً وانحاز بالمطلق للاحتلال». ووصفه بأنه «كان سيئاً جداً وخيَّب أملنا في دور حقيقي وفاعل». ووفقاً لعلي الجرباوي، وهو وزير فلسطيني سابق وأستاذ للعلوم السياسية في جامعة بيرزيت، فإن «أهم إنجاز للمبعوث المستقيل كان افتتاح معبر الجلمة» قرب مدينة جنين شمال الضفة الغربيةالمحتلة. وباستثناء ذلك؛ رأى الجرباوي أنه «لم يكن لدى بلير استعداد لمواجهة الاحتلال (…) وفي حال كان يريد تحقيق شيء للاقتصاد الفلسطيني؛ كان يجب أن يضغط لفتح المعابر وتسهيل الحركة ورفع الحصار لكنه لم يكن مستعداً». في المقابل؛ اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، أن بلير بذل «جهوداً كبيرة من أجل السلام». لكن أستاذة العلوم السياسية في الجامعة المفتوحة في إسرائيل، تامار هرمان، رأت أنه «فشل في استغلال إمكانياته الإنسانية والشخصية للمساهمة في إحداث تقارب مع الفلسطينيين، ولم ينجح سوى في بعض المبادرات الاقتصادية المعزولة». بدوره؛ شدد يوسي ألفير، الذي شغل منصب مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك خلال مفاوضات كامب ديفيد عام 2000، على أن مهمة مبعوث الرباعية كان محكوماً عليها بالفشل. ووصف بلير ب «أحد الشخصيات السياسية الدولية التي تعتقد خطأً بأن لديها حلاً للنزاع، ومن بين هؤلاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري». ووفقاً لألفير؛ فإن ربط التقدم في عملية السلام بتطوير الاقتصاد الفلسطيني كان افتراضاً خاطئاً «لأن الصراع سياسي وأيديولوجي قبل كل شيء، وليس اقتصادياً». وتابع «تاريخياً؛ لا نرى أي علاقة بين الصعوبات الاقتصادية المحتملة للفلسطينيين وتصاعد النزاع». إلى ذلك؛ تحدَّث المسؤولون الفلسطينيون عن المعلومات التي كانت تنشرها الصحافة الإسرائيلية والبريطانية باستمرار عن حياة مبعوث الرباعية ومصاريفه العالية خلال قدومه إلى الشرق الأوسط. ووفقاً لأشتية؛ لم يكن المبعوث مقيماً في فلسطين «بل كان يأتي هنا كل عدة أشهر لالتقاط الصور في مشاريع قمنا نحن بها أو قامت بها الدول المانحة». وأشار إلى «تقاضيه رواتب خيالية ومصاريف لمهمة لم يتقدم بها خطوة واحدة». وفشلت مفاوضات السلام في إبريل 2014، وسعى الفلسطينيون منذ ذلك الحين إلى تقديم مشروع للأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال.