وجَّهت مقاتلات «عاصفة الحزم» أمس ضربةً هي الأعنف لمخزن الصواريخ الواقع تحت سيطرة الانقلاب الحوثي في جبل فج عطان جنوبي غرب صنعاء، في وقتٍ تزامنت أعمال المقاومة الشعبية في محافظات لحج والضالع وتعز مع ضربات جوية، بينما جدَّدت الحكومة الشرعية رفضها أي وساطة إيرانية كاشفةً عن توجُّه إقليمي لإطلاق مشروع «مارشال» لإنقاذ اقتصاد اليمن بعد عودة الشرعية. و«سُمِع دوي انفجار غير مسبوق في العاصمة منذ بدء عاصفة الحزم» بعد غارة شنتها المقاتِلات صباح أمس على مخزن للذخيرة وصواريخ «سكود» في جبل فج عطان، بحسب سكان تحدثوا عن انفجار هائل بعد القصف تبعته عدة انفجارات. وأظهرت مقاطع مصوَّرة انتشرت على الإنترنت كتلة نار ضخمة انبعثت من الموقع تَبِعَها دوي انفجار هائل وموجة من الغبار وأعمدة الدخان الكثيفة التي غطت السماء. وظلَّ الاقتراب من الجبل متعذراً لفترة طويلة بعد الغارة بسبب الحرارة الكبيرة المنبعثة من مخزن الصواريخ الواقع ضمن نطاق قاعدة تابعة للحرس الجمهوري الموالي للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وربطت مصادر، تحدثت لموقع «المشهد اليمني» الإخباري، بين قوة الانفجار و«وجود كميات هائلة من صواريخ سكود في فج عطان». ونقل الموقع عن خبراء قولهم إن مخزن الذخيرة والصواريخ في الجبل استُهدِفَ بواسطة 3 أسراب من مقاتلات إف 15. وذكر الخبراء أنفسهم أن «السرب الأول قام بقصف عنيف بقنابل JDAM لنسف أكبر كمية من الطبقة الصخرية، تلاه سربٌ ثانٍ قصف بقنابل Thermobaric weapon الفراغية لإحداث فجوة في الضغط الجوي للمنطقة ما أدى لتهتك في تحصين المستودعات، فيما قصف سرب ثالث بقنابل ال JDAM ما أدى إلى نسف مستودع الصواريخ بالكامل». وكانت صواريخ «فج عطان» تعرضت لعدة غارات منذ بدء «عاصفة الحزم» في 26 مارس الماضي لمنع الميليشيات من استخدامها، لكن غارة أمس كانت الأعنف. بدورها؛ واصلت المقاومة الشعبية أعمالها العسكرية ضد المتمردين. وصدَّت المقاومة في عدن (جنوب) محاولةً من قِبَل عناصر الحوثيين وقوات صالح للتقدم صوب منطقة خور مكسر التي سيطر عليها المناهضون لهم أمس الأول. وأفادت مصادر بأن القوات المتمردة حاولت التقدم صوب المنطقة عبر طريق كورنيش ساحل أبين إلا أنها واجهت مقاومة شرسة «إذ لا تزال عناصر المقاومة تسيطر على المنطقة الساحلية بالكامل في ظل عدم قدرة المتمردين على التقدم»، مشيرةً إلى «حصار مجموعة من الجنود المتمردين داخل مقر استراحة شركة النفط في بداية كورنيش ساحل أبين». وتزامنت هجمات شنتها المقاومة على تجمعات القوات المتمردة في محافظة لحج (شمال عدن) مع تنفيذ مقاتلات «عاصفة الحزم» ضربات للمواقع الخاضعة لسيطرة الحوثيين. وشنت المقاومة هجومين منفصلين ليل الأحد – الإثنين في منطقة الوهط الواقعة في لحج «ما أسفر عن مقتل 8 حوثيين في الهجوم الأول و15 من زملائهم في الثاني وتدمير دبابتين»، بحسب موقع «اليمن الآن». في الوقت نفسه؛ تحدثت مصادر عن أضرار بالغة طالت المتمردين في منطقتي الوهط وصبرة بعد استهداف الطائرات تجمعات لهم في مدرستين حوَّلوهما إلى معسكرين. وفيما قدَّر موقع «اليمن اليوم» عدد القتلى الحوثيين في الهجومين اللذين نفذتهما المقاومة في الوهط ب 23 قتيلاً، فإنه أشار في المقابل إلى مقتل 4 من المقاومين خلال القتال. ولفتت مصادر أخرى إلى معارك عنيفة اندلعت أمس في عددٍ من أحياء الحوطة (عاصمة المحافظة) بعد هجوم للمقاومين على عددٍ من مواقع تمركز الجنود المتمردين. و»ردت القوات الموالية للحوثي وصالح بقصف منازل بالدبابات»، كما أفاد سكان. وتكرَّر التزامن بين هجمات لجان المقاومة وغارات التحالف في الضالع (جنوب)؛ إذ أكدت مصادر في المدينة أن هجوماً شنته اللجان على منزل يتحصن فيه حوثيون في منطقة الجليلة أسفر عن مقتل 13 حوثياً، في وقتٍ قصفت الطائرات معسكر الجرباء وموقعا عسكريا يسمى الخزَّان. وشاهد سكان في المدينة (عاصمة محافظة تحمل الاسم نفسه) أعمدة الدخان تتصاعد من الموقعين ورصدوا اشتعالاً كثيفاً للنيران. و»اعتمدت الخطة الهجومية التي نفذتها المقاومة العسكرية في الجنوب خلال اليومين الماضيين على هجمات تهدف إلى تقطيع أوصال قوات التمرد وفصل بعضها عن بعضها الآخر، وهي استراتيجية يبدو أنها في طريقها إلى النجاح»، بحسب موقع «عدن الغد» الإخباري. وقال الموقع، في تقريرٍ نشره أمس، إن «المقاومة تمكنت خلال يومين فقط من تحقيق انتصارات نوعية ضد القوات الموالية للحوثيين وصالح في عددٍ من مناطق الجنوب، وبينها أهم منطقتين توغلت فيهما قوات التمرد وهما لحج وعدن». وذكر التقرير أن الهجوم الذي نفذته المقاومة العدنية أمس الأول في منطقة خور مكسر استهدف طريق إمداد يصل بين قوات التمرد المتمركزة في منطقة كريتر ونظيرتها المتمركزة في منطقة العريش. ولفت إلى أن «تمكُّن المقاومة من السيطرة على طريق ساحل أبين، أتاح لها السيطرة على طرق الإمداد وجعل قوات الانقلاب الموجودة في كريتر والمعلا منفصلة تماماً عن نظيرتها في العريش». وأفاد بأن «المقاومة شنت هجوماً عنيفاً بالتزامن في منطقتي صبر والوهط التابعتين لمحافظة لحج والواقعتين إلى الشمال من عدن، وهو الأمر الذي يعني في حال نجاحه فصل القوات المتمركزة في مناطق العريش ودار سعد في عدن عن القوات الأخرى الموجودة في صبر والوهط في لحج»، ملاحظاً أن «المقاومين قطعوا أيضاً الطريق بين قوات الحوثيين في الوهط وقوة أخرى موالية لهم بالقرب من رأس عمران التابعة لعدن». وتحدَّث التقرير عن «هجوم آخر لرجال القبائل غرب عدن وتحديداً في منطقة خور عميرة أسفر عن قطع طريق إمداد يربط بين رأس عمران وقوات حوثية في باب المندب»، راصداً ما سمَّاه «بدء تنفيذ حصار على عددٍ من تجمعات قوات الحوثي- صالح في الجنوب». واعتبر هذه الخطوة «انتقالا نوعيا سيفضي في نهاية الأمر إلى وجود قوات عسكرية انقلابية منفصلة عن بعضها بعضاً ولا تصل إليها إمدادات»، متوقعاً «استسلامها أو سهولة القضاء على أفرادها في حال تمكُّن المقاومة من إحكام سيطرتها على مناطق الفصل بين التجمعات المتمردة». في غضون ذلك؛ قُتِلَ قيادي حوثي بارز في مديرية حريب التابعة لمحافظة مأرب (وسط) بعد انفجار عبوة ناسفة زرعها مجهولون في سيارته. ونقل موقع «المشهد اليمني» عن مصدر محلي أن مدير أمن مديرية حريب السابق الموالي للانقلاب، العقيد محمد بن سالم الجلالي الشريف، قُتِلَ بعد تعرض سيارته لتفجير بعبوة ناسفة بالقرب من بيته شرق حريب. وتشهد حريب توتراً أمنياً غير مسبوق وأزمة خانقة في المشتقات النفطية والمواد الغذائية بعد سيطرة المتمردين عليها الشهر الماضي. ووقعت اشتباكات في المحافظة نفسها بين حوثيين ومسلحين لم تُعرَف انتماءاتهم. وأوردت وكالة أنباء «الأناضول» التركية أن الاشتباكات وقعت في منطقة صافر شرقي مأرب «حينما اعترض مسلحون مجهولون حافلات كانت تقلّ جنوداً قادمين من محافظة حضرموت، ما أدى إلى وقوع قتال أسفر عن سقوط قتلى ومصابين من الطرفين». وغرباً؛ تجددت الاشتباكات في مدينة تعز بين الحوثيين والقوات الموالية لصالح من جهة وقوات اللواء 35 مدرع الموالي للشرعية واللجان الشعبية من جهة ثانية. وقال مصدر أمني إن «أضراراً طالت 3 منازل تطلّ على جولة (ميدان) المرور وسط المدينة بسبب القتال»، مشيراً إلى «امتداد المواجهات من جولة المرور إلى محطة صينة». وأكدت مصادر أخرى شن غارات جوية على مواقع للحوثيين في المدينة وسماع دوي انفجارات متتالية جراء القصف «مع إحراز قوات اللواء 35 مدرع تقدماً في منطقة المرور بعد تطهير مواقع فيها من قناصة كانوا متمركزين على أسطح عمارات مرتفعة وتستهدف المقاومين». وقدَّر «المشهد اليمني» عدد القتلى والمصابين في صفوف المتمردين جرَّاء تجدد القتال في المدينة ب 10 أشخاص بين قتيل وجريح، فيما أصيب عنصران من الطرف المقابل. ونقل الموقع عن مصادر تعزِيَّة اتهامها الحوثيين باستهداف أحد طواقم الإسعاف في منطقة بير باشا و»هي تقلُّ جرحى ما أسفر عن مقتل الطبيب عبدالحليم الأصبحي وإصابة سائق سيارة الإسعاف». من جهته؛ دعا محافظ تعز، شوقي أحمد هائل، مديري المكاتب الخدمية في المحافظة إلى بذل جهود مضاعفة لتخفيف المعاناة عن المواطنين. ولاحظ هائل، خلال اجتماعه أمس بالمسؤولين المحليين، أن معاناة السكان تتفاقم يوماً بعد آخر في ظل الاشتباكات المسلحة وقطع الشوارع وتعطيل الحياة العامة. سياسياً؛ رفض وزير الخارجية اليمني المعترف به دولياً، رياض ياسين، أي وساطة من قِبَل إيران لحل النزاع في اليمن. وأعلن ياسين، خلال مؤتمر صحفي أمس في الكويت، أن «أي مشروع وساطة يأتي من إيران غير مقبول لتورطها في الشأن اليمني»، ووصفها ب «جزء كبير من الأزمة اليمنية»، معتبراً أنه لا يجوز لمن يعتبر نفسه طرفاً أن يكون وسيطاً. وشدد الوزير على «حتمية انسحاب الحوثيين وميليشيات علي عبدالله صالح من كل المدن والقرى بما فيها عدنوصنعاء والعودة إلى معقلهم الشمالي في صعدة كمدنيين وإلقاء السلاح وتسليم مقدرات الجيش التي استولوا عليها، وبعدها يجري الحديث عن حوار وعن حلول سياسية، أما الآن فلا مجال للتفاوض». إلا أنه توقَّع انتهاء العمليات العسكرية التي تقودها المملكة قريباً، كاشفاً في شأنٍ ذي صلة عن وجود «مشروع ندرسه الآن مع دول الخليج لمساعدة اليمن اقتصادياً». وأوضح «عندما تعود الشرعية سيكون هناك مشروع لإعادة الإعمار والتنمية والبناء، عبارة عن مشروع مارشال عربي، أسمِّيه أنا مشروع سلمان التطويري لليمن»، وأقرَّ بأن البنية التحتية في بلاده كانت متهالكة أصلاً وغير فاعلة، متهماً الرئيس السابق بأنه «لم يعمل خلال 33 سنة حكم فيها على إنشاء بنية تحتية قوية، ثم أكمل الهدم خلال الأيام هذه بمساعدة الحوثيون». وتوقَّع أن تكون %95 من البنية التحتية دُمِّرَت بسبب المتمردين، لافتاً في الوقت نفسه إلى اعتقاده بأن الآلاف منهم (الحوثيين وقوات صالح) قُتِلوا منذ بدء «عاصفة الحزم». و«مارشال» اسمٌ لمشروع اقتصادي ضخم وضعه مسؤولون أمريكيون خلال الحرب العالمية الثانية لإعادة إعمار أوروبا بعد انتهاء الحرب، وساهم المشروع في إعادة تشغيل الاقتصاد الأوروبي بتكلفة 12.9925 مليار دولار أمريكي. وفي الرياض؛ استقبل نائب الرئيس هادي؛ خالد محفوظ بحاح، مجموعة من أبناء قبائل نعمان اليمنية تقدَّمهم الشيخ عمر بن صالح بلبحيث. وأعلن بلبحيث، خلال اللقاء، تأييد قبائل نعمان ل «عاصفة الحزم» والشرعية الدستورية المتمثلة في الرئيس ونائبه، وأعلنوا استعدادهم للمشاركة في أعمال المقاومة دفاعاً عن أرض الوطن.