عادة يلعب الإعلام دوراً كبيراً في توضيح الحقائق، والجوانب، والسياسات التي تنفذها الدولة، ويكون الإعلام هو المساند لأي عملية تقودها الدولة سواء في الداخل، أو الخارج، لأنه يُعدُّ الذراع الرئيسة في نشر الأخبار والمعلومات، وشرحها وتوضيحها، وإعادتها مرات عدة حتى تترسَّخ في أذهان الجميع، ولذلك يقع على الإعلام مسؤوليات وأعباء كبيرة أثناء تأديته رسالته. مرَّ علينا أكثر من أسبوعين على بداية عاصفة الحزم، التي تهدف إلى إعادة الشرعية في اليمن، وضرب الميليشيات الحوثية، وأتباعهم هناك. والمملكة تقود تحالفاً عربياً وإسلامياً ضد تلك الميليشيات، التي سلبت الشرعية بقوة السلاح عندما دخلت صنعاء قبل عدة أشهر، وعادة يبرز الإعلام حسب أقسامه المرئي، والمقروء، والمسموع في تغطية أي حدث بالشكل الذي يفرضه الواقع، باستثناء وسائط التواصل الاجتماعي، التي تُعدُّ إعلاماً منفرداً وحراً، كلٌّ حسب توجهه، وأفكاره المستقلة، وفي المقابل يظهر الإعلام المضاد لنا محاولاً عكس الحقائق، وترويج الأكاذيب الباطلة عن عمليات عاصفة الحزم من خلال قنواته الخاصة به، وتجده يستغل كل شيء حتى يصل إلى مراده، ونقول له إن شعب المملكة لا تغيب عنه هذه الألاعيب، والأكاذيب، وأصبحت أغلب تلك القنوات مفضوحة، وغير مصدقة، وغير مُتابعة من الأغلبية. المتابع لإعلامنا منذ بداية عمليات عاصفة الحزم قد يشعر أن هنالك قصوراً في الإعلام الموجه إلى الداخل والخارج، خاصة في إيضاح حقيقة موقف المملكة من هذه العمليات، وأنها دولة لا تريد الحرب، وليست من دعاة الحرب منذ تأسيسها، حيث عُرف عن المملكة التأنِّي في اتخاذ القرارات، وأنها دائماً تعطي مجالاً للحوار وإنهاء القضايا بالطرق السلمية، وهذه المسؤولية تقع على جميع أطياف الطبقة المثقفة بمختلف توجهاتها الفكرية والمذهبية، كذلك لابد أن يعلم الجميع، خاصة الشعب اليمني، أن المملكة لا تحارب اليمن، ولا شعبه، إنما تحارب الميليشيات الحوثية لإعادة الشرعية المسلوبة بقوة السلاح، كذلك تلبية النداءات والاستغاثة من الرئيس اليمني، ومن القوى اليمنية السياسية والقبلية، المعادية لفكر الحوثيين وخطرهم. الإعلام يشكِّل الرقم الصعب في أي عملية، وكان في ودي لو أن وزارة الثقافة والإعلام شكَّلت لجاناً إعلامية على أعلى مستوى مهني من خلال مركز إعلامي، يعمل على مدار الساعة، ويتم في هذا المركز توزيع الأدوار بين الإعلاميين في العمل والظهور الإعلامي المحلي، والعربي، والدولي، كذلك السعي لاستقطاب المتخصصين، والمتحدثين للظهور الإعلامي عبر الفضائيات العربية والأجنبية، خاصة التي تستضيف عدة ضيوف، ومن أطياف متنوعة، ومن جنسيات مختلفة، قد يكون فكرهم معادياً للمملكة، لأن أيَّاً من هذه الحوارات قد تكون محسوبة على الإعلام السعودي، خاصة في مثل هذه الأوقات التي يتربص بنا فيها كل عدو سواء كان ذلك عبر الفضائيات، أو وسائط التواصل الاجتماعي، محاولة منهم تقويضَ المجتمع، وإضعاف لحمته الوطنية المتماسكة، ومع الأسف، لدينا بعض الشخصيات الذين يعدون أنفسهم قادرين على التحدث في أي مجال سياسي، أو اجتماعي، أو اقتصادي، وقد تستغلهم تلك القنوات المعادية أثناء تحدثهم في برامجها الحوارية من خلال طرح الأسئلة الدقيقة التي قد لا يستطيع كل متحدث الإجابة عن تلك الاسئلة إجابة وافية ودقيقة، وهذا يُعدُّ خطأ مهنياً كبيراً، لأن الحديث في مجال التخصص قد يغنيك من الوقوع في الأخطاء والزلات. لذا من المفترض أن وزارة الثقافة والإعلام قد قنَّنت الظهور الإعلامي في القنوات العربية والأجنبية لغير المتخصصين في القضايا السياسية، وأبعادها ومفهومها، لأن ذلك قد يُعرِّض موقف المملكة لإحراج مع الإعلام الغربي والمعادي، خاصة من قِبل مَنْ هم غير قادرين على مجاراة الآخرين في الطرح، والتحليل، والرد عبر الظهور الإعلامي في الفضائيات الأجنبية، أو العربية، ولعل ظهوره يقتصر على الفضائيات المحلية فقط، وإذا عززنا الاهتمام بهذا الجانب فسنشاهد، ونسمع إعلاماً قوياً ومتمكناً، يستطيع الرد على الأطروحات الزائفة والمغرضة والمتربصة ببلادنا لحساب جهات معروفة بعدائيتها للمملكة. ختاماً نقول إن مثل هذه الأحداث تُشكِّل أيضاً امتحاناً لوسائلنا الإعلامية، ويمكن القول إن دولة مثل المملكة في حاجة إلى ما هو أكثر من أصوات، واجتهادات فردية فقط عند الأزمات، بل هي في حاجة إلى بناء منظومة مؤسسية إعلامية، يمكن لها فعلاً أن تتحمَّل مسؤولية التعبير الصادق والحقيقي عن دولة تمثل قيادة العالم العربي والإسلامي بقدرات حقيقية، تعتمد على نخبة من الشباب المؤهل.