المتأمل لِلافتات شوارعنا يجد أن أغلبيتها تتزين بصور وأسماء الوجبات والمطاعم، وما المجمعات التجارية عنها ببعيد، حتى أصبحت بطون البشر مرهونة بتلك المحال والمطاعم التي نادراً ما يخلو أي شارع منها. ومع كثرة الزحام والتعثر بها، أصبحنا نفتقد مواقع المكتبات العامة والكتب والثقافة والأدب. وهذا ما يبرهن الحقيقة السائدة اليوم حول تغذية البطون ونسيان العقول. حقيقة جعلت منهم طاقة سلبية واستهلاكية مع غياب تنوير العقل وغذاء الروح، الذي أصبح يفتقد له أفراد مجتمعاتنا المحلية وربما العربية أيضا. حيث إن المجتمع السعودي بكل أفراده فقير لثقافة المجالس الأدبية والصالونات الثقافية، التي أصبحت مقتصرة على النخبة فقط. كما أصبحنا لا نرى في مدننا وأحيائنا أيضاً تلك المكتبات التنويرية التي تهدف لنشر الكتاب، وجذب المجتمع لثقافة القراءة، وهذا لا يقتصر على مدينة دون أخرى، بل في اعتقادي بأنها في جميع مدن المملكة. وكما ذكرت بأن المكتبات اليوم والصالونات الثقافية أصبحت مقتصرة على فئة معينة من المثقفين والأدباء الراغبين في ذلك، بينما لو تم فرض المكتبات بكل علومها على عامة الناس وفتحت في كافة الأحياء، وقاموا بترغيب الأفراد لزيارتها واستعارة الكتب وعمل ملصقات في الشوارع شبيهة لتلك التي تجعل الفرد يفكر فقط في «معدته»، وتم حث الناس من خلال تلك الإعلانات لزيارة المكتبات، سنجد بأن الحراك الثقافي في أحيائنا بدأ يتغير، وانتقل التركيز من مغريات الحياة وملذاتها، ليتحول مع الوقت رغبة لدى كل فرد في التزود بشتى العلوم، ويمتلك محصلة ثقافية وفكرية ما يكفيه للارتقاء بذاته.