يعتقد البعض أن مجرد الحصول على كتاب يستغني بذلك عن المكتبة، و يرى كثير ممن بدأ يتعامل مع التقنية الحديثة أن أجهزة الحاسب المكتبية أو المحمولة تغني عن المكتبات، إذا فزمن التوجه إلى المكتبة و البحث عن كتاب معين ثم قراءته في مكان مخصص للقراءة أو أحسن الأحوال استعارته وقراءته في البيت قد انتهى، فألوف الكتب متوفرة سواء بنسخة إلكترونية أو صور لأصل الكتاب، أقول اتفق بأن الكتاب أصبح متاحاً، والوصول إلى المعلومة أصبح أيسر وأسرع وأسهل من السابق، ولكن على الرغم من كل ذلك تبقى المكتبة العامة مهمة لعدة أسباب، ففي البدء تحول مفهوم المكتبة من قاعة للقراءة إلى موقع يحفز على اكتساب المعرفة من خلال تعدد قنوات المعلومات، فليست الكتب فقط هي المتاحة في المكتبة ولكن هنالك قواعد المعلومات المختلفة والتي ليس بمقدور الفرد الاشتراك بها، ومن المفترض في المكتبة الحديثة أن تستقبل كل طوائف المجتمع، ووفق قدراتهم العلمية والجسدية، حيث نتفق أن هنالك مكتبات لذوي الاحتياجات الخاصة، لذا لا بد من إتاحة مكان لهم سواء عبر الوسائل السمعبصرية أو أجهزة الحاسب، و حتما قد شاهدنا من خلال زيارات المكتبات العالمية أو ما تعرضه الفضائيات من أفلام، تلك المساحات المخصصة للأطفال في المكتبات العامة منذ سنواتهم الأولى. واعتقد أن المكتبة المنزلية لا تغني مطلقاً عن المكتبة العامة، فليس كل فرد لديه القدرة على شراء كل كتاب يعجبه، بل إن المكتبة العامة توجد سلوكا جديدا لدى الناس وهو ما هو متبع في أغلب دول العالم ، فربما بلدنا هو الوحيد الذي توجد فيه مكتبات خاصة متشابهة، فكل الباحثين أو هواة القراءة لديهم من المصادر والمراجع وأمهات الكتب المكررة، والتي قد كلفتهم الكثير من المال لاقتنائها على الرغم من أن احتياجهم لتلك الكتب غير متكرر ، بل في حالات خاصة ، ولو وجدت المكتبة العامة القريبة والمشجعة لارتيادها، لأصبح كل باحث في غنى عن تلك الكتب التي تأخذ حيزا كبيراً، وقد تكلف الكثير، أمر آخر يتعلق بالدوريات اليومية والأسبوعية والشهرية والفصلية، من المفترض أن يكون هنالك حيز للدوريات في كل مكتبة، ومن ثم يكون هنالك اشتراك بأهم الدوريات والتي قد لا تتوفر في المكتبات التجارية، مثلا الدوريات التي تصدرها الأندية الأدبية، فيستفيد قراء المكتبة من الاطلاع على تلك الدوريات ومن ثم تصوير ما يحتاجونه من مقالات أو مواضيع. سيبقى السؤال معلقاً .. لماذا المكتبات العامة.. سنوات حتى تنتشر في المدن والأحياء، وبكل تأكيد سيتغير السؤال إلى لماذا تأخر الاهتمام بالمكتبات العامة، فعندما يكون الاهتمام بالمكتبة، وتفعّل ثقافياً، سيكون هنالك الحوار ، والمتابعة، و بكل تأكيد سنجد الإبداع الحقيقي.