تهدد الخلافات بين أجنحة حزب حركة نداء تونس الذي يقود الحكومة الائتلافية بحدوث انقسامات من شأنها أن تضع المشروع السياسي الذي تقدَّم به في انتخابات 2014 على المحك. وبدأت بوادر الخلاف مع تعطل انتخابات المكتب السياسي للحزب التي كانت مقررة منذ يوم 8 مارس الجاري ولكنها في نفس الوقت تخفي صراعاً على المناصب والمشاركة في القرار. وترتبط الخلافات أيضاً بتركيبة المكتب السياسي وتمثيلية الهياكل فيه بين الهيئة التأسيسية والمكتب التنفيذي والكتلة البرلمانية والمنسقين الجهويين للحزب. وتعمقت الخلافات مع تواتر اتهامات متبادلة بين شقين متنافسين داخل الحزب، إذ اتهم القيادي لزهر العكرمي الشق المناصر لحافظ قايد السبسي نجل الرئيس المستقيل للحزب ورئيس الدولة الباجي قايد السبسي، بالهيمنة على الحزب ونزعته إلى التوريث. ويطالب العكرمي وقياديون آخرون بعقد مؤتمر عاجل لانتخاب المكتب السياسي وقطع الطريق عن نزعة الهيمنة والتوريث. وعقد الشق المعارض الذي يتزعمه حافظ قايد السبسي مؤتمره الوطني أمس بدعوى تصحيح مسار الحزب والبحث عن حلول للأزمة التي تعصف بالنداء وسط حضور المئات من الأعضاء والمنخرطين. ويأتي الاجتماع رغم تحذير الهيئة التأسيسية الحالية التي يترأسها بالنيابة رئيس البرلمان محمد الناصر وأمين عام الحزب الطيب البكوش، من أن أي مؤتمر يدعو له الشق المعارض هو غير قانوني. وقالت الهيئة التأسيسية، في بيان لها، إن المؤتمر يعتبر عملاً موازياً خارجاً عن القرار الحزبي الشرعي وخطيراً على وحدة الحركة ودعت أعضاء الحزب ومنخرطيه إلى تغليب مصلحة الحزب المرتبطة بمصلحة البلاد. وتعتبر الأزمة الحالية الأخطر التي يواجهها الحزب منذ فوزه المزدوج بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014. وقال أمين عام الحزب الطيب البكوش إن أطرافاً خارجية تدفع نحو تأجيج الأزمة داخل نداء تونس خدمة لأجندات محددة ومعلومة. وكان 64 نائباً من بين الكتلة النيابية للحزب وهي الأكبر في البرلمان وتحتل 86 مقعداً، قد أصدروا بياناً أعلنوا فيه عن مقاطعتهم قرارات الهيئة التأسيسية الحالية، كما طالبوها بحل نفسها لعجزها عن إدارة الأزمة الخطيرة التي تردَّى فيها الحزب. وتأسس الحزب في يونيو عام 2012 برئاسة الباجي قايد السبسي لمنع هيمنة حزب حركة النهضة الإسلامية على المشهد السياسي في البلاد إثر فوزه الساحق في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عقب ثورة عام 2011. ونجح نداء تونس عبر خليط من القيادات اليسارية والنقابية ومن أعضاء الحزب الحاكم للنظام السابق التجمع الدستوري المنحل بحكم قضائي، في اكتساح أول انتخابات يخوضها وقيادة حكومة ائتلافية. ويقدم الحزب نفسه على أنه حامي النموذج المجتمعي في تونس الذي تأسس منذ بناء دولة الاستقلال في منتصف القرن الماضي. وفي محاولة لرأب الصدع، قالت الهيئة التأسيسية في بيانها أمس إنها ستستجيب لطلبات توسيع المشاركة في القرار داخل الحزب والإسراع بعقد مؤتمر تأسيسي وضمان التوازن داخل المؤسسات من خلال مجلس وطني يعقد في 19 أبريل المقبل.