تهدد الخلافات بين أجنحة حزب حركة نداء تونس الذي يقود الحكومة الائتلافية بحدوث انقسامات من شأنها أن تضع المشروع السياسي الذي تقدم به في انتخابات 2014 على المحك. وبدأت بوادر الخلاف مع تعطل انتخابات المكتب السياسي للحزب والذي كان مقررا منذ يوم 8 مارس الجاري، ولكنها في نفس الوقت تخفي صراعا على المناصب والمشاركة في القرار. وترتبط الخلافات أيضا بتركيبة المكتب السياسي وتمثيلية الهياكل فيه بين الهيئة التأسيسية والمكتب التنفيذي والكتلة البرلمانية والمنسقين الجهويين للحزب. وتعمقت الخلافات مع تواتر اتهامات متبادلة بين شقين متنافسين داخل الحزب، اذ اتهم القيادي لزهر العكرمي الشق المناصر لحافظ قايد السبسي نجل الرئيس المستقيل للحزب، ورئيس الدولة الباجي قايد السبسي، بالهيمنة على الحزب ونزعته الى التوريث. ويطالب العكرمي وقياديون آخرون بعقد مؤتمر عاجل لانتخاب المكتب السياسي وقطع الطريق عن نزعة الهيمنة والتوريث. وعقد الشق المعارض الذي يتزعمه حافظ قايد السبسي مؤتمره الوطني السبت بدعوى تصحيح مسار الحزب والبحث عن حلول للأزمة التي تعصف بالنداء وسط حضور المئات من الأعضاء والمنخرطين. ويأتي الاجتماع رغم تحذير الهيئة التأسيسية الحالية والتي يترأسها بالنيابة رئيس البرلمان محمد الناصر وأمين عام الحزب الطيب البكوش من ان أي مؤتمر يدعو له الشق المعارض هو غير قانوني.وقالت الهيئة التأسيسية، في بيان لها، إن المؤتمر يعتبر عملا موازيا خارجا عن القرار الحزبي الشرعي وخطيرا على وحدة الحركة ودعت اعضاء الحزب ومنخرطيه الى تغليب مصلحة الحزب المرتبطة بمصلحة البلاد. والجمعة قال القيادي بحزب حركة نداء تونس وعضو الهيئة التأسيسية للحزب محسن مرزوق إن «ما يمر به الحزب صعب وتوجد تحقيقات جارية حول وجود تدخل خارجي لزعزعة استقرار الحزب».وأضاف مرزوق، خلال مؤتمر صحفي عقده الحزب، الجمعة بتونس العاصمة، «إن حركة نداء تونس تمر بفترة صعبة وبمخاض». في المقابل استبعد مرزوق أن «تؤثر هذه الأزمة في حركة نداء تونس»، وتابع: «إن الحزب وقياداته متماسكون ونرفض الشوشرة على عمل الحزب». كما نفى محسن مرزوق أن «يعقد غداً مجلس وطني لحركة نداء تونس». وأضاف إن «ما سيعقد غداً لا صفة له، والهيئة التأسيسية لم تدع إلى أي اجتماع، وإن أعضاء الهيئة المؤسسة دعوا قيادات الحزب لعدم المشاركة وعدم تلبية هذه الدعوة». وتعتبر الأزمة الحالية الأخطر التي يواجهها الحزب منذ فوزه المزدوج بالانتخابات التشريعية والرئاسية في 2014. وقال أمين عام الحزب الطيب البكوش إن أطرافا خارجية تدفع نحو تأجيج الأزمة داخل نداء تونس خدمة لأجندات محددة ومعلومة. وكان 64 نائبا من بين الكتلة النيابية للحزب وهي الأكبر في البرلمان وتحتل 86 مقعدا قد أصدروا بيانا اعلنوا فيه عن مقاطعتهم لقرارات الهيئة التأسيسية الحالية كما طالبوها بحل نفسها لعجزها عن إدارة الأزمة الخطيرة التي تردى فيها الحزب. وتأسس الحزب في يونيو عام 2012 برئاسة الباجي قايد السبسي لمنع هيمنة حزب حركة النهضة الاسلامية على المشهد السياسي في البلاد اثر فوزه الساحق في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي عقب ثورة عام 2011.ونجح نداء تونس عبر خليط من القياديات اليسارية والنقابية ومن أعضاء الحزب الحاكم للنظام السابق التجمع الدستوري المنحل بحكم قضائي، في اكتساح أول انتخابات يخوضها وقيادة حكومة ائتلافية. ويقدم الحزب نفسه على انه حامي النموذج المجتمعي في تونس والذي تأسس منذ بناء دولة الاستقلال في منتصف القرن الماضي. لكن المحلل السياسي صلاح الدين الجورشي قال ان الأزمة الحالية داخل النداء تهدد بانهيار المشروع السياسي والمجتمعي برمته. وفي محاولة لرأب الصدع قالت الهيئة التأسيسية في بيانها امس انها ستستجيب لطلبات توسيع المشاركة في القرار داخل الحزب والإسراع بعقد مؤتمر تأسيسي وضمان التوازن داخل المؤسسات من خلال مجلس وطني يعقد في 19 ابريل المقبل. انسحاب وفي تطور متصل، عقد رجال الأعمال التونسي شفيق جراية، المنسحب من «نداء تونس» مؤتمراً صحفياً، حمّل فيه وزارة الداخلية المسؤولية عن تسريب وثائق تنصت على مكالمته الشخصية، معتبراً ذلك يأتي في إطار محاولة لتشويهه. وأضاف جراية «إنهم يحاولون تشويهي بكل الأشكال الممكنة، وآخر الاتهامات المنسوبة لي هي التخابر مع رئيس حزب الوطن الليبي عبدالحكيم بلحاج لتفكيك حزب نداء تونس أولاً، ومن ثم تقويض الأمن القومي لتونس». وفيما يتعلّق ب«نداء تونس» أوضح جراية «أنه لم يمض سوى 15 يوماً على انخراطه في الحزب، وأنه قام قبل يومين بالانسحاب منه، وهو براء مما نسب إليه من محاولة لتفكيك الحزب». وفي المقابل، قال النّاطق باسم الدّاخلية التونسية محمد علي العروي، إن «الوزارة لا رأي لها فيما يتعلق بتصريحات شفيق الجراية».