أرجع الدكتور سعيد السريحي تأخر النقد في متابعة تجربة الشاعر محمد الثبيتي إلى ضعف الأدوات النقدية لدى النقاد، إذ لم تكن تلك الأدوات -كما قال- كفواً لمتابعة شعر الثبيتي. وقال السريحي في محاضرة ألقاها في مجلس ألمع الثقافي مساء أمس الأول، عن «تجربة محمد الثبيتي الشعرية»، وأدارها الكاتب محمد البريدي: إنَّ بين الحلم والوهم تعالقاً مبكراً في تجربة الثبيتي يمكن ملامسته في ديوانه الأول «عاشقة الزمن الوردي»، معتبراً الوهم الذي وظَّفه الثبيتي في شعره كثيراً بمنزلة الحامي للحلم من الضياع، مشيراً إلى أن قصائده أظهرت أنَّ بين الحلم والوهم تعالقاً مبكراً، فالحلم كشفٌ لحجاب العقل في النوم، والوهم انكشاف لنفس الحلم. وأضاف إنَّ الوهم والحلم عالمان ينفتح كل منهما على الآخر، ويفسحان المجال لتأسيس لغة جديدة في شعر الثبيتي. وأوضح أنَّ العالم الشعري في الديوان الثاني «تهجيت حلماً تهجيت وهماً» يتخلَّق من عالم رجراج، يحتفي بعناصر الخلق وطينته الأولى، لافتاً إلى أن «الرمل» تكرَّر 13 مرة في هذا الديوان، يقلِّبه الشاعر على أكثر من وجه، فله صوت وذاكرة ولغة وأحرف. وقال: هذا الاحتفاء بالرمل يحيل إليه الثبيتي في ديوانيه الثالث والرابع. وتابع قائلاً: نحن أمام مفاتيح تتمثل في «التهجي، الحلم، الليل، الرمل»، ولو توقفنا عندها في الديوان الثاني، لأصبح بإمكاننا أن نجد العوالم الخفيَّة التي يطرقها الثبيتي في شعره. وقال: إنَّنا أمام جزئيات كانت تشكِّل إرباكاً لنا كمحبين لشعر الثبيتي وتشكِّل لخصوم التجربة ما يمكن أن يكون شماتة كقول الثبيتي «هبطت زنجية شقراء» في إحدى قصائده، لأننا لم ندرك وقتها أننا أمام لغة تخلق عوالم جديدة، فالثبيتي لا يستخدم لغة واصفة، بل يُخلِّق كياناً قائماً في التجربة ذاتها، لغة تبحث في معنى التركيب.