استهل الناقد الدكتور سعيد السريحي محاضرته مساء أول أمس في مجلس ألمع الثقافي بمحافظة رجال ألمع، عن تجربة الشاعر محمد الثبيتي، وأدارها الكاتب محمد البريدي بكلمة وفاء للشاعر الدكتور زاهر الألمعي، حينما أهداه ديوانه الأول "الألمعيات"، ورسالته التي عدها الدكتور السريحي لمسة وفاء لخدمة الشعر والأدباء في الوطن قبل أكثر من أربعين سنة، ثم بدأ السريحي بمقدمة ديوان الثبيتي الأول "عاشقة الزمن الوردي" باعتبارها تورطًا في اقتحام مجاهل الشعر، كاشفًا بأن هذا الديوان يحمل التوتر الذي يجعل علاقة الشاعر بالشعر علاقة قتل وبعث "هنا أقتل الشعر عند الغروب، وأبعثه حين يأتي السحر"، ويشمل بعض القصائد الحبلى بالألم بكل ما فيها من محاسن وأخطاء، بعضها ينتمي للشعر العمودي والآخر للحر، وأن هذا الديوان لم يحتمل بعض القصائد لكونها ولادة فجة ينقصها الانصهار في عمق الجرح ودماء الورد، وعرج المحاضر على ديواني "التضاريس" و"موقف الرمال"، مشيرًا بأن رؤية الشاعر للغة باعتبار ما لها من وجود كوني شامل يجعل للنهر وللبروق وللمدلجين بوادي الخوف لغة، ويصبح الصمت لغة شاهقة، مبينًا أربع سنوات فصلت الشاعر بين تجربتين تنتميان لأفقين شعريين متباينين أصدر خلالها الثبيتي ديوان "تهجيت حلمًا تهجيت وهماً"، وهذا الديوان كان يشكل قطيعة بين الشاعر وتجربته في ديوانه الأول، موضحًا بأن بين الحلم والوهم تعالقا مبكرا يمكن لنا أن نلمسه في ديوان عاشقة الزمن الوردي، حيث يأتي ذلك المخاطب المجهول، والذي لا يستبعد أن يرى فيه الشاعر نفسه حين يجردها مخاطبًا إياها باعتبارها وهمًا وعطرًا وغيمة ونورًا يحمي الحلم من الضياع، وأردف السريحي إلى أن الرمل لا يلبث أن يتألق في عنوان الديوان الرابع "موقف الرمال" وإذا كان الرمل قد حظي بهذا الحضور انطلاقًا مما له من ميزة تجعله قابلاً أن يكون حاملاً للأثر قابلاً للكتابة عيه وقراءة ما تم رسمه أو خطه فوقه حتى أصبح على الرمل بابًا من أبواب السحر، كما أن حضور الليل في ديوان: تهجيت حلمًا تهجيت وهمًا وذلك في تكراره 19 مرة، بل يتجاوز ذلك بما يتخذه من تشكلات تجعل له وجوهًا كالمرايا، وتجعله قادرًا على أن ينحت وجهًا ويعلق أغنية، والاحتفاء بالليل امتداد للاحتفاء بالحلم، ليس باعتباره وقتا للنوم، حيث يقوم عالم الحلم وإنما باعتبار الليل انكشافا لعوالم يحجبها ضوء النهار، وفي نهاية المحاضرة أثنى أمين المجلس إبراهيم الألمعي على تلبية السريحي لدعوة المجلس، ثم انتقل الجميع بعد ذلك إلى جلسة الموروث، حيث شارك الشاعر الشعبي أحمد المنجحي باستعراض بعض الألحان من الفلكلور الشعبي.