السياحة فكرة جميلة وحق إنساني مشروع يمارسه الشخص من فترة لأخرى لأغراضه المختلفة من دينية إلى علاجية أو ترويحية عن النفس بعد عناء العمل. الثقافة هي مجموع تلك المعارف التي اكتسبها الإنسان قراءة وممارسة، ومزج تلك المكونات في عقلية نشطة لتحلل وتقارن وتعيد صياغة مجموع المعرفة لتقدمها للعقل الجمعي. محاولة ربط السياحة بالثقافة مشروع نوراني يستحق الحديث عنه وإبرازه عبر وسائل الإعلام. وقد كانت هناك مبادرة جميلة من الفاعلين في نادي جدة الأدبي لتثقيف السائح عبر كتيب جميل ربما لا يتجاوز العشر صفحات عبر برنامج (إثراء)، الذي يتم توزيعه على السياح القادمين للساحل الغربي عبر مطار الملك عبدالعزيز الذي يعتبر بوابة للزائرين، وقد بدأ هذا المشروع في الصيف قبل الماضي. المثاقفة فعل إنساني حضاري وهو نتيجة لتلاقح الأفكار ولن نغوص طويلا في مفهوم المثاقفة ولكن برأيي أن هذا المشروع الطموح يعبر نوعا ما عن هذا المفهوم وإن كان بشكل مبسط. (السائح المثقف) فكرة وُلدت من رحم عصف فكري يدور في أذهان المهتمين في نادي جدة الأدبي، ويحمل هم هذا الملف الوطني تثقيف السائح الذي لا يزال في بداياته، عبدالرحمن السلمي بدعم من رئيس مجلس إدارة النادي السابق عبدالمحسن القحطاني والحالي عبدالله السلمي. يبرز (إثراء) تعامل السائح مع المكان وجماليات الجغرافيا من خلال السائح المثقف وعلاقته بالمكان وإبراز الأمكنة التي يمكن أن يوجد فيها والأكثر استحقاقا لقضاء وقته. يثري المعرفة أيضا من خلال علاقة السائح بالثقافات الأخرى والتعامل مع الآخرين في البيع والشراء وثقافة التسوق، وكيف يكون السائح خير سفير لبلاده من خلال منظومة القيم وأخلاق السفر. يفترض المشروع الحلم في السائح أنه مثقف في الأصل أو قارئ جيد ويلفت انتباهه إلى ذلك في حال انشغالاته بيوميات الحياة حين تصل به الخطى إلى صالات مطار جدة. يشرح «إثراء» بشكل جميل ومبسط علاقة السائح بالنظام في قواعد مبسطة لتنوير عقلية السائح بهذا الشأن، وتلك جزئية غير مسبوقة في حال العمل على تطوير فكرتها كي تخاطب تثقيف السائح نظامياً بطريقة تجذبه إليها ومحببة للنفس. المجلس البلدي كان له تعاون جميل وإن كان غير كافٍ مع النادي بهذا الشأن ويشكر عليه. هذا الصيف لم يكن هناك السائح المثقف، ولم نرَ (إثراء) رغم جمال الفكرة الحلم لكثرة البرامج وتعددها وتميزها وقلة الإمكانيات المادية والكوادر البشرية وتقاعس كثير من الفاعلين في المشهد الأدبي والثقافي عن استمرار التواصل مع هذا النادي الاستثنائي والمميز بجهود رجالاته الأوفياء للأدب والثقافة. من هنا وعبر «الشرق» السباقة دوماً لدعم هذه المبادرات، أتقدم لهيئة السياحة متمثلة في أميرها النشط سلطان بن سلمان والفاعلين في المشهد السياحي من حوله بمد يد العون والتواصل الإيجابي نحو «إثراء» حتى يعود مجدداً ومتجدداً هذه المرة ليس فقط بكتيب من عشر صفحات بل وبحقيبة كتب تقدَّم في فترة كل صيف إلى زوار عروس البحر الأحمر التي نعشقها جميعاً، ولا يساورني شك في عقلية الأمير المستنير ومن حوله في الرغبة في تطوير المشهد السياحي وخدمة مفهوم السياحة والدعاية للوطن من أجل ربط السياحة بالثقافة وضخ الروح في جسد المشروع الوليد إثراء للمشهد. شكراً نادي جدة الأدبي نساء ورجالاً.